( 8814 ) فصل : وإذا ، عتق ، فإن أنكر ، أو لم تكن بينة ، فالقول قولهما مع أيمانهما . وإن أقر أحدهما ، وأنكر الآخر ، عتق نصيب المقر ، وأما المنكر ، فعلى قول كان العبد بين شريكين ، فكاتباه بمائة ، فادعى دفعها إليهما ، وصدقاه ، تقبل شهادة شريكه عليه ، إذا كان عدلا ، فيحلف العبد مع شهادته ، ويصير حرا ، ويرجع المنكر على الشاهد ، فيشاركه فيما أخذه . وأما القياس فيقتضي أن لا تسمع شهادة شريكه عليه ; لأنه يدفع بشهادته عن نفسه مغرما ، والقول قول سيده مع يمينه ، فإذا حلف ، فله مطالبة شريكه بنصف ما اعترف به ، وهو خمسة وعشرون ; لأن ما قبضه كسب العبد ، وهو مشترك بينهما . فإن قيل : فالمنكر ينكر قبض شريكه ، فكيف يرجع عليه ؟ قلنا : إنما ينكر قبض نفسه ، وشريكه مقر بالقبض ، ويجوز أن يكون قد قبض ، فلم يعلم به ، وإذا أقر بمتصور ، لزمه حكم إقراره ، ومن حكمه جواز رجوع شريكه عليه . الخرقي
فإن قيل : لو كان عليه دين لاثنين ، فوفى أحدهما ، لم يرجع الآخر على شريكه فلم يرجع هاهنا ؟ قلنا : إن كان الدين ثابتا بسبب واحد ، فما قبض أحدهما منه ، يرجع الآخر عليه به ، كمسألتنا ، وعلى أن هذا يفارق الدين ; لكون الدين لا يتعلق بما في يد الغريم ، إنما يتعلق بذمته فحسب ، والسيد يتعلق حقه بما في يد المكاتب ، فلا يدفع شيئا منه إلى أحدهما ، إلا كان حق الآخر ثابتا فيه . إذا ثبت هذا ، فإنه إن رجع على العبد بخمسين ، استقر ملك الشريك فيه على ما أخذه ، ولم يرجع العبد عليه بشيء ; لأنه إنما قبض حقه . وإن رجع على الشريك ، رجع عليه بخمسة وعشرين ، وعلى العبد بخمسة وعشرين ، ولم يرجع أحدهما على الآخر بما أخذ منه ; لما ذكرنا من قبل . وإن عجز العبد عن أداء ما يرجع به عليه ، فله تعجيزه واسترقاقه ، ويكون نصفه حرا ، ونصفه رقيقا ، ورجع على الشريك بنصف ما أخذه ، ولا تسري الحرية فيه ; لأن الشريك والعبد يعتقدان أن الحرية ثابتة في جميعه ، وأن هذا المنكر غاصب لهذا النصف الذي استرقه ، ظالم باسترقاقه ، والمنكر يدعي رق العبد جميعه ، ولا يعترف بحرية شيء منه ; لأنه يزعم أني ما قبضت [ ص: 395 ] نصيبي من كتابته ، وشريكي إن قبض شيئا استحق نصفه بغير إذني ، فلا يعتق شيء منه بهذا القبض . وسراية العتق ممتنعة على كلا القولين ; لأن السراية إنما تكون فيما إذا عتق بعضه وبقي بعضه رقيقا ، وجميعهم يتفقون على خلاف ذلك . وهذا المنصوص عن رضي الله عنه الشافعي .