( الإجابة إليها ) أي الوليمة    ( واجبة ) لحديث  أبي هريرة  يرفعه { شر الطعام طعام الوليمة   } أي الذي يدعى له الأغنياء وتترك الفقراء قاله في الشرح { يمنعها من يأتيها ويدعى إليها من يأباها ومن لم يجب فقد عصى الله ورسوله   } رواه  مسلم    . 
وعن  ابن عمر  مرفوعا { أجيبوا هذه الدعوة إذا دعيتم إليها   } متفق عليه ( إذا عينه داع مسلم يحرم هجره ومكسبه طيب في اليوم الأول ) ويأتي محترز هذه القيود ( وهي ) أي الإجابة ( حق الداعي تسقط بعفوه ) عن الدعوة كسائر حقوق الآدمي ( وقدم  [ ص: 167 ] في الترغيب لا يلزم القاضي حضور وليمة عرس    ) لعله في مظنة الحاجة إليه لدفع ما هو أهم من ذلك . 
( ومنع ابن الجوزي  في المنهاج من إجابة ظالم وفاسق ومبتدع ومتفاخر بها أو فيها مبتدع يتكلم ببدعته  إلا لراد عليه ، وكذا إن كان فيها مضحك بفحش أو كذب ) لأن ذلك إقرار على معصية . 
( وإلا ) بأن لم يكن مضحكا بفحش ولا كذب ( أبيح ) أن يجيب ( إذا كان ) يضحك ( قليلا ، وإن كان المدعو مريضا أو ممرضا ) لغيره ( أو مشغولا بحفظ مال ) لنفسه أو غيره ( أو كان في شدة حر أو برد أو ) في ( مطر يبل الثياب أو وحل ) لم تجب الإجابة لأن ذلك عذر يبيح ترك الجماعة فأباح ترك الإجابة ( أو كان أجيرا ) خاصا ( ولم يأذن له المستأجر لم تجب ) عليه ( الإجابة ) لأن منافعه مملوكة لغيره . 
أشبه العبد غير المأذون ( والعبد كالحر ) في وجوب الإجابة لعموم ما سبق ( إن أذن له سيده ) وإلا لم يجب لأن حق سيده آكد ( والمكاتب إن أضر ) حضوره ( بكسبه لم يلزمه الحضور إلا أن يأذن له سيده . 
وفي الترغيب ) والبلغة ( إن علم حضور الأرذال ومن مجالستهم تزري بمثله لم تجب إجابته ) قال الشيخ تقي الدين    : لم أره لغيره من أصحابنا قال : وقد أطلق  أحمد  الوجوب واشتراط الحد قال : وعدم المنكر فأما هذا الشرط فلا أصل له ، كما أن مخالطة هؤلاء في صفوف الصلاة لا تسقط الجماعة وفي الجنازة لا تسقط الحضور فكذلك هنا وهذه شبهة  الحجاج ابن أرطاة  وهو نوع من التكبر فلا يلتفت إليه . 
نعم إن كانوا يتكلمون بكلام محرم فقد اشتملت الدعوة على محرم ، وإن كان مكروها فقد اشتملت على مكروه ( وتكره إجابة من في ماله حلال وحرام  كأكله منه ومعاملته وقبول هديته وهبته ونحوه ) كصدقته جزم به في المغني والشرح وقاله  ابن عقيل  في الفصول وغيره وقدمه الأزجي  وغيره قال في الإنصاف : وهذا المذهب على ما اصطلحناه في الخطبة انتهى ويؤيده حديث { فمن ترك الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه   } . 
( وقيل يحرم ) مطلقا ( كما لو كان كله حراما ) قطع به الشيرازي  في المنتخب . 
( وقال الأزجي    ) في نهايته ( وهو قياس المذهب ) وقدمه  أبو الخطاب  في الانتصار . 
( وسئل ) أي سأل المروذي    (  أحمد  عن الذي يعامل بالربا أيؤكل عنده أم لا ؟ قال لا وفي ) آداب ( الرعاية ) الكبرى ( ولا يأكل مختلطا بحرام بلا ضرورة ) وقيل إن زاد الحرام على الثلث حرم الأكل وإلا فلا ، قدمه في الرعاية وقيل إن كان الحرام أكثر حرم الأكل وإلا  [ ص: 168 ] فلا إقامة للأكثر مقام الكل قطع به ابن الجوزي  في المنهاج . 
( و ) على القول الأول ( تقوى الكراهة وتضعف بحسب كثرة الحرام وقلته وإن لم يعلم أن في المال حراما فالأصل الإباحة ) فتجب الإجابة ولا تحريم بالاحتمال استصحابا للأصل ( وإن كان تركه ) أي الأكل ( أولى ) حيث لم يعلم الحل ( للشك وينبغي صرف الشبهات في الأبعد عن المنفعة فالأقرب ما يدخل في الباطن من الطعام والشراب ونحوه ) . 
فيجرى فيه الحلال ( ثم ما ولي الظاهر من اللباس فإن دعاه الجفلى ) كرهت الإجابة    ( أو ) دعاه ( في اليوم الثالث ) كرهت الإجابة لقوله عليه الصلاة والسلام { الوليمة أول يوم حق والثاني معروف والثالث رياء وسمعة   } رواه أبو داود   وابن ماجه  وغيرهما ( أو ) دعاه ( ذمي  كرهت الإجابة ) لأن المطلوب إذلاله وذلك ينافي إجابته ( وتستحب ) الإجابة ( في اليوم الثاني ) للحديث السابق ( وإن دعته امرأة  فكرجل ) في وجوب الإجابة على ما تقدم لعموم ما سبق ( إلا مع خلوة محرمة ) فتحرم الإجابة لاشتمالها على محرم . 
( وسائر الدعوات مباحة نصا ) وتقدم ( غير عقيقة فتسن ) وتقدمت في الهدي والأضاحي ( و ) غير ( مأتم فتكره ) وتقدم في الجنائز ، والمأتم بالمثناة قال في النهاية : المأتم في الأصل مجتمع الرجال والنساء في الغم والفرح ، ثم خص به اجتماع النساء في الموت وقيل هو للشواب منهن لا غير   ( ويكره لأهل الفضل والعلم الإسراع إلى الإجابة ) إلى الولائم غير الشرعية ( والتسامح ) أي التساهل ( فيه  لأن فيه بذلة ودناءة وشر ها لا سيما الحاكم ) لأنه ربما كان ذريعة للتهاون به وعدم المبالاة . 
				
						
						
