( ولا ) تجوز ( النياحة  وهي رفع الصوت بذلك برنة ) لما في الصحيحين عن أم عطية  قالت { أخذ علينا صلى الله عليه وسلم في البيعة أن لا ننوح   } في صحيح مسلم أنه صلى الله عليه وسلم لعن النائحة والمستمعة " . 
( ولا ) يجوز ( شق الثياب ولطم الخدود وما أشبه ذلك  من الصراخ وخمش الوجه ) وتسويده ( ونتف الشعر ونشره وحلقه ) لما في الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم قال : { ليس منا من لطم الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية   } وفيهما أنه صلى الله عليه وسلم برئ من الصالقة والحالقة والشاقة " فالصالقة التي ترفع صوتها عند المصيبة ويقال : السالقة بالسين المهملة والحالقة التي تحلق شعرها عند المصيبة والشاقة التي تشق ثيابها ولما في ذلك من إظهار الجزع وعدم الرضا بقضاء الله والسخط من فعله . 
وفي شق الجيوب إفساد للمال لغير حاجة ( وفي الفصول : يحرم النحيب والتعداد    ) أي : تعداد المحاسن والمزايا ( وإظهار الجزع لأن ذلك يشبه التظلم من الظالم وهو عدل من الله تعالى ) لأن له أن يتصرف في خلقه بما شاء لأنهم ملكه . 
( ويباح يسير الندبة الصدق ، إذا لم يخرج مخرج النوح ولا قصد نظمه ، نحو قوله : يا أبتاه يا ولداه ونحو ذلك ) هذا تتمة كلام الفصول ومقتضى ما قدمه : تحريمه ( وجاءت الأخبار الصحيحة بتعذيب الميت بالنياحة والبكاء عليه ) فحمله ابن حامد  على من أوصى به لأن عادة العرب الوصية بفعله فخرج  [ ص: 164 ] على عادتهم . 
وفي شرح مسلم وهو قول الجمهور وهو ضعيف فإن سياق الخبر يخالفه ، وحمله  الأثرم  على من وصى به حين يموت وقال في التلخيص : يتأذى بذلك إن لم يوص بتركه كما كان السلف يوصون ولم يعتبر كون النياحة عادة أهله . 
واختار صاحب المحرر أن من هو عادة أهله ولم يوص بتركه عذب لأنه متى ظن وقوعه ولم يوص فقد رضي ولم ينه مع قدرته وقال ابن القيم  في كتاب الروح : يتألم من ذلك ويتوجه معه لا أنه يعاقب بذنب الحي { ولا تزر وازرة وزر أخرى    } وهذا كقوله صلى الله عليه وسلم {   : السفر قطعة من العذاب   } فالعذاب أعم من العقوبة وهو اختيار الشيخ تقي الدين  وأنكرت عائشة  حمل ذلك على ظاهره ووافقها  ابن عباس  وقالت " والله ما حدث رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله ليعذب المؤمن ببكاء أهله عليه ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن الله ليزيد الكافر عذابا ببكاء أهله عليه وقالت لما بلغها رواية  عمر  وابنه في ذلك : إنكم لتحدثون عنه غير كاذبين ولا متهمين ولكن السمع يخطئ وقالت : حسبكم القرآن : { ولا تزر وازرة وزر أخرى    } ( وما هيج المصيبة من وعظ أو إنشاد شعر  فمن النياحة ) قاله الشيخ تقي الدين  ومعناه  لابن عقيل  في الفنون فإنه لما توفي ابنه  عقيل  قرأ قارئ {    : يا أيها العزيز إن له أبا شيخا كبيرا فخذ أحدنا مكانه إنا نراك من المحسنين    } فبكى  ابن عقيل  وبكى الناس فقال للقارئ يا هذا إن كان لتهييج الحزن فهو نياحة بالقرآن ولم ينزل للنوح بل لتسكين الأحزان . 
				
						
						
