المطلب الرابع: حماية العرض
اعتنى الإسلام بحماية الأعراض، وبلغ في ذلك أقوى درجات الحماية التي يمكن أن يختص بها حق من حقوق الإنسـان، وتبدو حمايته هـذه أوضح ما يكون في العقوبات القضائية الشديدة التي يوقعها في حالات الزنا وهتك العرض والقذف. كما تبدو في تحريمه الغيبة والنميمة والتجسس والتنابز بالألقاب... وما إلى ذلك من كل ما يمس عرض الإنسان وكرامته. وسيعاقب مقترفو هـذه الآثام بأشد العقاب يوم القيامة،
( فعن أبي الدرداء رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من رد عن عرض أخيه رد الله عن وجهه النار يوم القيامة ) [1] .
( وعن أنس بن مالك رضي الله عنه ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لما عرج بي مررت بقوم لهم أظفار من نحاس يخمشون [ ص: 72 ] وجوههم وصدورهم، فقلت: من هـؤلاء يا جبريل؟ قال: هـؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم ) [2] .
ومن أبرز صور حماية الأعراض في الإسلام تقرير عقوبة الزنا والغيبة والنميمة:
1- الزنا وهتك العرض
إن عقوبة الزاني المحصن التي تثبت على وجه القطع واليقين قد قررها الإسلام بالإعدام، بل أوجب أن تنفذ هـذه العقوبة في أعنف صورها وهو الرجم
( لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ... الثيب بالثيب والبكر بالبكر، الثيب جلد مائة ثم رجم بالحجارة ... ) [3] وإذا كان مقترف هـذا الإثم غير متزوج فإن عقوبته أن يجلد مائة جلدة على ملأ من الناس، وإضافة إلى هـذه العقوبة ينفى صاحبها عاما كاملا بعد الجلد،
( لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ... والبكر جلد مائة ثم نفي سنة ... ) [4] . وبجانب هـذه العقوبات الدنيوية المتمثـلة في هـذه الحدود، توعد الله مرتكب هـذه الفواحش بمختلف أنواعها بعذاب أليم يوم القيامة، كما يدل على ذلك حديث
سمرة بن جندب رضي الله عنه ،
( قال النبي صلى الله عليه وسلم : رأيت الليلة رجلين أتياني فأخذا بيدي فأخرجاني إلى الأرض المقدسة... فانطلقنا إلى ثقب مثل التنور (الكانون أو الفانون) [ ص: 73 ] أعلاه ضيق وأسفله واسع، يتوقد تحته نارا، فإذا اقترب ارتفعوا حتى كاد أن يخرجوا فإذا خمدت رجعوا فيها، وفيها رجال ونساء عراة، فقلت: من هـذا؟ قالا: ... الذي رأيته في الثقب فهم الزناة ... ) [5] .
في مقابل هـذا، أمر الإسلام بالزواج لأجل الابتعاد عن الزنا على وجه العموم، لأن الزواج هـو الطريقة المثلى للسيطرة على الدافع الجنسي، فهو يؤدي إلى إشباعه بطريقة الحلال.. ومما يشهد لهذا حديث
( ابن مسعود ، رضي الله عنه قال: قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا معشر الشباب: من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء ) [6] .
ويعلق ابن قيم الجـوزية على هـذا الحـديث فيقول: إن الرسول صلى الله عليه وسلم دل المحب على علاجين: أصلي وبدلي. وأمره بالأصـلي، وهو العـلاج الذي وضع لهذا الداء، فلا ينبغي العدول عنه إلى غيره ما وجـد إليه سبيلا. أما إذا لم يستطع الشباب الزواج فعليه بالعلاج الآخر وهو الصوم فانه يضعف من حدة الدافع الجنسي
[7] .
[ ص: 74 ] 2- الغيبـة والنميمـة
ما الغيبة؟
( عن أبي هـريرة رضي الله عنه ، أن رسول الله ( قال: «أتدرون ما الغيبة؟ قالوا: الله ورسـوله أعلم.. قال: ذكـرك أخـاك بما يكره.. قيل: أفرأيت إن كان في أخـي ما أقول؟ قـال: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه فقد بهته ) [8] .
حرم الإسلام تحريما قاطعا الغيبة والنميمـة وما شـاكل ذلك من كل ما يمس عرض الإنسان وكرامته..
( عن ابن عباس رضي الله عنهما ، قال: مر النبي صلى الله عليه وسلم بقبرين، فقال: «إنهما ليعذبان، وما يعذبان في كبير، أما أحدهما فكان لا يستتر من البول، وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة ) [9] .
