( 8417 ) فصل : والحقوق على ضربين    ; أحدهما ، حق لآدمي معين ، كالحقوق المالية ، والنكاح ، وغيره من العقود والعقوبات ، كالقصاص ، وحد  [ ص: 203 ] القذف ، والوقف على آدمي معين ، فلا تسمع الشهادة فيه إلا بعد الدعوى ; لأن الشهادة فيه حق لآدمي ، فلا تستوفى إلا بعد مطالبته وإذنه ، ولأنها حجة على الدعوى ; ودليل لها ، فلا يجوز تقدمها عليها . 
الضرب الثاني ، ما كان حقا لآدمي غير معين ، كالوقف على الفقراء ، والمساكين أو جميع المسلمين ، أو على مسجد ، أو سقاية أو مقبرة مسبلة ، أو الوصية لشيء من ذلك ، ونحو هذا ، أو ما كان حقا لله تعالى ، كالحدود الخالصة لله تعالى ، أو الزكاة ، أو الكفارة ، فلا تفتقر الشهادة به ، إلى تقدم الدعوى ; لأن ذلك ليس له مستحق معين من الآدميين يدعيه ، ويطالب به ، ولذلك شهد  أبو بكرة  وأصحابه على المغيرة  ، وشهد الجارود   وأبو هريرة  على  قدامة بن مظعون  بشرب الخمر ، وشهد الذين شهدوا على  الوليد بن عقبة  بشرب الخمر أيضا ، من غير تقدم دعوى ، فأجيزت شهادتهم ، ولذلك لم يعتبر في ابتداء الوقف قبول ، من أحد ، ولا رضى منه . 
وكذلك ما لا يتعلق به حق أحد الغريمين ، كتحريم الزوجة بالطلاق ، أو الظهار ، أو إعتاق الرقيق ، تجوز الحسبة به ، ولا تعتبر فيه دعوى . ولو شهد شاهدان بعتق عبد أو أمة ابتداء  ، ثبت ذلك ، سواء صدقهما المشهود بعتقه ، أو لم يصدقهما . وبهذا قال  الشافعي    . وبه قال  أبو حنيفة  في الأمة . وقال في العبد : لا يثبت ، ما لم يصدق العبد به ، ويدعيه ; لأن العتق حقه ، فأشبه سائر حقوقه . ولنا ، أنها شهادة بعتق ، فلا تفتقر إلى تقدم الدعوى ، كعتق الأمة ، ويخالف سائر الحقوق ; لأنه حق لله تعالى ، ولهذا لا يفتقر إلى قبول العتق . 
ودليل ذلك الأمة . وما ذكروه يبطل بعتق الأمة . فإن قيل : الأمة يتعلق بإعتاقها تحريم الوطء . قلنا : هذا لا أثر له ، فإن المنع يوجب تحريمها عليه ، ولا تسمع الشهادة به إلا بعد الدعوى . 
				
						
						
