( 966 ) فصل : وفي روايتان : إحداهما ، لا تصح . وهو أحد قولي الصلاة في الموضع المغصوب . والثانية ، تصح . وهو قول الشافعي أبي حنيفة ، والقول الثاني ومالك لأن النهي لا يعود إلى الصلاة ، فلم يمنع صحتها ، [ ص: 407 ] كما لو صلى وهو يرى غريقا ، يمكنه إنقاذه ، فلم ينقذه ، أو حريقا يقدر على إطفائه ، فلم يطفئه ، أو مطل غريمه الذي يمكن إيفاؤه وصلى . للشافعي
ولنا أن الصلاة عبادة أتى بها على الوجه المنهي عنه ، فلم تصح ، كصلاة الحائض وصومها ، وذلك لأن النهي يقتضي تحريم الفعل ، واجتنابه ، والتأثيم بفعله ، فكيف يكون مطيعا بما هو عاص به ، ممتثلا بما هو محرم عليه ، متقربا بما يبعد به ، فإن حركاته وسكناته من القيام والركوع والسجود أفعال اختيارية ، هو عاص بها منهي عنها .
فأما من رأى الحريق فليس بمنهي عن الصلاة ، إنما هو مأمور بإطفاء الحريق ، وإنقاذ الغريق ، وبالصلاة ، إلا أن أحدهما آكد من الآخر ، أما في مسألتنا فإن أفعال الصلاة في نفسها منهي عنها . إذا ثبت هذا فلا فرق بين غصبه لرقبة الأرض بأخذها ، أو دعواه ملكيتها ، وبين غصبه منافعها ، بأن يدعي إجارتها ظالما ، أو يضع يده عليها ليسكنها مدة أو يخرج روشنا أو ساباطا في موضع لا يحل له ، أو يغصب راحلة ويصلي عليها أو سفينة ويصلي فيها ، أو لوحا فيجعله في سفينة ويصلي عليها ، كل ذلك حكمه في الصلاة حكم الدار ، على ما بيناه . ( 967 ) فصل : قال - رحمه الله - : تصلى أحمد . الجمعة في الموضع الغصب
يعني لو كان الجامع أو موضع منه مغصوبا صحت الصلاة فيه ; لأن الجمعة ، تختص ببقعة ، فإذا صلاها الإمام في الموضع المغصوب ، فامتنع الناس من الصلاة فيه ، فاتتهم الجمعة ، وإن امتنع بعضهم ، فاتته الجمعة ، ولذلك أبيحت خلف الخوارج والمبتدعة ، وكذلك تصح في الطرق ورحاب المسجد ، لدعاء الحاجة إلى فعلها في هذه المواضع ، وكذلك في الأعياد والجنازة .