[ ص: 229 ] فصل القسم السادس من أقسام الخيار ( إذا أخبره ) أي أخبر البائع المشتري ( بزيادة في الثمن أو نحو ذلك ) كإخفاء تأجيله ( ولا بد في جميعها ) أي الأربعة المذكورة ( من معرفة ) البائع و ( المشتري رأس المال ) لأن معرفة الثمن شرط كما تقدم فمتى فاتت لم يصح . خيار يثبت في التولية والشركة والمرابحة والمواضعة
( وهن ) أي التولية والشركة والمرابحة والمواضعة ( أنواع من البيع ) اختصت بهذه الأسماء ، كاختصاص السلم والمشتري قد يكون له غرض في الشراء على الوجه الذي أوقعه ، لكونه حالفا أو وصيا في الشراء على هذا الوجه . ( فتصح ) هذه الأنواع ( بألفاظها و ) تصح ( بلفظ البيع ) وبما يؤدي ذلك المعنى
( وهي ) صورة ( البيع بتخيير الثمن ، وبيع المساومة أسهل منه نصا ) قال في الحاوي الكبير : لضيق المرابحة على البائع لأنه يحتاج أن يعلم المشتري بكل شيء من النقد والوزن وتأخير الثمن وممن اشتراه ويلزمه المؤنة والرقم ، والقصارة ، والسمسرة والحمل ولا يغر فيه ولا يحل له أن يزيد على ذلك شيئا إلا ببينة له ليعلم المشتري بكل ما يعلمه البائع وليس كذلك المساومة انتهى .
وفي الإنصاف قلت أما بيع المرابحة في هذه الأزمان فهو أولى للمشتري وأسهل انتهى ولا مخالفة بينهما لأن كلام الحاوي في الضيق على البائع كما بينه وكلام صاحب الإنصاف في سهولة الأمر على المشتري بترك المماكسة ( فالتولية ) لغة تقليد العمل والمراد بها هنا ( البيع برأس المال ) فقط ( فيقول البائع : وليتكه ، أو بعتكه برأس ماله ، أو بما اشتريته به ، أو برقمه المعلوم عندهما ) أي البائع والمشتري ( وهو ) أي رقمه ( الثمن المكتوب عليه ) فإن لم تصح وإن جهلا أو أحدهما الثمن لم يجز بيعها بتخيير الثمن حتى يرقمها بنفسه لأنه لا يعلم ما فعل القصار . دفع الثياب إلى قصار وأمره برقمها ، فرقم ثمنها عليها
( نحو : أشركتك في نصفه أو ثلثه ونحوه ) كربعه ، و ( كقوله : هو شركة بيننا ) فيكون له نصفه لأن مطلق الشركة يقتضي التسوية ( فلو قال ) إنسان اشترى شيئا ( لمن قال له أشركني فيه : أشركتك انصرف ) الإشراك ( إلى نصفه ) لأن مطلق الشركة يقتضي التسوية . ( والشركة : بيع بعضه ) أي المبيع ( بقسطه من الثمن ) المعلوم لهما
( وإن لقيه آخر فقال ) الآخر له ( أشركني [ ص: 230 ] وكان الآخر عالما بشركة الأول فشركه فله نصف نصيبه وهو الربع ) لأنه طلب منه أن يشركه في النصف وأجابه إلى ذلك فيأخذ الربع .
( وإن لم يكن ) الآخر ( عالما ) بشركة الأول وقال أشركتك ( صح ) ذلك ( وأخذ ) الآخر ( نصيبه كله وهو النصف ) لأنه طلب منه نصف المبيع وأجابه إليه وإن فلهما الثلثان وله الثلث . طلبا منه الشركة فشركهما معا
( وإن فله الثلث ) لما سبق من أن مطلق الشركة يقتضي التسوية . كانت السلعة لاثنين فقال لهما آخر أشركاني فيها ، فأشركاه معا
( وإن أشركه أحدهما ) وحده ( ف ) له ( نصف نصيبه ) وهو الربع لما سبق .
