( فصل ) حكاه ولا يجزي في جميع الكفارات وفي نذر العتق المطلق إلا عتق رقبة مؤمنة إجماعا في كفارة القتل لقوله تعالى { ابن المنذر ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة } وما عدا كفارة القتل ، فبالقياس عليها لقوله صلى الله عليه وسلم { } رواه أعتقها فإنها مؤمنة من حديث مسلم ( سليمة من العيوب المضرة بالعمل ضررا بينا ) لأن المقصود تمليك الرقبة منافعها وتمكينها من التصرف لنفسها ولا يحصل هذا مع ما يضر بالعمل ضررا بينا ( كالعمى ) لأنه لا يمكن العمل في أكثر الصنائع . معاوية
( و ) ك ( قطع اليدين أو إحداهما أو ) قطع ( الرجلين أو إحداهما أو أشل شيء من ذلك ) أي من اليدين أو إحداهما أو الرجلين أو إحداهما لأن اليد آلة البطش والرجل آلة المشي .
فلا يتهيأ له كثير من العمل مع تلف إحداهما أو شللها ( أو قطع إبهام اليد أو قطع أنملة منه ) أي من إبهام اليد ( أو ) قطع ( أنملتين من غيره ) أي من غير الإبهام كالسبابة والوسطى ( كقطع الكل ) أي كل ذلك الإصبع الذي قطع أنملتاه ( أو قطع سبابتها أو الوسطى ) من يد ( أو قطع الخنصر والبنصر من يد واحدة ) لأن نفع اليد يزول بذلك ( وقطع أنملة واحدة من غير [ ص: 380 ] الإبهام ولو ) كان ( قطع الأنملة من الأصابع الأربع لا يمنع الإجزاء ) لأن نفع اليد باق لم يزل بذلك ( ويجزئ من قطعت خنصره ) فقط ( أو ) بنصره فقط ( أو ) قطعت ( إحداهما من يد و ) قطعت ( الأخرى من اليد الأخرى ) بأن قطع الخنصر من اليمنى والبنصر من اليسرى أو بالعكس ، لأن نفع الكفين باق ( و ) يجزئ ( من قطعت أصابع قدمه كلها ) هذا ما اختاره المصنف تبعا لجماعة .
وفي التنقيح وتبعه في المنتهى حكم الرجل في ذلك كاليد .
وقد ذكرت كلامه في حاشيته على التنقيح في حاشية المنتهى ( و ) يجزئ ( الأعرج يسيرا ) ويجزئ أيضا ( من يخنق في الأحيان و ) تجزئ ( الرتقاء والكبيرة التي تقدر على العمل والأمة المزوجة والحبلى ، وله استثناء حملها والمدبر وولد الزنا والصغير حيث كان محكوما بإسلامه ) تبعا لأحد أبويه أو لسابيه أو للدار .
( و ) يجزئ ( الأعرج والمؤجر والمرهون ولو كان الراهن معسرا ) وينفذ عتقه ويتبعه المرتهن بدينه إن حل أو قيمة العبد تجعل رهنا مكانه إذا أيسر ، ومقدم في الرهن .
( و ) يجزئ ( الخصي ولو مجبوبا والأقرع والأبخر والأبرص وأصم غير أخرس ) لأن هذه العيوب كلها لا تضر بالعمل ضررا بينا .
( و ) يجزى ( الجاني ) لأن جنايته لا تمنع صحة عتقه ولا تضر بعمله ( ولو قتل في الجناية ) لأن الإجزاء حصل بمجرد العتق ، ولا يرتفع عتقه بذلك .
( و ) يجزئ ( الأحمق ، وهو الذي يعمل القبيح والخطأ على بصيرة لقلة مبالاته بما يعقبه من المضار ويجزئ مقطوع الأنف و ) مقطوع ( الأذنين ومن ذهب شمه ) لأن ذلك لا يضر بالعمل ( ولا يجزئ مريض ميئوس من برئه كمرض السل ) بكسر السين وتقدم لأنه يندر برؤه ولا يتمكن من العمل مع بقائه ( ولا يجزئ ) أيضا ( النحيف العاجز عن العمل ) لأنه كالمريض الميئوس من برئه ( وإن كان ) النحيف ( يتمكن من العمل أجزأ كمريض يرجى برؤه كمن به حمى ونحوه ) كصداع ، لأن ذلك لا يمنعه من العمل ( ولا يجزئ جنين وإن ولد حيا ) لأنه لم تثبت له أحكام الدنيا بعد .
