( 7619 ) مسألة ، قال : ( وإذا خلي الأسير منا ، وحلف أن يبعث إليهم بشيء يعينه أو يعود إليهم ، فلم يقدر عليه ، لم يرجع إليهم ) وجملته أن ، نظرت ، فإن أكرهوه بالعذاب ، لم يلزمه الوفاء لهم برجوع ولا فداء ، لأنه مكره فلم يلزمه ما أكره عليه ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم { الأسير إذا خليه الكفار ، واستحلفوه على أن يبعث إليهم بفدائه أو يعود إليهم } وإن لم يكره عليه ، وقدر على الفداء الذي التزمه ، لزمه أداؤه وبهذا قال : عفي لأمتي عن الخطأ والنسيان ، وما استكرهوا عليه ، عطاء والحسن والزهري والنخعي والثوري والأوزاعي .
وقال ، أيضا : لا يلزمه ، لأنه حر لا يستحقون بدله ولنا قول الله تعالى : { الشافعي وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم }
{ ولما صالح النبي صلى الله عليه وسلم أهل الحديبية على رد من جاءه مسلما وفى لهم بذلك . وقال : إنا لا يصلح في ديننا الغدر } ولأن في الوفاء مصلحة للأسارى ، وفي الغدر مفسدة في حقهم ، لأنهم لا يؤمنون بعده ، والحاجة داعية إليه ، فلزمه الوفاء به ، كما يلزمه الوفاء بعقد الهدنة ، ولأنه عاهدهم على أداء مال ، فلزمه الوفاء به ، كثمن المبيع ، والمشروط في عقد الهدنة في موضع يجوز شرطه ، وما ذكروه باطل بما إذا شرط رد من جاءه مسلما ، أو شرط لهم مالا في عقد الهدنة .
فأما إن عجز عن الفداء ، نظرنا ، فإن كان المفادى امرأة ، لم ترجع إليهم ، ولم يحل لها ذلك لقول الله تعالى : { فلا ترجعوهن إلى الكفار } ولأن في رجوعها تسليطا لهم على وطئها حراما ، وقد منع الله تعالى رسوله رد النساء إلى الكفار بعد صلحه على ردهن في قصة الحديبية ، وفيها : فجاء نسوة مؤمنات فنهاهم الله أن يردوهن . رواه أبو داود وغيره
وإن كان رجلا ، ففيه روايتان ، إحداهما ، لا يرجع أيضا ، وهو قول الحسن والنخعي والثوري لأن الرجوع إليهم معصية فلم يلزم بالشرط ، كما لو كان امرأة ، وكما لو شرط قتل مسلم ، أو شرب الخمر . والثانية ، يلزمه . والشافعي
وهو قول عثمان والزهري والأوزاعي لما ذكرنا في بعث الفداء { ومحمد بن سوقة ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قد عاهد قريشا على رد من جاءه مسلما ، ورد أبا بصير وقال : إنا لا يصلح في ديننا الغدر } وفارق رد المرأة ، فإن الله تعالى فرق بينهما في هذا الحكم ، حين صالح النبي صلى الله عليه وسلم قريشا على رد من جاءه منهم مسلما ، فأمضى الله ذلك في الرجال ، ونسخه في النساء ، وقد ذكرنا الفرق بينهما من ثلاثة أوجه تقدمت .