997 - مسألة : ولا يحل توحشت أو لم تتوحش ، وحلال أكل شيء من الحمر الإنسية تأنست أو لم تتأنس ، وحلال أكل حمر الوحش - : روينا من طريق أكل الخيل والبغال نا البخاري محمد بن سلام نا أنا عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي عن أيوب هو السختياني - عن محمد هو ابن سيرين - { أنس بن مالك } . أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر مناديا فنادى إن الله ورسوله ينهيانكم عن لحوم الحمر الأهلية فإنها رجس ، فأكفئت القدور وإنها لتفور باللحم
فصح أنها كلها رجس ، وإهراق الصحابة رضي الله عنهم القدور بها بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم بيان أن ودكها وشحمها وعظمها وكل شيء منها حرام .
ومن طريق عن حماد بن زيد عمرو بن دينار عن عن محمد بن علي [ ص: 79 ] { جابر بن عبد الله خيبر عن لحوم الحمر الأهلية وأذن في لحوم الخيل } . أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى يوم
ومن طريق حدثني مسلم محمد بن حاتم نا محمد بن بكر أنا أخبرني ابن جريج أنه سمع أبو الزبير يقول : { جابر بن عبد الله خيبر الخيل وحمر الوحش فنهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحمار الأهلي } . أكلنا زمن
وروينا تحريم الحمر الأهلية عن النبي صلى الله عليه وسلم من طريق ، البراء بن عازب ، وعبد الله بن أبي أوفى ، وعلي بن أبي طالب ، وأبي ثعلبة الخشني والحكم بن عمرو الغفاري : ، وسلمة بن الأكوع بأسانيد كالشمس . وابن عمر
وعن أنس كما ذكرنا ، فهو نقل تواتر لا يسع أحدا خلافه . وجابر
وروينا من طريق عمرو بن دينار عن أنه كان ينهى عن لحوم الحمر ويأمر بلحوم الخيل . جابر بن عبد الله
وقد روينا النهي عنها عن مجزأة بن زاهر أحد المبايعين تحت الشجرة ، وعن في لحوم الحمر قال : هي حرام ألبتة . وهو قول سعيد بن جبير ، أبي حنيفة ، والشافعي - ونحا نحوه وأبي سليمان ، فإن ذكر ذاكر : أن مالك أباحها ؟ قلنا : لا حجة في أحد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فكيف ابن عباس قد أخبر بأنه متوقف فيها ؟ كما روينا من طريق وابن عباس نا البخاري محمد بن أبي الحسين نا نا عمر بن حفص بن غياث نا أبي عن عاصم بن أبي النجود عن عامر الشعبي أنه قال : لا أدري [ ص: 80 ] أنهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم من أجل أنه كان حمولة الناس فكره أن تذهب حمولتهم ، أو حرمه في يوم ابن عباس خيبر لحم الحمر الأهلية " فهذا ظن منه ، ووهلة لأنه لو لم يحرمها عليه السلام جملة لبين وجه نهيه عنها ، ولم يدع الناس إلى الحيرة ; فكيف { } ويبطل كل ظن ؟ ولقد كانوا إلى الخيل بلا شك أحوج منهم إلى الحمر ، فما حمله ذلك على نهي عنها ; بل أباح أكلها وذكاتها ، إذ كانت حلالا ، وبذلك أيضا يبطل قول من قال : إنما نهى عنها لأنها لم تخمس . وقوله عليه السلام فإنها رجس
وأما قول من قال : إنما حرمت لأنها كانت تأكل العذرة - فظن كاذب أيضا بلا برهان ، والدجاج آكل منها للعذرة وهي حلال .
فإن ذكروا : أن عائشة أم المؤمنين احتجت بقوله تعالى : { قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما } الآية ؟ قلنا : لم يبلغها التحريم ولو بلغها لقالت به ، كما فعلت في الغراب ، وليس مذكورا في هذه الآية .