( وإن أشركه كل واحد منهما منفردا كان له النصف ولكل واحد منهما الربع ) لما تقدم ( ولو اشترى ) شخص ( قفيزا من طعام أو غيره ) مما يكال ( فقبض ) المشتري ( نصفه فقال له آخر بعني نصفه فباعه ) نصفه ( انصرف ) البيع ( إلى النصف المقبوض ) لأنه الذي يصح تصرف المشتري فيه ( وإن قال ) الآخر لمشتري القفيز القابض لنصفه ( أشركني في هذا القفيز بنصف الثمن ففعل ) أي قال له : أشركتك فيه بنصف الثمن ( لم تصح الشركة إلا فيما قبض منه وهو النصف فيكون لكل واحد ) من النصف المقبوض ( الربع بربع الثمن ) والنصف الذي لم يقبض باق للمشتري الأول لأن تصرف المشتري بالشركة لا يصح فيما قبض منه ( والمرابحة ) من الربح هي ( أن يبيعه بثمنه ) المعلوم ( وربح معلوم فيقول : رأس مالي فيه مائة بعتكه بها وربح عشرة فيصح ) ذلك ( بلا كراهة ) لأن الثمن والربح معلومان ( ويكون الثمن مائة وعشرة وكذا قوله : على أن أربح في كل عشرة درهما ) .
يصح ويكره نص عليه واحتج بكراهته ابن عمر ونقل وابن عباس أحمد بن هاشم كأنه دراهم بدراهم ( أو قال ) بعتكه ( ده ياز ده ) أي العشرة أحد عشر ( أو ) بعتكه ( ده دوازده ) أي العشرة اثنا عشر يصح .
( ويكره نصا ) قال لأنه بيع الأعاجم ( عكس المرابحة ويكره فيها ) أي المواضعة ( ما يكره فيها ) أي المرابحة كقوله : ثمنه كذا بعتكه به على أن أضع من كل عشرة درهما ( ف ) المواضعة : أن ( يقول : بعتكه بها ) أي بالمائة التي هي رأس ماله مثلا . ( والمواضعة ) المشاركة في المبيع ، فيكون بدون رأس المال
( ووضيعة درهم من كل عشرة ف ) يصح البيع لأنه لفظ محصل لمقصود البيع بدون رأس المال قال في المبدع : وهذه الصورة مكروهة بخلاف ما إذا . قال بعتكه به أي برأس ماله ، [ ص: 231 ] وأضع لك عشرة
و ( يحط منه ) أي من رأس المال وهو المائة ( عشرة ويلزم المشتري تسعون درهما ) لأن المائة عشر عشرات فإذا سقط من كل عشرة درهم بقي تسعون ( وإن كان الحط ) للدرهم من أحد عشر لأنه اقتضى أن يكون الحط من غير العشرة ( ك ) قوله : بعتك بالمائة ووضيعة درهم ( عن كل عشرة فيلزمه ) أي المشتري ( تسعون درهما وعشرة أجزاء من أحد عشر جزءا من درهم ) لأنه يسقط من تسعة وتسعين ومن درهم جزء من أحد عشر جزءا يبقى ما ذكر ولا تضر الجهالة بذلك حال العقد ، لزوالها بالحساب وما ذكره من ثبوت الخيار في الصور الأربعة إذا ظهر أن الثمن أقل مما أخبر به البائع تبع فيه المقنع وهو رواية قال ) البائع : بعتكه بالمائة ( ووضعه درهم لكل عشرة . حنبل
( و ) المذهب أنه ( فللمشتري حط الزيادة ) في التولية والشركة ولا خيار وللمشتري أيضا حط الزيادة ( في المرابحة و ) حط حظها ( أي قسطها ) من الربح . ( من أخبر بثمن فعقد به ) تولية أو شركة أو مرابحة أو وضيعة ( ثم ظهر الثمن أقل ) مما أخبر به
( ولا خيار ) وينقصه ( أي الزائد ) في المواضعة لأنه باعه برأس ماله وما قدره من الربح أو الوضيعة فإذا بان رأس ماله قدرا كان مبيعا به وبالزيادة أو النقص بحسب ما اتفقا عليه ( ويلزم البيع بالباقي ) فلا خيار للمشتري فيها لأن الثمن إذن بأقل مما أخبر به وسقط عنه الزائد فقد زيد خيرا فلم يكن له خيار كما لو وكل من يشتري له معينا بمائة فاشتراه بتسعين .
( وإن بان ) أي ظهر الثمن الذي أخبر به البائع المشتري ( مؤجلا وقد كتمه ) أي التأجيل ( بائع في تخييره ) بالثمن ( ثم علم مشتر ) تأجيله ( أخذ ) المبيع ( به ) أي بالثمن ( مؤجلا ) بالأجل الذي اشتراه البائع إليه ( ولا خيار ) للمشتري ( فلا يملك الفسخ فيهن ) أي في الصور الأربعة السابقة ، لما تقدم من أنه زيد خيرا .