( 8198 ) مسألة ; قال : ( وإذا نذر أن يصوم يوم يقدم فلان ، فقدم يوم فطر ، أو أضحى  ، لم يصمه ، وصام يوما مكانه ، وكفر كفارة يمين ) وجملته أن من نذر أن يصوم يوم يقدم فلان ،  فإن نذره صحيح . 
وهو قول  أبي حنيفة  ، وأحد قولي  الشافعي  ، وقال في الآخر : لا يصح نذره ; لأنه لا يمكن صومه بعد وجود شرطه ، فلم يصح ، كما لو قال : لله علي أن أصوم اليوم الذي قبل اليوم الذي يقدم فيه    . ولنا ، أنه زمن صح فيه صوم التطوع ، فانعقد نذره لصومه ، كما لو أصبح صائما تطوعا ، قال : لله علي أن أصوم يومي . 
وقولهم : لا يمكن صومه . لا يصح فإنه قد يعلم اليوم الذي يقدم فيه قبل قدومه ، فينوي صومه من الليل ، لأنه قد يجب عليه ما لا يمكنه ، كالصبي يبلغ في أثناء يوم من رمضان ، أو الحائض تطهر فيه ، ولا نسلم ما قاسوا عليه ، إذا ثبتت صحته ، ولا يخلو من أقسام خمسة : أحدها ، أن يعلم قدومه من الليل ، فينوي صومه ، ويكون يوما يجوز فيه صوم النذر فيصح صومه ويجزئه ; لأنه وفى بنذره . 
الثاني ، أن يقدم يوم فطر أو أضحى ، فاختلفت الرواية عن  أحمد  ، في هذه المسألة ; فعنه : لا يصومه ، ويقضي ، ويكفر . نقله عن  أحمد  جماعة . وهو قول أكثر أصحابنا ، ومذهب الحكم  ، وحماد    . الرواية الثانية ، يقضي ، ولا كفارة عليه . 
وهو قول الحسن  ، والأوزاعي  ،  وأبي عبيد  ،  وقتادة  ،  وأبي ثور  ، وأحد قولي  الشافعي    ; فإنه فاته الصوم الواجب بالنذر ، فلزمه  [ ص: 81 ] قضاؤه ، كما لو تركه نسيانا ، ولم تلزمه كفارة ; لأن الشرع منعه من صومه ، فهو كالمكره . 
وعن  أحمد  ، رواية ثالثة ، إن صامه صح صومه . وهو مذهب  أبي حنيفة    ; لأنه وفى بما نذر ، فأشبه ما لو نذر معصية ففعلها . ويتخرج أن يكفر من غير قضاء ; لأنه وافق يوما صومه حرام ، فكان موجبه الكفارة ، كما لو نذرت المرأة صوم يوم حيضها    . ويتخرج أن لا يلزمه شيء من كفارة ولا قضاء ; بناء على من نذر المعصية . 
وهذا قول  مالك  ،  والشافعي  في أحد قوليه ; بناء على نذر المعصية . ووجه قول  الخرقي  ، أن النذر ينعقد ; لأنه نذر نذرا يمكن الوفاء به غالبا ، فكان منعقدا كما لو وافق غير يوم العيد ، ولا يجوز أن يصوم يوم العيد ; لأن الشرع حرم صومه ، فأشبه زمن الحيض ، ولزمه القضاء ; لأنه نذر منعقد ، وقد فاته الصيام بالعذر ، ولزمته الكفارة ; لفواته ، كما لو فاته بمرض . 
وإن وافق يوم حيض أو نفاس ، فهو كما لو وافق يوم فطر أو أضحى ، إلا أنه لا يصومه . بغير خلاف في المذهب ، ولا بين أهل العلم . الثالث ، أن يقدم في يوم يصح صومه ، والناذر مفطر ، ففيه روايتان ; إحداهما ، يلزمه القضاء والكفارة ; لأنه نذر صوما نذرا صحيحا ، ولم يف به ، فلزمه القضاء والكفارة ، كسائر المنذورات . ويتخرج أن لا تلزمه كفارة . وهو مذهب  الشافعي    ; لأنه ترك المنذور لعذر . 
والثانية ، لا يلزمه شيء ، من قضاء ولا غيره . وهو قول  أبي يوسف  ، وأصحاب الرأي  وابن المنذر    ; لأنه قدم في زمن لا يصح صومه فيه ، فلم يلزمه شيء ، كما لو قدم ليلا . الرابع ، قدم والناذر صائم ، فلا يخلو من أن يكون تطوعا أو فرضا ; فإن كان تطوعا ، فقال  القاضي    : يصوم بقيته ، ويعقده عن نذره ، ويجزئه ، ولا قضاء ولا كفارة . وهو قول  أبي حنيفة    ; لأنه يمكن صوم يوم بعضه تطوع وبعضه واجب ، كما لو نذر في أثناء التطوع إتمام صوم ذلك اليوم ، وإنما وجد سبب الوجوب في بعضه . 
وذكر  القاضي  احتمالا آخر ، أنه يلزمه القضاء والكفارة ; لأنه صوم واجب ، فلم يصح بنية من النهار ، كقضاء رمضان . وذكر  أبو الخطاب  هذين الاحتمالين روايتين . وعند  الشافعي  عليه القضاء فقط ، كما لو قدم وهو مفطر . ويتخرج لنا مثله . 
وأما إن كان الصوم واجبا ، فحكمه حكم المسألة التي قبل هذه ، وقد ذكرناه . وإن قدم وهو ممسك ، لم ينو الصيام ، ولم يفعل ما يفطره فحكمه حكم الصائم تطوعا . الخامس ، أن يقدم ليلا ، فلا شيء عليه في قولهم جميعا ; لأنه لم يقدم في اليوم ، ولا في وقت يصح فيه الصيام . ( 8199 ) فصل : وإن قال : لله علي صوم يوم العيد    . فهذا نذر معصية ، على ناذره الكفارة لا غير . نقلها  حنبل  عن  أحمد    . وفيه رواية أخرى ، أن عليه القضاء مع الكفارة ، كالمسألة المذكورة . والأولى هي الصحيحة . 
قاله  القاضي    ; لأن هذا نذر معصية ، فلم يوجب قضاء ، كسائر المعاصي . وفارق المسألة التي قبلها ; لأنه لم يقصد بنذره المعصية ، وإنما وقع اتفاقا ،  [ ص: 82 ] وها هنا تعمدها بالنذر ، فلم ينعقد نذره ، ويدخل في قوله عليه السلام {   : لا نذر في معصية   } . ويتخرج أن لا يلزمه شيء ; بناء على نذر المعصية فيما تقدم . وإن نذرت المرأة صوم يوم حيضها ونفاسها  ، فعليها الكفارة لا غير . ولم أعلم عن أصحابنا في هذا خلافا . 
( 8200 ) مسألة ; قال : ( وإن وافق قدومه يوما من أيام التشريق ، صامه ، في إحدى الروايتين عن  أبي عبد الله  ، رحمه الله . والرواية الأخرى ، لا يصومه ويصوم يوما مكانه ، ويكفر كفارة يمين ) اختلفت الرواية عن  أحمد  ، رحمه الله ، في صيام أيام التشريق عن الفرض  ، وقد ذكرنا ذلك في الصيام ، فإن قلنا : يصومها عن الفرض . صامها هاهنا ، وأجزأته . وإن قلنا : لا يصومها . فحكمه حكم من وافق يوم العيد ، وقد مضى . 
				
						
						