وتوعد الله مرتكبي هـذا الإثم بعذاب أليم يوم القيامة. ومما يشهد لذلك حديث
( أنس بن مالك رضي الله عنه ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لما عرج بي مررت بقوم لهم أظفار من نحاس يخمشون وجوههم وصدورهم، فقلت: من هـؤلاء يا جبريل؟ قال: هـؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم ) [10] .
وأما النميمة وهي نقل الكلام بين الناس على سبيل الإفساد. كما أشار إلى ذلك حديث
( ابن مسعود رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ألا أنبئكم ما العضه؟ هـي النميمة القالة بين الناس ) [11] .
[ ص: 75 ] ( وعن حذيفة بن اليمان ، رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: « لا يدخل الجنة قتات ) [12] ، أي نمام.
وهدف الإسلام من توخي أسلوب الحزم والوعيد في التعامل مع مرتكبي هـذه الآفات الأخلاقية والاجتماعية ليس العقوبة في حد ذاتها، وإنما حمل الإنسان على الاستقامة والتمسك بالفضائل وتعميق الشعور عنده باحترام الآخرين مما يفضي إلى سلامة العلاقات ونظافة المجتمع.
المطلب الرابع: حماية العرض
اعتنى الإسلام بحماية الأعراض، وبلغ في ذلك أقوى درجات الحماية الّتي يمكن أن يختصّ بها حقّ من حقوق الإنسـان، وتبدو حمايته هـذه أوضح ما يكون في العقوبات القضائية الشديدة الّتي يوقعها في حالات الزنا وهتك العرض والقذف. كما تبدو في تحريمه الغيبة والنميمة والتجسس والتنابز بالألقاب... وما إلى ذلك من كلّ ما يمسّ عرض الإنسان وكرامته. وسيعاقب مقترفو هـذه الآثام بأشد العقاب يوم القيامة،
( فعن أبي الدرداء رضي الله عنه ، عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: مَنْ رَدَّ عَنْ عِرْضِ أَخِيهِ رَدَّ اللَّهُ عَنْ وَجْهِهِ النَّارَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) [1] .
( وعن أنس بن مالك رضي الله عنه ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لَمَّا عُرِجَ بِي مَرَرْتُ بِقَوْمٍ لَهُمْ أَظْفَارٌ مِنْ نُحَاسٍ يَخْمُشُونَ [ ص: 72 ] وُجُوهَهُمْ وَصُدُورَهُمْ، فَقُلْتُ: مَنْ هـَؤُلاءِ يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: هـَؤُلاءِ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ لُحُومَ النَّاسِ وَيَقَعُونَ فِي أَعْرَاضِهِمْ ) [2] .
ومن أبرز صور حماية الأعراض في الإسلام تقرير عقوبة الزنا والغيبة والنميمة:
1- الزّنا وهتك العرض
إنّ عقوبة الزّاني المحصن التي تثبت على وجه القطع واليقين قد قرّرها الإسلام بالإعدام، بل أوجب أن تنفذ هـذه العقوبة في أعنف صورها وهو الرجم
( لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ... الثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ وَالْبِكْرُ بِالْبِكْرِ، الثَّيِّبُ جَلْدُ مِائَةٍ ثُمَّ رَجْمٌ بِالْحِجَارَةِ ... ) [3] وإذا كان مقترف هـذا الإثم غير متزوج فإن عقوبته أن يُجلد مائة جلدة على ملأ من النّاس، وإضافة إلى هـذه العقوبة ينفى صاحبها عامّا كاملا بعد الجلد،
( لقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم : ... وَالْبِكْرُ جَلْدُ مِائَةٍ ثُمَّ نَفْيُ سَنَةٍ ... ) [4] . وبجانب هـذه العقوبات الدنيوية المتمثّـلة في هـذه الحدود، توعد الله مرتكب هـذه الفواحش بمختلف أنواعها بعذاب أليم يوم القيامة، كما يدل على ذلك حديث
سمرة بن جندب رضي الله عنه ،
( قال النبي صلى الله عليه وسلم : رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ رَجُلَيْنِ أَتَيَانِي فَأَخَذَا بِيَدِي فَأَخْرَجَانِي إِلَى الْأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ... فَانْطَلَقْنَا إِلَى ثَقْبٍ مِثْلِ التَّنُّورِ (الكانون أو الفانون) [ ص: 73 ] أَعْلاهُ ضَيِّقٌ وَأَسْفَلُهُ وَاسِعٌ، يَتَوَقَّدُ تَحْتَهُ نَارًا، فَإِذَا اقْتَرَبَ ارْتَفَعُوا حَتَّى كَادَ أَنْ يَخْرُجُوا فَإِذَا خَمَدَتْ رَجَعُوا فِيهَا، وَفِيهَا رِجَالٌ وَنِسَاءٌ عُرَاةٌ، فَقُلْتُ: مَنْ هـَذَا؟ قَالا: ... الَّذِي رَأَيْتَهُ فِي الثَّقْبِ فَهُمُ الزُّنَاةُ ... ) [5] .
