الشرط الثاني ، أن يسمي عند إرسال الجارح ، فإن ترك التسمية عمدا أو سهوا ، لم يبح ، هذا تحقيق المذهب  [ ص: 293 ] وهو قول الشعبي  ،  وأبي ثور   وداود    . 
ونقل  حنبل  ، عن  أحمد  ، إن نسي التسمية على الذبيحة والكلب  ، أبيح . قال  الخلال    : سها  حنبل  في نقله ; فإن في أول مسألته ، إذا نسي وقتل ، لم يأكل . وممن أباح متروك التسمية في النسيان دون العمد  أبو حنيفة   ومالك    ; لقول النبي صلى الله عليه وسلم : { عفي لأمتي عن الخطأ والنسيان   } . ولأن إرسال الجارحة جرى مجرى التذكية ، فعفي عن النسيان فيه ، كالذكاة . 
وعن  أحمد  ، أن التسمية تشترط على إرسال الكلب في العمد والنسيان ، ولا يلزم ذلك في إرسال السهم ; إليه حقيقة ، وليس له اختيار ، فهو بمنزلة السكين ، بخلاف الحيوان ، فإنه يفعل باختياره . وقال  الشافعي    : يباح متروك التسمية عمدا أو سهوا ; لأن  البراء  روى ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { المسلم يذبح على اسم الله سمى أو لم يسم   } . وعن  أبي هريرة  ، رضي الله عنه { أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل فقيل : أرأيت الرجل منا يذبح وينسى أن يسمي الله ؟ فقال : اسم الله في قلب كل مسلم   } . وعن  أحمد  رواية أخرى مثل هذا . 
ولنا ، قوله تعالى : { ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه    } . وقال { فكلوا مما أمسكن عليكم واذكروا اسم الله عليه    } . وقال النبي { إذا أرسلت كلبك ، وسميت ، فكل . قلت أرسل كلبي فأجد معه كلبا آخر ؟ قال : لا تأكل ، فإنك إنما سميت على كلبك ، ولم تسم على الآخر   } متفق عليه . وفي لفظ : " وإذا خالط كلابا لم يذكر اسم الله عليها ، فأمسكن وقتلن ، فلا تأكل " . 
وفي حديث  أبي ثعلبة    : { وما صدت بقوسك ، وذكرت اسم الله عليه ، فكل   } . وهذه نصوص صحيحة لا يعرج على ما خالفها . وقوله : { عفي لأمتي عن الخطأ والنسيان   } . يقتضي نفي الإثم ، لا جعل الشرط المعدوم كالموجود ، بدليل ما لو نسي شرط الصلاة . 
والفرق بين الصيد والذبيحة ، أن الذبح وقع في محله ، فجاز أن يتسامح فيه ، بخلاف الصيد . وأما أحاديث أصحاب  الشافعي  ، فلم يذكرها أصحاب السنن المشهورة ، وإن صحت فهي في الذبيحة ، ولا يصح قياس الصيد عليها ; لما ذكرنا ، مع ما في الصيد من النصوص الخاصة . 
إذا ثبت هذا ، فالتسمية المعتبرة قوله : " بسم الله " . لأن إطلاق التسمية ينصرف إلى ذلك ، وقد ثبت { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا ذبح قال : بسم الله ، والله أكبر   } . وكان  ابن عمر  يقوله . ولا خلاف في أن قوله : " بسم الله " يجزئه . وإن قال : اللهم اغفر لي . لم يكف ; لأن ذلك طلب حاجة . وإن هلل ، أو سبح ، أو كبر ، أو حمد الله تعالى ، احتمل الإجزاء ; لأنه ذكر اسم الله تعالى على وجه التعظيم ، واحتمل المنع ; لأن إطلاق التسمية لا يتناوله . 
وإن ذكر اسم الله تعالى بغير العربية ، أجزأه وإن أحسن العربية ; لأن المقصود ذكر اسم الله ، وهو يحصل بجميع اللغات ، بخلاف التكبير في الصلاة ، فإن المقصود لفظه . وتعتبر التسمية عند الإرسال ; لأنه الفعل الموجود من المرسل ، فتعتبر التسمية عنده ، كما تعتبر عند الذبح من الذابح ، وعند إرسال السهم من الرامي . نص  أحمد  على هذا . 
ولا تشرع الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم مع التسمية في ذبح ولا صيد . وبه قال  الليث    . واختار أبو إسحاق بن شاقلا  استحباب ذلك . وهو قول  الشافعي    ; لقوله صلى الله عليه وسلم : { من صلى علي مرة ، صلى الله عليه عشرا   } . 
وجاء في تفسير قوله تعالى : { ورفعنا لك ذكرك    } . لا أذكر إلا ذكرت معي .  [ ص: 294 ] ولنا ، قوله عليه السلام " موطنان لا أذكر فيهما ; عند الذبيحة ، والعطاس " . رواه  أبو محمد الخلال  بإسناده ، ولأنه إذا ذكر غير الله تعالى أشبه المهل لغير الله . 
				
						
						
