وما هند إلا مهرة عربية سليلة أفراس تحللها بغل فإن ولدت مهرا كريما فبالحري
وإن يك أقراف فما أنجب الفحل
واختلفت الرواية عنه في سهمانها ، فقال : تواترت الروايات عن الخلال في سهام البرذون ، أنه سهم واحد . واختاره أبي عبد الله أبو بكر ، ، وهو قول والخرقي الحسن . قال : وروى عنه ثلاثة متيقظون أنه يسهم للبرذون مثل سهم العربي . واختاره الخلال ، وبه قال الخلال ، عمر بن عبد العزيز ، ومالك ، والشافعي ; لأن الله تعالى قال : { والثوري والخيل والبغال } .
وهذه من الخيل ، ولأن الرواة رووا أن النبي صلى الله عليه وسلم أسهم للفرس سهمين ، ولصاحبه سهما . وهذا عام في كل فرس ، ولأنه حيوان ذو سهم ، فاستوى فيه العربي وغيره ، كالآدمي . وحكى أبو بكر ، عن . رحمه الله ، رواية ثالثة ، أن البراذين إن أدركت إدراك العراب ، أسهم لها مثل الفرس [ ص: 202 ] العربي ، وإلا فلا . وهذا قول أحمد ، ابن أبي شيبة وابن أبي خيثمة ، ، وأبي أيوب والجوزجاني ; لأنها من الخيل ، وقد عملت عمل العراب ، فأعطيت سهما كالعربي .
وحكى رواية رابعة أنه لا يسهم لها . وهو قول القاضي ; لأنه حيوان لا يعمل عمل الخيل العراب ، فأشبه البغال . ويحتمل أن تكون هذه الرواية فيما لا يقارب العتاق منها ; لما روى مالك بن عبد الله الخثعمي الجوزجاني ، بإسناده عن أبي موسى ، أنه كتب إلى : إنا وجدنا عمر بن الخطاب بالعراق خيلا عراضا دكنا ، فما ترى يا أمير المؤمنين في سهمانها ؟ فكتب إليه : تلك البراذين ، فما قارب العتاق منها ، فاجعل له سهما واحدا ، وألغ ما سوى ذلك .
ولنا ، ما روى سعيد بإسناده عن أبي الأقمر قال : أغارت الخيل على الشام ، فأدركت العراب من يومها ، وأدركت الكوادن ضحى الغد ، وعلى الخيل رجل من همدان ، يقال له : المنذر بن أبي حميضة ، فقال : لا أجعل الذي أدرك من يومه مثل الذي لم يدرك . ففضل الخيل ، فقال : هبلت الوادعي أمه ، أمضوها على ما قال . ولم يعرف عن الصحابة خلاف هذا القول . وروى عمر مكحول ، أن . رواه النبي صلى الله عليه وسلم أعطى الفرس العربي سهمين ، وأعطى الهجين سهما سعيد أيضا ، ولأن نفع العربي وأثره في الحرب أفضل ، فيكون سهمه أرجح ، كتفاضل من يرضخ له . وأما قولهم : إنه من الخيل . قلنا : والخيل في نفسها تتفاضل ، فتتفاضل سهمانها . وأما قولهم : إن النبي صلى الله عليه وسلم قسم للفرس سهمين ، من غير تفريق . قلنا : هذه قضية في عين ، لا عموم لها ، فيحتمل أنه لم يكن فيها برذون ، وهو الظاهر ، فإنها من خيل العرب ، ولا براذين فيها ، ودل على صحة هذا ، أنهم لما وجدوا البراذين بالعراق ، أشكل عليهم أمرها ، وأن فرض لها سهما واحدا ، وأمضى ما قال عمر المنذر بن أبي حميضة في تفضيل العراب عليها .
ولو كان النبي صلى الله عليه وسلم سوى بينهما ، لم يخف ذلك على ، ولا خالفه ، ولو خالفه لم يسكت الصحابة عن إنكاره عليه ، سيما وابنه هو راوي الخبر ، فكيف يخفى ذلك عليه ، ويحتمل أنه فضل العراب أيضا ، فلم يذكره الراوي ، لغلبة العراب ، وقلة البراذين ، ويدل على صحة هذا التأويل ، خبر عمر الذي رويناه ، وقياسها على الآدمي لا يصح ; لأن العربي منهم لا أثر له في الحرب زيادة على غيره بخلاف العربي من الخيل على غيره . والله أعلم . مكحول