( 1126 ) فصل : كأصحاب فأما المخالفون في الفروع ، أبي حنيفة ، ومالك ، فالصلاة خلفهم صحيحة غير مكروهة . نص عليه والشافعي ; لأن الصحابة والتابعين ، ومن بعدهم لم يزل بعضهم يأتم ببعض ، مع اختلافهم في الفروع ، فكان ذلك إجماعا ، ولأن المخالف إما أن يكون مصيبا في اجتهاده ، فله أجران أجر لاجتهاده وأجر لإصابته ، أو مخطئا فله أجر على اجتهاده ، ولا إثم عليه في الخطأ ، لأنه محطوط عنه . فإن علم أنه يترك ركنا أو شرطا يعتقده المأموم دون الإمام ، فظاهر كلام أحمد صحة الائتمام به . قال أحمد : سمعت الأثرم يسأل عن رجل صلى بقوم ، وعليه جلود الثعالب ، فقال : إن كان يلبسه وهو يتأول : { أبا عبد الله } . يصلى خلفه . أيما إهاب دبغ فقد طهر
قيل له ، أفتراه أنت جائزا ؟ قال : لا ، نحن لا نراه جائزا ولكن إذا كان هو يتأول فلا بأس أن يصلى خلفه . ثم قال : لو أن رجلا لم ير الوضوء من الدم لم يصل خلفه ؟ ثم قال : نحن نرى الوضوء من الدم ، فلا نصلي خلف أبو عبد الله ، سعيد بن المسيب ومن سهل في الدم ؟ أي : بلى . ورأيت لبعض أصحاب ومالك مسألة مفردة في الرد على من أنكر هذا ، واستدل بأن الصحابة كان يصلي بعضهم خلف بعض مع الاختلاف . ولأن كل مجتهد مصيب ، أو كالمصيب في حط المأثم عنه ، وحصول الثواب ، وصحة الصلاة لنفسه ، فجائز الائتمام به ، كما لو لم يترك شيئا . وذكر الشافعي فيه رواية أخرى ، أنه لا يصح ائتمامه به ; لأنه يرتكب ما يعتقده المأموم مفسدا للصلاة ، فلم يصح ائتمامه به ، كما لو خالفه في القبلة حال الاجتهاد فيها . القاضي
( 1127 ) فصل : فإن كان يترك ما يعتقده شرطا للصلاة أو واجبا فيها ، فصلاته فاسدة ، وصلاة من يأتم به ، وإن كان المأموم يخالفه في اعتقاد ذلك ; لأنه ترك واجبا في الصلاة ، ففسدت صلاته وصلاة من ائتم به ، كالمجمع عليه . وإن فعل شيئا من المختلف فيه ، يعتقد تحريمه ، ، وشارب يسير النبيذ ممن يعتقد تحريمه ، فهذا إن دام على ذلك ، فهو فاسق ، حكمه حكم سائر الفساق ، فإن لم يدم عليه ، فلا بأس بالصلاة خلفه ; لأنه من الصغائر . ومتى كان الفاعل كذلك عاميا قلد من يعتقد جوازه ، فلا شيء عليه ; لأن فرض العامي سؤال العلماء وتقليدهم ; لقول الله تعالى : { وإن كان يفعل ما يعتقد تحريمه في غير الصلاة ، كالمتزوج بغير ولي ممن يرى فساده : فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون }