( باب ) الكفارة مأخوذة من الكفر وهو الستر لأنها تغطي الذنب وتستره ، والأصل فيها الإجماع وسنده قوله تعالى { كفارة القتل وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ } الآية فذكر في الآية ثلاث كفارات إحداهن بقتل المسلم في دار الإسلام خطأ الثانية بقتله في دار الحرب وهو لا يعرف إيمانه الثالثة بقتل المعاهد وهو الذمي ( من قتل نفسا محرمة أو شارك فيها ولو نفسه أو قنه أو مستأمنا أو معاهدا خطأ ) للآية الكريمة ( أو ما أجري مجراه ) لأنه أجري مجراه في عدم القصاص فكذا يجري مجراه في الكفارة ( أو شبه عمد ) لما سبق ( أو قتل بسبب في حياته أو بعد موته كحفر بئر ونصب سكين وشهادة زور ) .
لمفهوم قوله تعالى { و ( لا ) كفارة ( في قتل عمد محض ) ومن قتل مؤمنا خطأ } وسواء كان موجبا للقصاص أو غيره ( ولا ) كفارة أيضا ( في يمكنه أن يأتي به الإمام فقتله قبله ) أي قبل أن يأتي به الإمام . قتل أسير حربي
( ولا في ولا ) في قتل نساء حرب وذريتهم إن وجد ) فيحرم قتله قبل الدعوة ولا كفارة لأنه لا إيمان لهم ولا أمان ( فعليه ) أي القاتل أو المشارك في سوى ما استثني ( كفارة كاملة في ماله ولو كان القاتل إماما في خطأ يحمله بيت المال ) فتجب الكفارة في ماله لا في بيت المال ( أو ) كان القاتل ( كافرا ) فتجب عقوبة له كالحدود ( وهي ) أي كفارة القتل ( عتق رقبة مؤمنة فإن لم يجد ) رقبة مؤمنة فاضلة كما تقدم ( فصيام شهرين متتابعين ) للآية ( وتقدم حكمها عند كفارة الظهار ولو ضرب بطن امرأة فألقت جنينا ميتا أو حيا ثم مات فعليه الكفارة ) لأنه قتل نفسا محرمة أشبه قتل الآدمي بالمباشرة [ ص: 66 ] وكالمولود . قتل ( من لم تبلغه الدعوة
و ( لا ) تجب كفارة ( بإلقاء مضغة ) لم تتصور لأنها ليست نفسا ( وإن قتل جماعة ) أو شارك في قتلهم ( لزمه كفارات ) بعددهم كجزاء الصيد والدية وتجب الكفارة ( سواء كان المقتول مسلما أو كافرا مضمونا ) كالذمي والمستأمن لأنه مقتول ظلما فوجبت فيه الكفارة كالمسلم ، وسواء كان المقتول ( حرا أو عبدا ) لعموم " ومن قتل مؤمنا خطأ " وسواء كان المقتول ( صغيرا أو كبيرا ذكرا أو أنثى ) لما سبق ( وسواء كان القاتل كبيرا عاقلا أو صبيا أو مجنونا أو حرا أو عبدا أو ذكرا أو أنثى ) لأنه حق مالي يتعلق بالقتل فتعلقت بهم كالدية والصلاة والصوم عبادتان بدنيتان وهذه مالية أشبهت نفقة الأقارب .
( ولا يجب كفارة اليمين على الصبي والمجنون ) لأن كفارة اليمين تتعلق بالقول ولا قول للصغير والمجنون وهذه تتعلق بالفعل وفعلهما متحقق ويتعلق بالفعل ما يتعلق بالقول بدليل إحبالها ( ويكفر العبد بالصيام ) لأنه لا مال له ولا مكاتبا لأن ملكه ضعيف ( ويأتي في آخر كتاب الإيمان ويكفر من مال غير مكلف وليه ) كإخراج زكاة ويكفر سفيه بصوم كمفلس ( ومن رمى في دار الحرب مسلما يعتقه كافرا أو رمى إلى صف الكفار فأصاب فيهم مسلما فعليه الكفارة ) لقوله تعالى { وإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة } ولا دية كما تقدم لظاهر الآية ( ولا كفارة في قتل مباح كقتل حربي وباغ وصائل وزان محصن وقتل قصاصا أو حدا ) لأنه قتل مأمور به والكفارة لا تجب لمحو المأمور به .
( ولا ) كفارة ( في قطع طرف ) كأنف ويد ( و ) لا في ( قتل بهيمة ) لأنه لا نص فيه وليس في معنى المنصوص وقتل الخطإ لا يوصف بتحريم ولا إباحة لأنه كقتل المجنون لكن النفس الذاهبة به معصومة محرمة ، فلذلك وجبت الكفارة فيها وقال قوم الخطأ محرم ولا إثم فيه ولا تلزم الكفارة قاتلا حربيا ذكره في الترغيب ( وأكبر الذنوب الشرك بالله ثم القتل ثم الزنا ) للخبر .