لقوله تعالى { ( وليس للمضطر الإيثار بالطعام الذي معه في حال اضطراره ) ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة } ( ولا يجوز لأحد أن يأخذ من المضطر طعامه المضطر إليه فإن أخذه فمات ) صاحبه جوعا ( لزمه ) أي الآخذ ( ضمانه ) لأنه قتله ظلما ( وإن لم يكن صاحبه مضطرا إليه لزمه بذله ) للمضطر ( بقيمته ) لأنه يتعلق به إحياء نفس آدمي معصوم فلزمه بذله كما يلزمه بذل منافعه في تخليصه من الغرق .
( فإن ولا يجوز قتاله ) حيث أمكن أخذه بدونه لعدم الحاجة إليه كدفع الصائل ( فإن أبى ) رب الطعام بذله بالأسهل ( أخذه ) المضطر ( قهرا ) لأنه يستحقه دون مالكه ( ويعطيه ) المضطر ( عوضه ) أي مثله أو قيمته لئلا يجتمع على مالكه فوات العين والمالية ( فإن منعه ) أي منع رب الطعام المضطر من أخذه ( فله قتاله على ما يسد رمقه ) لأنه منعه من الواجب عليه أشبه مانعي الزكاة . أبى ) رب الطعام بذله ( أخذه ) المضطر ( بالأسهل من شراء أو استرضاء
( فإن قتل صاحب الطعام لم يجب ضمانه ) لأنه ظالم بقتاله أشبه الصائل ( وإن قتل المضطر فعليه ) أي صاحب الطعام ( ضمانه ) لأنه قتله ظلما ( ويلزمه ) أي المضطر ( عوضه ) أي الطعام ( في كل موضع أخذه ) لما تقدم ( فإن لم يكن ) العوض ( معه ) أي المضطر ( في الحال ) بأن كان معسرا ( لزمه ) العوض ( في ذمته ) إذا أيسر [ ص: 199 ] للضرورة ( فإن بادر صاحب الطعام فباعه أو رهنه ) ونحوه ( قبل الطلب صح ) تصرفه لأنه مالك تام الملك كالشفيع قبل الطلب ( ويستحق ) المضطر ( أخذه من المرتهن والمشتري ) كالمالك الأول .
( و ) إن كان تصرفه ( بعد الطلب لا يصح البيع في الأظهر قاله في القواعد ) قال : كما لو طالب الشفيع قال : وقد يفرق بأن الشفيع حقه منحصر في عين الشقص وهذا حقه في سد الرمق ولهذا كان إطعامه فرضا على الكفاية فإذا نقله إلى غيره تعلق الحق بذلك الغير ووجب البذل عليه انتهى ولهذا أطلق في الانتصار : أنه يصح . أبو الخطاب