في مقابل هـذا، أمر الإسلام بالزواج لأجل الابتعاد عن الزنا على وجه العموم، لأن الزواج هـو الطريقة المثلى للسيطرة على الدافع الجنسي، فهو يؤدي إلى إشباعه بطريقة الحلال.. وممّا يشهد لهذا حديث
( ابن مسعود ، رضي الله عنه قال: قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ: مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ، فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ ) [6] .
ويعلق ابن قيّم الجـوزيّة على هـذا الحـديث فيقول: إنّ الرّسول صلى الله عليه وسلم دلّ المحب على علاجين: أصليّ وبدليّ. وأمره بالأصـلي، وهو العـلاج الّذي وضع لهذا الداء، فلا ينبغي العدول عنه إلى غيره ما وجـد إليه سبيلا. أمّا إذا لم يستطع الشباب الزواج فعليه بالعلاج الآخر وهو الصوم فانه يضعف من حدّة الدافع الجنسي
[7] .
[ ص: 74 ] 2- الغيبـة والنّميمـة
ما الغيبة؟
( عن أبي هـريرة رضي الله عنه ، أنّ رسول الله ( قال: «أَتَدْرُونَ مَا الْغِيبَةُ؟ قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُـولُهُ أَعْلَمُ.. قَالَ: ذِكْـرُكَ أَخَـاكَ بِمَا يَكْرَهُ.. قِيلَ: أَفَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ فِي أَخِـي مَا أَقُولُ؟ قَـالَ: إِنْ كَانَ فِيهِ مَا تَقُولُ فَقَدِ اغْتَبْتَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ فَقَدْ بَهَتَّهُ ) [8] .
حرّم الإسلام تحريما قاطعا الغيبة والنميمـة وما شـاكل ذلك من كلّ ما يمس عرض الإنسان وكرامته..
( عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما ، قَالَ: مَرَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِقَبْرَيْنِ، فَقَالَ: «إِنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ، وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ، أَمَّا أَحَدُهُمَا فَكَانَ لا يَسْتَتِرُ مِنَ الْبَوْلِ، وَأَمَّا الآخَرُ فَكَانَ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ ) [9] .
وتوعّد الله مرتكبي هـذا الإثم بعذاب أليم يوم القيامة. وممّا يشهد لذلك حديث
( أنس بن مالك رضي الله عنه ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لَمَّا عُرِجَ بِي مَرَرْتُ بِقَوْمٍ لَهُمْ أَظْفَارٌ مِنْ نُحَاسٍ يَخْمُشُونَ وُجُوهَهُمْ وَصُدُورَهُمْ، فَقُلْتُ: مَنْ هـَؤُلاءِ يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: هـَؤُلاءِ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ لُحُومَ النَّاسِ وَيَقَعُونَ فِي أَعْرَاضِهِمْ ) [10] .
وأمّا النّميمة وهي نقل الكلام بين النّاس على سبيل الإفساد. كما أشار إلى ذلك حديث
( ابن مسعود رضي الله عنه ، أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «أَلا أُنَبِّئُكُمْ مَا الْعَضْهُ؟ هـِيَ النَّمِيمَةُ الْقَالَةُ بَيْنَ النَّاسِ ) [11] .
[ ص: 75 ] ( وعن حذيفة بن اليمان ، رضي الله عنه قال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: « لا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَتَّاتٌ ) [12] ، أي نمام.
وهدف الإسلام من توخّي أسلوب الحزم والوعيد في التعامل مع مرتكبي هـذه الآفات الأخلاقيّة والاجتماعية ليس العقوبة في حدّ ذاتها، وإنّما حمل الإنسان على الاستقامة والتمسّك بالفضائل وتعميق الشعور عنده باحترام الآخرين مما يفضي إلى سلامة العلاقات ونظافة المجتمع.