فإن ذكروا : ما روي من قوله عليه السلام في لحوم الحمر { } . أطعم أهلك من سمين مالك ، فإنما كرهت لكم جوال القرية ، أليس تأكل الشجر وترعى الفلاة ؟ فأصد منها
فهذا كله باطل ، لأنها من طريق وهو مجهول ، والآخر من طريق عبد الرحمن بن بشر عبد الرحمن بن عمرو بن لويم - وهو مجهول - أو من طريق شريك - وهو ضعيف .
ثم عن أبي الحسن - ولا يدرى من هو - عن غالب بن ديج ولا يدرى من هو - [ ص: 81 ] ومن طريق سلمى بنت النضر الخضرية ولا يدرى من هي .
وأما حمر الوحش : فكما ذكرنا عن النبي صلى الله عليه وسلم تحليلها .
وقال : إن دجن لم يؤكل - وهذا خطأ لأنه لم يأت به نص ; فهو قول بلا برهان ، ولا يصير الوحشي من جنس الأهلي حراما بالدجون ، ولا يصير الأهلي من جنس الوحشي حلالا بالتوحش . مالك
وأما البغال ، والخيل : فقد روينا من طريق صالح بن يحيى بن المقدام بن معد كرب عن أبيه عن جده عن { خالد بن الوليد } . أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن أكل لحوم الخيل ، والبغال ، والحمير ، وكل ذي ناب من السباع ، وكل ذي مخلب من الطير
ومن طريق عن عكرمة بن عمار عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة { جابر } . نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لحوم الحمر والخيل والبغال وكل ذي ناب من السباع وكل ذي مخلب من الطير وحرم المجثمة
وخبر رويناه من طريق عن حماد بن سلمة عن أبي الزبير { جابر } . نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البغال والحمير ولم ينهنا عن الخيل
وذكروا قول الله تعالى : { والأنعام خلقها لكم فيها دفء ومنافع ومنها تأكلون } .
وقال تعالى { والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة } . قالوا : فذكر في الأنعام الأكل ، ولم يذكره في الخيل ، والبغال ، والحمير . وقالوا : البغل ولد الحمار فهو متولد منه والمتولد من الحرام حرام .
قال : هذا كل ما شغبوا به - فأما الأخبار فلا يحتج بشيء منها - : أبو محمد
أما حديث صالح بن يحيى بن المقدام بن معدي كرب فهالك لأنهم مجهولون [ ص: 82 ] كلهم ، ثم فيه دليل الوضع ، لأن فيه عن قال : غزوت مع النبي صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد خيبر - وهذا باطل ; لأنه لم يسلم إلا بعد خالد خيبر بلا خلاف .
وأما حديث ، عكرمة بن عمار فعكرمة ضعيف .
وقد روينا من طريقه خبرا موضوعا ليس فيه أحد يتهم غيره - : فإما أدخل عليه فلم يأبه له ، وإما البلية من قبله ; وقد ذكرناه مبينا في كتاب الإيصال .
وأما حديث فإنه لم يذكر فيه حماد بن سلمة سماعا من أبو الزبير ; وقد ذكرنا قبل الرواية الصحيحة أن ما لم يكن عند جابر من حديثه عن الليث بن سعد ، ولا ذكر فيه سماعا من جابر فلم يسمعه من جابر فصح منقطعا . جابر
وقد روينا هذا الخبر من طريق أنه سمع من أبي الزبير فلم يذكر فيه البغال - وقد صح قبل عن جابر إباحة الخيل عن النبي صلى الله عليه وسلم . جابر
وأما الآية : فلا ذكر فيها للأكل لا بإباحة ولا بتحريم ، فلا حجة لهم فيها ، ولا ذكر فيها أيضا البيع - فينبغي أن يحرموه لأنه لم يذكر في الآية ، وإباحة النبي صلى الله عليه وسلم لها حاكم على كل شيء .
