( 7135 ) الفصل الثاني : أنه يجلد ، ثم يرجم ، في إحدى الروايتين ، فعل ذلك  علي  رضي الله عنه . وبه قال  ابن عباس  ،  وأبي بن كعب  ،  وأبو ذر    . ذكر ذلك عبد العزيز  عنهما ، واختاره . وبه قال الحسن  ، وإسحاق  ،  وداود  ،  وابن المنذر    . والرواية الثانية ، يرجم ولا يجلد . روي عن  عمر   وعثمان    ; أنهما رجما ولم يجلدا . 
وروي عن  ابن مسعود  ، أنه قال : إذا اجتمع حدان لله تعالى ، فيهما القتل أحاط القتل بذلك . وبهذا قال  النخعي  ، والزهري  ، والأوزاعي  ،  ومالك  ،  والشافعي  ،  وأبو ثور  ، وأصحاب الرأي . واختار هذا أبو إسحاق الجوزجاني  ،  وأبو بكر الأثرم    . ونصراه في " سننهما " ; لأن  جابرا  روى ، أن { النبي صلى الله عليه وسلم رجم ماعزا  ولم يجلده ، ورجم الغامدية  ولم يجلدها . وقال : واغد يا أنيس  إلى امرأة هذا ، فإن اعترفت فارجمها .   } متفق عليه . ولم يأمره بجلدها ، وكان هذا آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فوجب تقديمه . 
قال  الأثرم :   [ ص: 41 ] سمعت  أبا عبد الله  ، يقول في حديث  عبادة    : إنه أول حد نزل ، وإن حديث ماعز  بعده ، رجمه رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يجلده ،  وعمر  رجم ولم يجلد . ونقل عنه إسماعيل بن سعيد  نحو هذا . ولأنه حد فيه قتل ، فلم يجتمع معه جلد كالردة ، ولأن الحدود إذا اجتمعت وفيها قتل سقط ما سواه ، فالحد أولى . ووجه الرواية قوله تعالى : { الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة    } . وهذا عام ، ثم جاءت السنة بالرجم في حق الثيب ، والتغريب في حق البكر فوجب الجمع بينهما . وإلى هذا أشار  علي  رضي الله عنه بقوله : جلدتها بكتاب الله ، ورجمتها بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم . 
وقد صرح النبي صلى الله عليه وسلم بقوله في حديث  عبادة    : { والثيب بالثيب ، الجلد والرجم   } . وهذا الصريح الثابت بيقين لا يترك إلا بمثله ، والأحاديث الباقية ليست صريحة ، فإنه ذكر الرجم ولم يذكر الجلد ، فلا يعارض به الصريح ، بدليل أن التغريب يجب بذكره في هذا الحديث ، وليس بمذكور في الآية ، ولأنه زان فيجلد كالبكر ، ولأنه قد شرع في حق البكر عقوبتان ; الجلد والتغريب ، فيشرع في حق المحصن أيضا عقوبتان ; الجلد ، والرجم  ، فيكون الرجم مكان التغريب . فعلى هذه الرواية ، يبدأ بالجلد أولا ، ثم يرجم ، فإن والى بينهما جاز ، لأن إتلافه مقصود ، فلا تضر الموالاة بينهما ، وإن جلده يوما ورجمه آخر ، جاز ، فإن  عليا  رضي الله عنه جلد شراحة  يوم الخميس ، ثم رجمها يوم الجمعة ، ثم قال : جلدتها بكتاب الله تعالى ، ورجمتها بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم . 
				
						
						
