4- السفير إلى عمان
[1]
بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، عمرو بن العاص، في شهر ذي القعدة سنة ثمان الهجرية، إلى
جيفر وعبد ابني الجلندي [2] ، وهما من
الأزد ، والملك منهما جيفر، يدعوهما إلى الإسلام، وكتب معه إليهما كتابا،
[ ص: 75 ] وختم الكتاب. قال
عمرو : (فلما قدمت
عمان ، عهدت إلى
عبد ، وكان أحلم الرجلين، وأسهلهما خلقا، فقلت: إني رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم إليك، وإلى أخيك) ، فقال: (أخي المقدم علي بالسن والملك، وأنا أوصلك إليه، حتى يقرأ كتابك) ، فمكثت أياما ببابه، ثم إنه دعاني، فدخلت عليه، فدفعت الكتاب إليه مختوما، ففض خاتمه، وقرأه، حتى انتهى إلى آخره، ثم دفعه إلى أخيه، فقرأه مثل قراءته، إلا أني رأيت أخاه أرق منه، فقال: (دعني يومي هـذا، وارجع إلي غدا) ، فلما كان الغد، رجعت إليه، قال: (إني فكرت، فيما دعوتني إليه، فإذا أنا أضعف العرب، إذا ملكت رجلا ما في يدي!) قلت: (فإني خارج غدا) . فلما أيقن بمخرجي، أصبح فأرسل إلي، فدخلت عليه، فأجاب إلى الإسلام هـو وأخوه جميعا، وصدقا بالنبي صلى الله عليه وسلم ، وخليا بيني وبين الصدقة، وبين الحكم فيما بينهم، وكانا لي عونا على من خالفني، فأخذت الصدقة من أغنيائهم، فرددتها على فقرائهم. فلم أزل مقيما، حتى بلغنا وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم
[3] ، إذ ولاه النبي صلى الله عليه وسلم على عمان
[ ص: 76 ] وأعمالها
[4] ، فعاد إلى
المدينة المنورة ، بعد انتقال النبي صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى
[5] .
وهكذا استطاع
عمرو ، أن يضم عددا ضخما من العرب إلى الإسلام، وأن يضم بلادا شاسعة إلى بلاد المسلمين.
لقد نال عمرو شرف الصحبة، وشرف الجهاد، تحت لواء النبي صلى الله عليه وسلم ، وشرف قيادة بعض فصائله التعبوية، وشرف قيادة قسم من سراياه، وكان أحد سفرائه، وأحد عماله أيضا، وأحد عماله على الصدقة.
[ ص: 77 ]
4- السفير إلى عُمَان
[1]
بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، عمرو بن العاص، في شهر ذي القعدة سنة ثمان الهجرية، إلى
جَيْفَر وعَبْدٍ ابنيّ الجُلُنْدَي [2] ، وهما من
الأَزْد ، والملك منهما جَيْفَر، يدعوهما إلى الإسلام، وكتب معه إليهما كتابًا،
[ ص: 75 ] وختم الكتاب. قال
عمرو : (فلما قَدمتُ
عُمان ، عهدت إلى
عَبْدٍ ، وكان أحلم الرجلين، وأسهلهما خُلُقًا، فقلتُ: إني رسولُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم إليك، وإلى أخيك) ، فقال: (أخي المقدّم عليّ بالسنّ والمُلْك، وأنا أوصلك إليه، حتى يقرأ كتابك) ، فمكثتُ أيامًا ببابه، ثم إنه دعاني، فدخلتُ عليه، فدفعتُ الكتاب إليه مختومًا، ففضّ خاتمه، وقرأه، حتى انتهى إلى آخره، ثم دفعه إلى أخيه، فقرأه مثل قراءته، إلا أني رأيت أخاه أرقّ منه، فقال: (دعني يومي هـذا، وارجع إليّ غدًا) ، فلما كان الغد، رجعتُ إليه، قال: (إنّي فكرتُ، فيما دعوتني إليه، فإذا أنا أَضعف العرب، إذا ملّكْتُ رجلًا ما في يديّ!) قلتُ: (فإني خارج غدًا) . فلما أيقن بمخرجي، أصبح فأرسل إليّ، فدخلتُ عليه، فأجاب إلى الإسلام هـو وأخوه جميعًا، وصدّقا بالنبي صلى الله عليه وسلم ، وخليا بيني وبين الصدقة، وبين الحكم فيما بينهم، وكانا لي عونًا على مَنْ خالفني، فأخذتُ الصدقة من أغنيائهم، فرددتها على فقرائهم. فلم أزل مقيمًا، حتى بَلَغَنَا وفاةُ رسول الله صلى الله عليه وسلم
[3] ، إذ ولاّه النبي صلى الله عليه وسلم على عُمَان
[ ص: 76 ] وأعمالها
[4] ، فعاد إلى
المدينة المنورة ، بعد انتقال النبي صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى
[5] .
وهكذا استطاع
عمرو ، أن يضمّ عددًا ضخمًا من العرب إلى الإسلام، وأن يضم بلادًا شاسعة إلى بلاد المسلمين.
لقد نال عمرو شرف الصحبة، وشرف الجهاد، تحت لواء النبي صلى الله عليه وسلم ، وشرف قيادة بعض فصائله التعْبويّة، وشرف قيادة قسم من سراياه، وكان أحد سفرائه، وأحد عماله أيضًا، وأحد عماله على الصدقة.
[ ص: 77 ]