المبحث الأول: مستوى التنظير عند بدء التطبيق
لا حاجة بنا إلى القول بأن التخطيط السليم يقتضي استكمال مراحل التنظير، بل وتدريب الكوادر وتهيئة الرأي العام - كما سنذكر فيما بعد - قبل البدء في التنفيذ، فهذه قضية أولية لا تحتاج إلى شرح أو تأييد.
كما أننا نقفز إلى النتائج قبل المقدمات إذا قررنا أن حركة البنوك الإسلامية
قد بدأت تجربتها العملية قبل أن يستكمل التنظير مراحله الضرورية، فهذا أمر واضح لا ينازع فيه أحد، وسيزداد وضوحا خلال هـذا الباب.
والذي نحب أن نوضحه في هـذا المجال أن القائمين علي أمور البنوك
الإسلامية وروادها لم يغفلوا عن أهمية التخطيط حين بدءوا تجربتهم دون استكمال التنظير؛ وإنما دفعهم إلى مخالفة هـذا المنهج سبب أقوى وأشد هـو النهي الشديد عن التعامل بالربا أخذا وعطاء؛ الذي رددته الآيات والأحاديث بما يدع المسلم الحريص على دينه أمام خيار صعب بين أن ينصرف كلية عن التعامل مع البنوك التقليدية، أو أن يتعامل في نطاق ضيق على أساس مبدأ الضرورة، ومع مراعاة شروطها الشرعية.
ومن أجل الخروج من هـذا الخيار الصعب، أراد مؤسسو البنوك الإسلامية أن يوجدوا البديل المقبول شرعا والذي يؤدي نفس الوظائف التي تؤديها البنوك التقليدية.
لذلك كانت المسألة عملية إنقاذية أكثر منها إجراء مخططا.
وسنرى خلال هـذا الباب - أهم السلبيات التي نتجت عن هـذه الطريقة التي [ ص: 167 ] بدأت بها البنوك الإسلامية؛ على أننا نسجل هـنا بعض الايجابيات غير المباشرة:
1 - لقد كان تصريح بعض الحكومات في البلاد الإسلامية بقيام بنوك إسلامية استجابة من هـذه الحكومات لضغط الرأي العام الذي هـيأته وعبأته أنشطة الحركة الإسلامية خلال عشرات السنين من الدعوة والتوجيه، وقد أدى نجاح البنوك الإسلامية وسرعة انتشارها إلى دعم الحركة الإسلامية ذاتها، بإثبات قابلية الفكر الإسلامي والنظم المنبثقة عنه للتطبيق، وسد متطلبات الحياة المعاصرة حتى في أشد مظاهرها حساسية وتعقيدا... ميدان المال والبنوك...
2 - بل تعدى التأثير الايجابي مستوى العمل الجماهيري إلى إقناع بعض الحكومات بتغير النظام المصرفي بأكمله ليتمشى مع الإسلام كما حدث في الباكستان وإيران والسودان ، أو بتنظيم جزئي للقطاع المصرفي لتمكين قيام بنوك إسلامية جنبا إلى جنب مع البنوك التقليدية؛ كما حدث في ماليزيا وتركيا والإمارات ، وبذلك دخلت حركة البنوك الإسلامية مرحلة جديدة في تاريخها القصير تعدت فيه اللمسة الإسلامية نطاق البنوك التجارية إلى البنوك المركزية ذاتها، بل إلى جوانب أخرى من النظام الاقتصادي أحيانا.
نعود إلى الحديث عن مستوى التنظير عن بدء التطبيق فنقرر - في إجمال يتلوه شيء من التفصيل - أن جهود العلماء والمفتين لم تتعد خلال قرن من الزمان - منذ أن مدت البنوك التقليدية نشاطها إلى بلاد الإسلام - التأكيد على حرمة الربا، والاختلاف أحيانا على حكم التعامل مع البنوك التقليدية بين رأي راجح يرى الحرمة، ورأي مرجوح يبيح التعامل للضرورة، وظل العديد من الفتاوى والمؤتمرات والكتب المقالات تدور في هـذه الدائرة المغلقة دون أن تقدم حلا بديلا يسد حاجة الناس المتزايدة إلى المؤسسات المالية والمصرفية. [ ص: 168 ]
وفي خلال الفترة من سنة 1940م حتى بداية التجربة في سنة 1974م [1] بإنشاء بنك التنمية الإسلامي، لم تتجاوز الكتابات في موضوع البديل المقترح بضعة وعشرين على النحو التالي:
1942م حفظ الرحمن محمد
1944م محمد حميد الله
1945م نعيم صديقي
1950م محمد يوسف الدين
أبو الأعلى المودودي
1954م زكي محمود شبانة
محمود أبو السعود
1955م م. ن. هـدى
محمد عزيز
1957م ناصر أحمد شيخ
1960م محمد عبد الله العربي
1961م محمد نجاة الله صديقي
1962م أحمد عبد العزيز النجار
1963م شيخ أحمد أرشاد عيسى عبده
1965م سيد مناظر إحسان جيلاني
1967م شيخ محمود أحمد
اللجنة التحضيرية لبيت التمويل الكويتي والتي كانت تضم حسب الترتيب الهجائي: إسماعيل رأفت، جمال عطية، عبد العزيز العتيبي، عبد الله العقيل، عبد الواحد أمان، عيسى عبده، محب المحجري، محمد هـمام الهاشمي، محيي عطية، نزار السراج، يوسف المزيني.
1968م عبد الهادي غنمة
محمد باقر الصدر
محمد عبد المنان [ ص: 169 ]
1969م أحمد شلبي
1970م خورشيد أحمد
عمر فروخ
1971م محمد أكرم خان
1972م مصطفي الهمشري
غريب الجمال
إبراهيم دسوقي أباظة
منذر قحف
الدراسة المصرية المقدمة إلى مؤتمر وزراء خارجية الدول الإسلامية (جدة 1972) من حسن محمد التهامي بالتعاون مع حسن بلبل، ومحمد سمير إبراهيم، وغريب الجمال، وأحمد النجار، وشوقي إسماعيل، وصلاح الدين عوض، ومحمود نعمان الأنصاري. /402 170 /40