فصل الضرب الثاني : المحرمات إلى أمد وهن نوعان : أحدهما لأجل الجمع وهو المشار إليه بقوله ( ويحرم الجمع بين الأختين    ) من نسب أو رضاع حرتين كانتا أو أمتين أو حرة وأمة قبل الدخول أو بعده لقوله تعالى { وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف    } ( 2 ) . 
( و ) ويحرم الجمع أيضا ( بين المرأة وعمتها أو ) بين المرأة و ( خالتها  ولو رضيتا وسواء كانت العمة والخالة حقيقة أو مجازا كعمات آبائهم وخالاتهم ) أي خالات الآباء وإن علوا ( وعمات أمهاتهن وخالاتهن وإن علت درجتهن من نسب أو رضاع ) قال  ابن المنذر  أجمع أهل العلم على القول به وليس فيه بحمد الله اختلاف إلا أن بعض أهل البدع ممن لا تعد مخالفته خلافا ، وهم الرافضة  والخوارج  لم يحرموا ذلك ولم يقولوا بالنسبة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي ما روى  أبو هريرة  قال : 
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { لا تجمعوا بين المرأة وعمتها ، ولا بين المرأة وخالتها   } متفق عليه . 
وفي رواية أبي داود    { ولا تنكح المرأة على عمتها ، ولا العمة على بنت أخيها ولا المرأة على خالتها ولا الخالة على بنت أختها ، لا تنكح الكبرى على الصغرى ولا الصغرى على الكبرى   } ولأن العلة في تحريم الجمع بين الأختين إيقاع العداوة بين الأقارب وإفضاء ذلك إلى قطيعة الرحم المحرم فإن احتجوا بعموم قوله تعالى { وأحل لكم ما وراء ذلكم    }  [ ص: 75 ] خصصناه بما روي من الحديث الصحيح . 
( و ) يحرم الجمع أيضا ( بين خالتين  بأن ينكح كل واحد منهما ) أي من رجلين ( ابنة الآخر فيولد لكل واحد منهما ) بنت فكل من البنتين خالة للأخرى لأنها أخت أمها لأبيها . 
( و ) يحرم الجمع أيضا ( بين عمتين  بأن ينكح كل واحد منهما أم الآخر فيولد لكل واحد منهما بنت ) فكل من البنتين عمة للأخرى لأنها أخت أبيها لأمه ( أو ) أي ويحرم الجمع بين ( عمة وخالة بأن ينكح ) الرجل ( امرأة وينكح ابنه أمها فيولد لكل واحد منهما بنت ) فبنت الابن خالة ابن بنت الأب وبنت الأب عمة بنت الابن . 
( و ) يحرم الجمع ( بين كل امرأتين لو كانت إحداهما ذكرا والأخرى أنثى حرم نكاحه ) أي الذكر لها لقرابة أو رضاع لأن المعنى الذي حرم الجمع من أجله إفضاؤه إلى قطيعة الرحم القريبة لما في الطباع من التنافر والغيرة بين الضرائر . 
وألحق بالقرابة الرضاع لقوله صلى الله عليه وسلم { يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب   } . 
( فإن كان ) الجمع بين الأختين ونحوهما ( في عقد واحد ) بطل في حقهما ( أو ) كان الجمع بينهما ( في عقدين معا ) أي في وقت واحد بطلا ( أو تزوج خمسا ) فأكثر ( في عقد واحد بطل في الجميع ) لأنه لا يمكن تصحيحه في الكل ولا مزية لواحدة على غيرها فيبطل في الجميع بمعنى أنه لم ينعقد . 
				
						
						
