باب الهدنة ( وهي ) لغة السكون وشرعا ( العقد على ترك القتال مدة معلومة ) بقدر الحاجة فإن زادت بطلت في الزيادة فقط والأصل فيها قوله تعالى { وإن جنحوا للسلم فاجنح لها    } ومن السنة ما روى  مروان بن الحكم  والمسور بن مخرمة    { أن النبي صلى الله عليه وسلم صالح قريشا على وضع القتال عشر سنين   } والمعنى يقتضي ذلك . 
; لأنه يكون بالمسلمين ضعف ، فيهادنونهم حتى يقووا بعوض منهم أو منا عند الضرورة كما يأتي ( وبغير عوض ) بحسب المصلحة لفعله صلى الله عليه وسلم ( وتسمى مهادنة وموادعة ) من الدعة وهي الترك . 
( ومعاهدة ) من العهد بمعنى الأمان ( ومسالمة ) من السلم بمعنى الصلح   ( ولا يصح عقدها إلا من إمام أو نائبه )    ; لأنه يتعلق بنظر واجتهاد وليس غيرهما محلا لذلك لعدم ولايته . 
ولو جوز ذلك للآحاد لزم تعطيل الجهاد ( ويكون العقد ) أي : عقد الهدنة ( لازما ) لا يبطل بموت الإمام أو نائبه ولا عزله ، بل يلزم الثاني إمضاؤه لئلا ينقض الاجتهاد بالاجتهاد ويستمر ما لم ينقضه الكفار بقتال أو غيره . 
( ويلزمه ) أي : الإمام أو نائبه ( الوفاء بها ) أي : بالهدنة للزومها ( فإن هادنهم ) أي : الكفار ( غيرهما ) أي : غير الإمام أو نائبه    ( لم تصح ) الهدنة لما سبق . 
( ولا تصح ) الهدنة ( إلا حيث جاز  [ ص: 112 ] تأخير الجهاد ) لمصلحة ( فمتى رأى ) الإمام أو نائبه ( المصلحة في عقدها لضعف في المسلمين عن القتال ، أو لمشقة الغزو أو لطمعه في إسلامهم ، أو في أدائهم الجزية أو غير ذلك ) من المصالح ( جاز ) له عقدها ; لأنه صلى الله عليه وسلم " هادن قريشا لكن قوله : لطمعه في إسلامهم رواية قطع بها في شرح المنتهى وغيره والثانية لا يجوز عقدها لذلك ويقتضي كلامه في الإنصاف أنها صحيحة ; لأنه صحح أنه لا يجوز عقدها إلا حيث يجوز تأخير الجهاد ، كما هو صدر عبارة المصنف  وقد تقدم أنه لا يجوز تأخير الجهاد لذلك على الصحيح . 
				
						
						
