( 879 ) مسألة : قال : ( ، بدأ بالخلاء ) يعني إذا كان حاقنا كرهت له الصلاة حتى يقضي حاجته ، سواء خاف فوات الجماعة أو لم يخف . لما ذكرنا من حديث وإذا حضرت الصلاة ، وهو يحتاج إلى الخلاء ، وروى عائشة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : { ثوبان } . قال لا يحل لامرئ أن ينظر في جوف بيت امرئ حتى يستأذن ، ولا يقوم إلى الصلاة وهو حاقن الترمذي : هذا حديث حسن .
والمعنى في ذلك أن يقوم إلى الصلاة وبه ما يشغله عن خشوعها . وحضور قلبه فيها ، فإن خالف وفعل ، صحت صلاته في هذه المسألة وفي التي قبلها وقال ، ابن أبي موسى : إن كان به من مدافعة الأخبثين ما يزعجه ويشغله عن الصلاة ، أعاد ، في الظاهر من قوله . لظاهر الحديثين . اللذين رويناهما ، وقد ذكرنا ذلك فيما مضى . وقال في حديث ابن عبد البر : لا يقوم به حجة عند أهل العلم بالحديث ، فهذان من ثوبان ، لعموم اللفظ ; فإن قوله : { الأعذار التي يعذر بها في ترك الجماعة والجمعة } . عام في كل صلاة ، وقوله : " لا صلاة " عام أيضا . وأقيمت الصلاة
( 880 ) فصل : ويعذر في تركهما المريض في قول عامة أهل العلم .
قال : لا أعلم خلافا بين أهل العلم ، أن للمريض أن يتخلف عن الجماعات من أجل المرض ، وقد روى ابن المنذر ، أن النبي صلى الله عليه وسلم [ ص: 365 ] قال : { ابن عباس } . رواه من سمع النداء فلم يمنعه من اتباعه عذر . قالوا : وما العذر يا رسول الله ؟ قال : خوف أو مرض . لم تقبل منه الصلاة التي صلى أبو داود . وقد { يؤذن بالصلاة ثم يأتي النبي صلى الله عليه وسلم وهو مريض فيقول : مروا أبا بكر فليصل بالناس بلال } . كان
( 881 ) فصل : ; لقول النبي صلى الله عليه وسلم { ويعذر في تركهما الخائف } والخوف ، ثلاثة أنواع ; خوف على النفس ، وخوف على المال ، وخوف على الأهل . فالأول ، أن يخاف على نفسه سلطانا ، يأخذه أو عدوا ، أو لصا ، أو سبعا ، أو دابة ، أو سيلا ، ونحو ذلك ، مما يؤذيه في نفسه ، وفي معنى ذلك . أن يخاف غريما له يلازمه ولا شيء معه يوفيه ، فإن حبسه بدين هو معسر به ظلم له ، فإن كان قادرا على أداء الدين لم يكن عذرا له ، لأنه يجب إيفاؤه . وكذلك إن العذر خوف أو مرض ، لأنه يجب إيفاؤه وهكذا إن تأخر عليه قصاص ، لم يكن له عذر في التخلف من أجله . وقال وجب عليه حد لله تعالى أو حد قذف ، فخاف أن يؤخذ به ، لم يكن عذرا : إن كان يرجو الصلح على مال فله التخلف ، حتى يصالح ، بخلاف الحدود ، فإنها لا تدخلها المصالحة ولا العفو . القاضي
وحد العفو أن يرجى العفو عنه ، فليس يعذر في التخلف ; لأنه يرجو إسقاطه بغير بدل ويعذر في تركهما بالمطر . الذي يبل الثياب ، والوحل الذي يتأذى به في نفسه وثيابه ; قال : لمؤذنه في يوم مطير : إذا قلت : أشهد أن عبد الله بن عباس محمدا رسول الله . فلا تقل : حي على الصلاة . وقل : صلوا في بيوتكم . قال : فكأن الناس استنكروا ذلك ، فقال : أتعجبون من ذلك ، لقد فعل ذلك من هو خير مني ، إن الجمعة عزمة ، وإني كرهت أن أخرجكم فتمشوا في الطين والدحض . متفق عليه ابن عباس
ويعذر في وقد روى ترك الجماعة بالريح الشديدة في الليلة المظلمة الباردة عن ، ابن ماجه قال { ابن عمر } وإسناده صحيح ورواه كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينادي مناديه في الليلة المطيرة أو الليلة الباردة . صلوا في رحالكم أبو داود ، ونحوه واتفق عليه ، البخاري إلا أن فيه : في الليلة الباردة أو المطيرة في السفر وروى ومسلم أبو المليح أنه { الحديبية يوم جمعة ، وأصابهم مطر لم يبتل أسفل نعالهم فأمرهم أن يصلوا في رحالهم } رواه شهد مع النبي صلى الله عليه وسلم زمن أبو داود ويعذر أيضا من يريد سفرا ، ويخاف فوات رفقته . النوع الثاني : الخوف على ماله ; بخروجه مما ذكرناه من السلطان واللصوص وأشباههما ، أو يخاف أن يسرق منزله أو يحرق أو شيء منه أو يكون له خبز في التنور ، أو طبيخ على النار يخاف حريقه باشتغاله عنه أو يكون له غريم إن ترك ملازمته ذهب بماله ، أو يكون له بضاعة أو وديعة عند رجل إن لم يدركه ذهب .
فهذا وأشباهه عذر في التخلف عن الجمعة والجماعات ; النوع الثالث : الخوف على ولده وأهله أن يضيعوا ، أو يكون ولده ضائعا فيرجو وجوده في تلك الحال أو يكون له قريب يخاف إن تشاغل بهما مات فلم يشهده . قال ثبت أن ابن المنذر استصرخ على ابن عمر بعد ارتفاع الضحى فأتاه سعيد بن زيد بالعقيق وترك الجمعة . وهذا مذهب ، عطاء والحسن ، والأوزاعي ، . والشافعي