وأما دعوى أن الباء إذا وليت فعلا متعديا أفادت التبعيض في مجرورها لغة فغير مسلم دفعا للاشتراك ولإنكار الأئمة قال أبو بكر سألت ابن دريد وابن عرفة عن الباء : تبعض ؟ فقالا : لا نعرفه في اللغة وقال ابن برهان : من زعم أن الباء تبعض ، فقد جاء عن أهل العربية بما لا يعرفونه .
وقوله { يشرب بها عباد الله } وقول الشاعر
شربن بماء البحر
فمن باب التضمين كأنه قيل يروى وما روي { } فمحمول على أن ذلك مع العمامة ، كما جاء مفسرا في حديث أنه صلى الله عليه وسلم مسح مقدم رأسه ونحن نقول به والرأس ( من حد الوجه ) أي من منابت شعر الرأس المعتاد ( إلى ما يسمى [ ص: 99 ] قفا ) ويكون مسح رأس ( بماء جديد غير ما فضل عن ذراعيه ) ; لأن الرأس مغاير لليدين ( وكيفما مسحه ) أي الرأس ( أجزأه ) لحصول المأمور به ( ولو ) مسحه ( بأصبع وخرقة أو خشبة أو نحوها ) كحجر . المغيرة بن شعبةوظاهر كلام الجمهور : أنه يتعين استيعاب ظاهره كله ( وعفا بعضهم ) وهو صاحب المبهج والمترجم ( عن ترك يسير منه للمشقة ) قال في الإنصاف : وهو الصواب انتهى وقال : والظاهر عن الموفق في الرجل وجوب الاستيعاب ، وأن المرأة يجزيها مسح مقدم رأسها ، قال أحمد : العمل عليه في مذهب الخلال أنها إن مسحت مقدم رأسها أجزأها ; لأن أبي عبد الله عائشة كانت تمسح مقدم رأسها ذكره في الشرح ( أن يبدأ بيديه مبلولتين من مقدم رأسه ، فيضع طرف إحدى سبابتيه على طرف الأخرى ، ويضع الإبهامين على الصدغين ، ثم يمرهما إلى قفاه ، ثم يردهما إلى مقدمه ) قاله في المغني والشرح لما روى . ( والمسنون في مسحه ) أي الرأس في وصف وضوء النبي صلى الله عليه وسلم قال { عبد الله بن زيد } متفق عليه ( ولو خاف أن ينتشر شعره ) قال في الإنصاف : هذا المذهب مطلقا ، وعليه الأصحاب فمسح رأسه بيديه ، فأقبل بهما وأدبر ، بدأ بمقدم رأسه حتى ذهب بهما إلى قفاه ، ثم ردهما إلى المكان الذي بدأ منه لا يردهما إن انتشر شعره انتهى وجزم بالثانية في الشرح والمبدع ، رجلا كان أو امرأة ( بماء واحد ) فلا يأخذ للرد ماء آخر لعدم وروده . وعنه
( ولو ) لم يجزئه ( أو وضع يده مبلولة على رأسه ولم يمرها عليه لم يجزئه ) ذلك لعدم المسح المأمور به ( ويجزئه وضع عليه ) أي على رأسه ( خرقة مبلولة ) ولم يمرها عليه ( أو بلها ) أي الخرقة ( وهي عليه ) أي على رأسه ( ولم يمسح ( مع الكراهة ) ذكره غسله ) أي الرأس ابن رجب ( بدلا عن مسحه إن أمر يده ) لوجوب المسح ، فإن لم يمر يده لم يجزئه ، ما لم يكن جنبا وينغمس في ماء ناويا الطهارتين ، كما يعلم مما يأتي في الغسل .
( وكذا إن ، لوجود المسح ، فإن لم يمر يده لم يجزئه ( ولا يجب أصابه ) أي الرأس ( ماء وأمر يده ) عليه ) لعدم مشاركته الرأس في الترؤس ( ولا يجزئ مسحه عن الرأس ، سواء رده فعقده فوق رأسه أو لم يرده ) كما تقدم ( وإن نزل الشعر عن منبته ولم ينزل عن محل الفرض ، فمسح عليه ، أجزأه ولو كان الذي تحت النازل محلوقا ) كما لو كان بعض شعره فوق بعضه . مسح ما نزل عن الرأس من الشعر
( وإن لم يجز المسح عليه ) كما لو مسح على خرقة فوق رأسه ، وتقدم أن شرط الوضوء إزالة ما يمنع وصول الماء ( ولو [ ص: 100 ] خضبه ) أي رأسه ( بما يستره ) لم يؤثر ( أو مسح رأسه ثم حلقه لم يؤثر ، لأنه ليس ببدل عما تحته ) بخلاف الجبيرة والخف ولكن رأيت عن غسل عضوا ثم قطع منه جزءا أو جلدة ابن رجب استحب أنه إذا أحمد أن يمسه بالماء ولم يوجبه وحكي وجوبه عن حلق رأسه أو قلم أظفاره ، أو قص شاربه بعد الوضوء ومن أوجبه ألحقه بخلع الخف بعد مسحه . ابن جرير الطبري
( وإن ( غسل ) أو مسح ( ما ظهر ) لأن الحكم صار له دون الذاهب ( وإن حصل في بعض أعضائه شق أو ثقب لزم غسله ) في الطهارتين لأنه صار في حكم الظاهر ، فينبغي التيقظ لثقب الأذن في الغسل وأما في الوضوء فلا يجب مسحه ، كالمستتر بالشعر ، ولما فيه من الحرج ( والواجب مسح ظاهر شعر الرأس كما تقدم ، فلو أدخل يده تحت الشعر فمسح البشرة فقط ) أي دون ظاهر الشعر ( لم يجزئه ، كما لو اقتصر على غسل باطن شعر اللحية ) ولم يغسل ظاهرها . تطهر بعد ذلك ) أي بعد حلق رأسه أو قطع جزء أو جلدة من عضو
( وإن مسح بشرته ) لأنها ظاهر رأسه بالنسبة إليه ( وإن فقد بعضه ) أي بعض شعر الرأس ( مسحهما ) أي مسح ما بقي من الشعر وبشرة ما فقد من شعره وتقدم حكم ما لو نزل شعر ما لم يحلق على ما حلق وأنه يجزئه المسح على ظاهره . فقد شعره