( ولا ) يجزئ ( زمن ولا مقعد ) لعجزهما عن العمل ( ولا ) يجزئ ( غائب لا يعلم خبره ) لأنه مشكوك في حياته ، والأصل بقاء شغل الذمة ولا يبرأ بالشك لا يقال : الأصل الحياة لأنه قد علم أن الموت لا بد منه وقد وجدت دلالة عليه وهو انقطاع خبره ( فإن أعتقه ) أي الغائب ( ثم تبين أنه حي أجزأ ) لأنه عتق صحيح ( و ) يجزئ ( مجنون مطبق ) لأنه معدوم النفع ضرورة استغراق زمنه في الجنون ، وفي معناه الهرم قاله في الرعاية ( ولا ) [ ص: 381 ] يجزئ ( أخرس لا تفهم إشارته ) لأن منفعته زائلة أشبه زوال العقل ( فإن فهمت ) إشارته ( وفهم ) أي الأخرس ( إشارة غيره أجزأ ) عتقه ، لأن الإشارة تقوم مقام الكلام ( ولا أخرس أصم ولو فهمت إشارته ) .
لأنه ناقص بفقد حاستين تنقص بفقدهما قيمته نقصا كثيرا ( ولا من علق عتقه بصفة عند وجودها ) كما لو قال لعبده إن دخلت الدار فأنت حر ثم دخلها ، ونوى السيد حال دخوله أنه عن كفارته لم يجزئه ، لأن عتقه مستحق سبب آخر وهو الشرط ( فإن علق عتقه للكفارة ) بأن قال إن اشتريتك فأنت حر للكفارة ، ثم اشتراه لها أجزأ لأن عتقه للكفارة ( أو ) علق عتق عبد بصفة كقدوم زيد ودخوله الدار ثم ( أعتقه قبل وجود الصفة أجزأ ) لأنه أعتق عبده الذي يملكه عن الكفارة .
( ولا ) يجزئ ( من يعتق عليه بالقرابة ) لقوله تعالى : { فتحرير رقبة } والتحرير فعل العتق ولم يحصل هنا بتحرير منه ولا إعتاق فلم يكن ممتثلا للأمر ، ويفارق المشتري البائع من وجهين : أحدهما أن البائع يعتقه والمشتري لا يعتقه ، وإنما يعتق بإعتاق الشارع من غير اختياره الثاني أن البائع لا يستحق عليه إعتاقه بخلاف المشتري ( ولا من اشتراه بشرط العتق ) لأنه إذا فعل ذلك فالظاهر أن البائع نقصه من الثمن لأجل هذا الشرط فكأنه أخذ عن العتق عوضا ( ولو قال له ) أي المظاهر ونحوه ممن عليه كفارة رجل أو امرأة ( أعتق عبدك عن كفارتك ولك عشرة دنانير ففعل ) أي أعتقه لذلك ( لم تجزئه عن الكفارة ) لاعتياضه عن العتق ( وولاؤه له ) لعموم الحديث { } ( فإن رد ) المعتق ( العشرة بعد العتق على باذلها ليكون العتق من الكفارة لم يجز ) أي العتق عنها لأن العتق ابتداء وقع غير مجزئ فلم ينقلب مجزئا برد العوض . الولاء لمن أعتق
( وإن قصد ) المعتق ابتداء ( العتق عن الكفارة وحدها وعزم على رد العشرة أو رد العشرة قبل العتق وأعتقه عن كفارته أجزأه ) عتقه عن كفارته لتمحضه لها ( وإن أشترى عبدا ينوي إعتاقه عن كفارته فوجد به عيبا لا يمنع الإجزاء في الكفارة ) كالعور ( فأخذ أرشه ثم أعتقه عن كفارته أجزأه له ) عتقه عنها لعدم المانع ( وكان الأرش له ) كما لو لم يعتقه ( فإن أعتقه قبل العلم بالعيب ثم ظهر على العيب فأخذ أرشه فهو ) أي الأرش ( له أيضا ) كما لو أخذه قبل إعتاقه أنه يصرف الأرش في الرقاب ( ولا تجزئ أم ولد ) لأن عتقها مستحق بسبب آخر كرحمه المحرم . وعنه
