( 8849 ) فصل : فإذا وطئ الرجل أمته ، فأتت بولد بعد وطئه بستة أشهر فصاعدا  ، لحقه نسبه ، وصارت له بذلك أم ولد . وإن أتت بولد تام لأقل من ستة أشهر ، لم يلحقه نسبه ; لأن أقل مدة الحمل ستة أشهر ، بدليل ما روى الحسن  ، أن امرأة ولدت لستة أشهر ، فأتي بها إلى  عمر بن الخطاب  رضي الله عنه فهم برجمها ، فقال له  علي  رضي الله عنه : ليس لك ذلك ، إن الله يقول : { وحمله وفصاله ثلاثون شهرا    } . فقد يكون في البطن ستة أشهر ، والرضاع أربعة وعشرون شهرا ، فذلك تمام ما قال الله تعالى : { ثلاثون شهرا    } . فخلى عنها  عمر    . وروي عن  ابن عباس  ، أنه قال ذلك  لعثمان    . 
ومن اعترف بوطء أمته ، فأتت بولد يمكن أن يكون منه ، لحقه نسبه ، ولم يكن له نفيه ; لما روي عن  عمر  ، رضي الله عنه أنه قال : حصنوا هذه الولائد ، فلا يطأ رجل وليدته ، ثم ينكر ولدها ، إلا ألزمته إياه . رواه سعيد    . وعن  ابن عمر  ، قال : قال  عمر    : أيما رجل غشي أمته ، ثم ضيعها ، فالضيعة عليه ، والولد ولده . رواه سعيد  أيضا . ولأن أمته صارت فراشا بالوطء ، فلحقه ولدها ، كالمرأة ، ولقوله صلى الله عليه وسلم :  [ ص: 412 ]   { الولد للفراش   } . فإن نفاه سيدها ، لم ينتف عنه ، إلا أن يدعي أنه استبرأها ، وأتت بالولد بعد استبرائها بستة أشهر ، فينتفي عنه بذلك . وهل يحلف على ذلك ؟ على وجهين . 
وقد روي عن الحسن  ، قال : إذا أنكر الرجل ولده من أمته ، فله ذلك . وعن الشعبي  ، أنه كان يقول : ينتفي من ولده ، إذا كان من أمته ، ومتى شاء . ولنا ، قول  عمر  ، وأنه ولد على فراشه ، فلم يكن له نفيه ، كولده من زوجته . فإن أقر به ، لم يكن له نفيه بعد ذلك . لا نعلم فيه خلافا . قال  إبراهيم    : إذا أقر بولده ، فليس له أن ينتفي منه ، فإن انتفى منه ، ضرب الحد ، وألحق به الولد . وقال  شريح  لرجل أقر بولده : لا سبيل لك أن تنتفي منه ، وكذلك إن هنئ به . فسكت ، أو أمن على الدعاء ; لأنه دليل على الرضا ، به فقام مقام الإقرار به . وإن كان يطأ جاريته ، وادعى أنه كان يعزل عنها  ، لم ينتف الولد بذلك ; لما روى  أبو سعيد  ، أنه { قال : يا رسول الله ، إنا نصيب النساء ، ونحب الأثمان ، أفنعزل عنهن ؟ قال : إن الله إذا قضى خلق نسمة ، خلقها   } . 
وعن  جابر  ، قال : { جاء رجل من الأنصار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إن لي جارية ، وأنا أطوف عليها ، وأنا أكره أن تحمل . فقال : اعزل عنها إن شئت ، فإنه سيأتيها ما قدر لها قال : فلبث الرجل ، ثم أتاه ، فقال : إن الجارية قد حملت . قال قد أخبرتك ، أنه سيأتيها ما قدر لها   } . رواه أبو داود    . وعن  أبي سعيد  ، أنه قال : كنت أعزل عن جاريتي ، فولدت أحب الخلق إلي . يعني ابنه . وعن  ابن عمر  ، أن  عمر  قال : ما بال رجال يطئون ولائدهم ، ثم يعزلونهن ، لا تأتيني وليدة يعترف سيدها أنه أتاها ، إلا ألحقت به ولدها ، فاعزلوا بعد ذلك أو اتركوا . ولأنها بالوطء صارت فراشا ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : { الولد للفراش   } . 
ولما { تنازع عبد بن زمعة   وسعد  ، في ابن وليدة زمعة  ، فقال عبد    : هو أخي ، وابن وليدة أبي ، ولد على فراشه . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : هو لك يا عبد بن زمعة  ، الولد للفراش ، وللعاهر الحجر .   } متفق عليه . ولأنه قد يسبق من الماء ما لا يحس به ، فيخلق منه الولد . وقد روي عن  ابن عمر   وزيد بن ثابت  ما يدل على أن الولد لا يلحق به مع العزل ، فروى سعيد  ، حدثنا سفيان  ، عن ابن أبي نجيح  ، عن فتى من أهل المدينة  ، أن  عمر بن الخطاب  رضي الله عنه كان يعزل عن جارية له ، فجاءت بحمل فشق عليه ، وقال : اللهم لا تلحق بآل  عمر  من ليس منهم ، فإن آل  عمر  ليس بهم خفاء . فولدت ولدا أسود ، فقال : ممن هو ؟ فقالت : من راعي الإبل . فحمد الله ، وأثنى عليه . 
وقال : حدثنا سفيان  ، عن حماد  عن  أبي الزناد  عن  خارجة بن زيد  أن  زيد بن ثابت  ، كانت له جارية فارسية ، وكان يعزل عنها ، فجاءت بولد ، فأعتق الولد ، وجلدها الحد ، وقال : إنما كنت استطبت نفسك ، ولا أريدك . وفي رواية ، قال : ممن حملت ؟ قالت منك . فقال : كذبت ، وما وصل إليك مني ما يكون منه الحمل ، وما أطأك ، إلا أني استطبت نفسك . وقال  الثوري  ،  وأبو حنيفة    : لا تصير فراشا ، ولا يلحقه ولدها ، إلا أن يقر بولدها ، فيلحقه أولادها بعد ذلك . ولنا ، ما ذكرناه ، وقول  عمر  الموافق للسنة أولى من قوله فيما خالفها . 
				
						
						