وقد صح من طريق { أسماء بنت أبي بكر الصديق } . رويناه من طريق نحرنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فرسا فأكلناه البخاري
عن الحميدي عن عن سفيان بن عيينة عن هشام بن عروة فاطمة بنت المنذر بن الزبير عن . أسماء
ورويناه أيضا : من طريق ، وكيع ، وحفص بن غياث ، وسفيان الثوري وعبد الله بن نمير ، ، ومعمر ، وأبي معاوية ، كلهم عن وأبي أسامة عن هشام بن عروة فاطمة بنت المنذر عن . أسماء بنت أبي بكر الصديق
ومن طريق عن ابن سعيد القطان سألت ابن جريج عن لحم الفرس ؟ فقال : لم يزل سلفك يأكلونه ؟ قلت : أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : نعم . عطاء بن أبي رباح
وقد أدرك جمهور الصحابة من عطاء عائشة أم المؤمنين فمن دونها . [ ص: 83 ] ومن طريق ، عبد الرحمن بن مهدي عن وعبد الرزاق عن سفيان الثوري عن منصور بن المعتمر قال : ذبح أصحاب إبراهيم النخعي فرسا ، قال ابن مسعود : فاقتسموه بينهم ; وقال ابن مهدي : فأكلوه . عبد الرزاق
ومن طريق نا سعيد بن منصور أنا هشيم مغيرة عن إبراهيم قال : أهدي لحم فرس فأكل منه - وبه إلى للأسود بن يزيد عن هشيم القاسم بن أبي أيوب عن قال : ما أكلت لحما أطيب من معرفة برذون . سعيد بن جبير
ومن طريق عن ابن وهب أنه سأل يونس بن يزيد ابن شهاب عن لحم الفرس ، والبغل ، والبرذون ؟ فقال : لا أعلمه حراما ولا يفتي أحد من العلماء بأكله .
قال : لم يحرم أبو محمد الزهري البغل ، وأما فتيا العلماء بأكل الفرس فتكاد أن تكون إجماعا على ما ذكرنا قبل وما نعلم عن أحد من السلف كراهة أكل لحوم الخيل إلا رواية عن لا تصح ; لأنه عن ابن عباس مولى نافع بن علقمة - وهو مجهول لم يذكر اسمه فلا يدرى من هو .
ولو صح عندنا في البغل نهي لقلنا به .
وأما قولهم : إن البغل ولد الحمار ، ومتولد منه ، فإن البغل مذ ينفخ فيه الروح فهو غير الحمار ، ولا يسمى حمارا ، فلا يجوز أن يحكم له بحكم الحمار ، لأن النص إنما جاء بتحريم الحمار ، والبغل ليس حمارا ولا جزءا من الحمار .
وقال بعض الجهال : الحمار حرام بالنص ، والفرس ، والبغل مثله ، لأنهما ذوا حافر مثله فكان هذا من أسخف قياس في الأرض ، لأنه يقال له : ما الفرق بينك وبين من عارضك ؟ فقال : قد صح تحليل الفرس بالنص الثابت ، والبغل والحمار ذوا حافر مثله ، فهما حلال ; فهل أنتما في مخالفة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا فرسا رهان ؟ أو من قال لك : حمار وحش حلال بإجماع وهو ذو حافر ، فالفرس ، والبغل مثله - وهذا كله تخليط ، بل حمار الوحش ، والفرس منصوص على تحليلهما ، والحمار الأهلي منصوص على تحريمه ، فلا يجوز مخالفة النصوص . [ ص: 84 ] وأما البغل فقد قال الله تعالى : { يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالا طيبا } .
وقال تعالى : { وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه } .
فالبغل حلال بنص القرآن لأنه لم يفصل تحريمه ولا يحل من الحمار إلا ما أحله النص من ملكه ، وبيعه ، وابتياعه ، وركوبه ، فقط - وبالله تعالى نتأيد .