( ولا ) يجزئ أيضا [ ص: 382 ] ( ولدها الذي ولدته بعد كونها أم ولد ) لأنه تابع لها وحكمه حكمها ( ولا ) يجزئ ( مكاتب أدى من كتابته شيئا ) لأنه إذا أدى شيئا فقد حصل العوض عن بعضه فلم يجز كما لو أعتق بعض رقبة ( ولا مغصوب ) لعدم تمكنه من منافعه ( ولا من أوصى ) ربه قبل موته ( بخدمته أبدا ) وقبل الموصى له ذلك لنقصه ( ولو أعتق من كفارته عبد لا يجزئ ) عتقه ( في الكفارة ) كالقطع ( نفذ عتقه ) لأنه عتق من مالك جائز التصرف ( ولا يجزئ عنها ) أي الكفارة لما تقدم ( ومن ( لم يعتق عن المعتق عنه إذا كان حيا ) لأنه لم يحصل منه عتق ولا أمر به مع أهليته ( وولاؤه ) أي المعتق ( لمعتقه ) ، لحديث { أعتق غيره عنه عبدا بغير أمره ) في كفارة أو غيرها } ( ولا يجزى عن كفارته ) أي كفارة المعتق عنه . الولاء لمن أعتق
( وإن نوى ) المعتق ( ذلك ) لأن العتق لم يصدر ممن وجبت عليه الكفارة حقيقة ، ولا حكما ، ( وكذا من كفر عنه غيره بالإطعام ) بغير إذنه فإنه لا يجزئه لعدم النية ممن وجبت عليه الكفارة ( فأما الصيام فلا يصح ) أن ينوب عنه أحد ( ولو بإذنه ) لأنه عبادة بدنية محضة فلا تدخله النيابة كالصلاة ، ( وإن أعتقه عنه بأمره ) بأن قال له : أعتق عبدك عني ( ولو لم يجعل ) الآمر ( له عوضا ) عمن أعتقه عنه فأعتقه عنه ( صح العتق عن المعتق عنه وله ولاؤه وأجزأ عن كفارته ) ويقدر أنه من ملك المأمور لا الآمر حال العتق ، أو كان العتق من الآمر لأن المأمور كالوكيل عنه .
( فإن صح ) العتق لأن الموصى إليه كالنائب عن الموصي ( وإن لم يوص ) قبل موته بالعتق ( فأعتق عنه أجنبي لم يصح ) أي لم يجز عنه لأنه لا ولاية له عليه وقد تقدم أنه يجزئ في الولاء ( وإن أعتق عنه ) أي الميت ( وارثه ، ولم يكن عليه ) أي الميت ( واجب ) ، عتق ( لم يصح ) عتقه عنه لأنه إذن كالأجنبي ( ووقع ) العتق ( عن المعتق ) الأجنبي ، أو الوارث ، وتقدم في الولاء أنه يصح ويقع عن الميت ( وإن كان عليه عتق واجب صح ) من الوارث عتقه عنه لأنه وليه ( فإن كان المعتق عنه ميتا ، وكان ) الميت ( قد أوصى بالعتق ( جاز ) لأنه قائم مقام الميت ونائب عنه ( وإن أعتق عنه ) أي عن الميت في كفارة اليمين ( ففيه وجهان ) تقدم في الولاء أنه صح ( ولو كان عليه ) أي الميت كفارة يمين فأطعم عنه الوارث ( أو كسا ) عشرة مساكين صح ) [ ص: 383 ] ذلك كالآمر بالعتق ، سواء ( ضمن له عوضا أو لا ) أي أم لم يضمن له عوضا لأنه أذنه في الإخراج عنه . قال من عليه الكفارة ) أي كفارة اليمين لغيره ( أطعم ) عن كفارتي ( أو اكس عن كفارتي