( ويسن لمن سمع المؤذن ولو ) سمع مؤذنا ( ثانيا وثالثا حيث سن ) الأذان ثانيا وثالثا ، لسعة البلد أو نحوها قال في المبدع : لكن لو سمع المؤذن وأجابه وصلى في جماعة لا يجيب الثاني لأنه غير مدعو بهذا الأذان ( حتى ) أنه يستحب للمؤذن أن يجيب ( نفسه نصا ) صرح باستحبابه جماعة وظاهر كلام آخرين لا يجيب نفسه ، قال ابن رجب في القاعدة السبعين : الأرجح أنه لا يجيب نفسه ( أو ) أي : ويسن لمن سمع ( المقيم ) حتى نفسه على ما تقدم ( أن ما يقول متابعة ) ل ( قوله سرا كما يقول ) .
المؤذن والمقيم ( ولو ) كان السامع ( في طواف ) فرض أو نفل ( أو ) كان السامع ( امرأة أو تاليا ونحوه ) كالذاكر ( فيقطع القراءة ) أو الذكر ( ويجيبه ) لعموم ما يأتي ، ( ولا ) يجيب السامع إن كان ( مصليا ) فرضا أو نفلا ( و ) لا إن كان ( متخليا ) أي : داخلا الخلاء ونحوه ، لقضاء حاجته ( ويقضيانه ) أي : يقضي المصلي والمتخلي ما سمعه من أذان أو إقامة إذا فرغ [ ص: 246 ] من صلاته أو خرج من قضاء حاجته على صفة ما يجيبه عقبه .
( فإن أجابه المصلي بطلت ) الصلاة ( بالحيعلة فقط ) أي : إذا قال السامع مجيبا للمؤذن أو المقيم : حي على الصلاة ، أو حي على الفلاح ، بطلت صلاته ، دون ألفاظ باقي الأذان لأنها أقوال مشروعة في الصلاة في الجملة ، بخلاف الحيعلة ، لأنها خطاب آدمي ، ومثل الحيعلة إذا أجاب في التثويب بصدقت وبررت فتبطل به الصلاة ( إلا في الحيعلة ) استثناء من قوله كما يقول ( فيقول ) السامع للحيعلة ( لا حول ) أي : تحول من حال إلى حال ( ولا قوة ) على ذلك ( إلا بالله ) وقيل : لا حول عن معصية الله إلا بمعونة الله ولا قوة على طاعة الله إلا بتوفيقه والمعنى الأول أجمع وأشمل قاله الشيخ تقي الدين في شرح العمدة .
( و ) يقول المجيب ( عند التثويب ) أي : قول المؤذن في أذان الفجر : " الصلاة خير من النوم " ( صدقت وبررت ) بكسر الراء ( و ) إلا ( في الإقامة ) فيقول ( عند لفظها أقامها الله وأدامها ) لما روى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { عمر محمدا رسول الله فقال أشهد أن محمدا رسول الله ثم قال حي على الصلاة فقال لا حول ولا قوة إلا بالله ، ثم قال حي على الفلاح فقال : لا حول ولا قوة إلا بالله ثم قال الله أكبر الله أكبر فقال الله أكبر الله أكبر ثم قال لا إله إلا الله فقال : لا إله إلا الله مخلصا من قلبه دخل الجنة } رواه إذا قال المؤذن الله أكبر الله أكبر فقال أحدكم الله أكبر الله أكبر ثم قال أشهد أن لا إله إلا الله ، فقال أشهد أن لا إله إلا الله ثم قال أشهد أن وإنما لم يتابعه في الحيعلة لأنها خطاب فإعادته عبث بل سبيله الطاعة ، وسؤال الحول والقوة ، وتكون الإجابة عقب كل جملة للخبر والأصل في استحباب إجابة المقيم ما روى مسلم أبو داود بإسناده عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم { أخذ في الإقامة ، فلما أن قال قد قامت الصلاة قال النبي صلى الله عليه وسلم أقامها الله وأدامها بلالا } . أن
وقال في سائر ألفاظ الإقامة كنحو حديث في الأذان وإنما استحبت عمر على ما تقدم ، ليجمع بين أجر الأذان والإقامة ، والإجابة والحيعلة هي قول : حي على الصلاة حي على الفلاح ، على أخذ الحاء والياء من حي والعين واللام من على كما يقال : الحوقلة في لا حول ولا قوة إلا بالله على أخذ الحاء من حول والقاف من قوة واللام من اسم الله تعالى ، وتقدم معناها . الإجابة للمؤذن والمقيم
وقال : لا حول عن معصية الله إلا بعصمة الله ، ولا قوة على طاعة الله إلا بمعونته قال ابن مسعود : هذا أحسن ما جاء فيه ( ولو الخطابي لم يأت بتحية المسجد ولا بغيرها ، بل يجيب ) المؤذن ( حتى يفرغ ) من أذانه فيصلي التحية بشرطه ، ليجمع بين أجر الإجابة والتحية قال في الفروع : ( ولعل المراد غير أذان الخطبة ) أي : الأذان الذي يكون بين يدي الخطيب يوم الجمعة ( لأن سماعها ) أي : الخطبة أهم من الإجابة ، فيصلي التحية إذا دخل . دخل المسجد والمؤذن قد شرع في [ ص: 247 ] الأذان
( ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم بعد فراغه ) من الأذان وإجابته ( ثم يقول ) كل من المؤذن وسامعه ( اللهم رب هذه الدعوة التامة ، والصلاة القائمة آت محمدا الوسيلة والفضيلة ، وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته ) لما روى مرفوعا { ابن عمر } رواه إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول المؤذن ، ثم صلوا علي فإنه من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا ، ثم سلوا الله لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة ، لا ينبغي أن تكون إلا لعبد من عباد الله ، وأرجو أن أكون أنا هو فمن سأل لي الوسيلة حلت عليه الشفاعة . مسلم
وعن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال { جابر محمدا الوسيلة والفضيلة ، وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته ; حلت له شفاعتي يوم القيامة } رواه من قال حين يسمع النداء : اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة ، آت قال في المبدع : ولم يذكر والسلام معه فظاهره أنه لا يكره بدونه وقد ذكر البخاري النووي أنه يكره .
" تتمة " " اللهم " أصله يا الله والميم بدل من ياء النداء قاله الخليل وقال وسيبويه الفراء : أصله يا الله أمنا بخير فحذف حرف النداء ولا يجوز الجمع بينهما إلا في الضرورة " والدعوة " بفتح الدال هي دعوة الأذان سميت تامة لكمالها وعظمة موقعها وسلامتها من نقص يتطرق إليها وقال : وصفها بالتمام لأنها ذكر الله ، يدعى بها إلى طاعته التي تستحق صفة الكمال والتمام ، وما سواها من أمور الدنيا معرض للنقص والفساد ، وكان الإمام الخطابي يستدل بهذا على أن أحمد قال لأنه ما من مخلوق إلا وفيه نقص ، والصلاة القائمة التي ستقوم ، وتفعل بصفاتها . القرآن غير مخلوق
و " الوسيلة " منزلة عند الملك وهي منزلة في الجنة و " المقام المحمود " الشفاعة العظمى في يوم القيامة لأنه يحمده فيه الأولون والآخرون والحكمة في سؤال ذلك مع كونه واجب الوقوع بوعد الله تعالى إظهار كرامته ، وعظم منزلته ، وقد وقع منكرا في الصحيح تأدبا مع القرآن ; فيكون قوله " الذي وعدته " منصوبا على البدلية ، أو على إضمار فعل أو مرفوعا على أنه خبر لمبتدأ محذوف .