1021 - مسألة : ولا يحل ولا أن تأكل مما لا يليك سواء كان صنفا واحدا أو أصنافا شتى ، فلو أن المرء أخذ شيئا مما يلي غيره ثم جعله أمام نفسه وتركه ثم أخذه فأكله فلا حرج عليه في ذلك . روينا من طريق الأكل من وسط الطعام قال : نا سفيان بن عيينة قال : قال لنا عطاء بن السائب : سمعت سعيد بن جبير يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { ابن عباس } سماع البركة تنزل وسط الطعام فكلوا من نواحيه ولا تأكلوا من وسطه سفيان ، ، وشعبة من وحماد بن زيد كان قبل اختلاطه . ومن طريق عطاء بن السائب نا البخاري عبد العزيز بن عبد الله الأويسي نا عن محمد بن جعفر محمد بن عمرو بن حلحلة الديلي عن عن وهب بن كيسان أبي نعيم : " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له : { عمر بن أبي سلمة المخزومي } . كل مما يليك
[ ص: 102 ] ومن طريق أحمد بن شعيب أنا عبد الله بن الصباح العطار نا عبد الأعلى نا عن معمر عن أبيه عن { هشام بن عروة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له : ادنه يا بني فسم الله وكل بيمينك وكل مما يليك عمر بن أبي سلمة } فلم يخص عليه السلام صنفا من أصناف . وذكر المفرقون بين ذلك خبرا رويناه من طريق محمد بن جرير الطبري نا نا محمد بن المثنى العلاء بن الفضل بن عبد الملك بن أبي سوية المنقري نا أبو الهذيل حدثني { عبيد الله بن عكراش بن ذؤيب عن أبيه : أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتوا بحفنة من ثريد فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم يا عكراش كل من موضع واحد فإنه طعام واحد ثم أتينا بطبق فيه ألوان من رطب أو تمر فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم يا عكراش كل من حيث شئت فإنه غير طعام واحد ، قال : وجالت يد النبي صلى الله عليه وسلم في الطبق } فعبيد الله بن العكراش بن ذؤيب ضعيف جدا لا يحتج به ، ومثل هذا لا يجوز أن يقوله رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه لا يكاد يوجد طعام لا يكون أصنافا إلا في الندرة ; فالثريد فيه لحم وخبز ، وربما بصل وحمص والمرق كذلك ، ويكون في اللحم كبد وشحم ولحم وصدرة وظهر ، وهكذا في أكثر الأشياء . فإن ذكروا حديث : { أنس : فجعلت ألقيه إليه ولا أطعمه أنس } . وفيه أيضا في رواية بعض الثقات : { دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل فانطلقت معه فجيء بمرقة فيها دباء فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكل من ذلك الدباء وتعجبه ، قال } فإن هذا خبر صحيح . فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتتبع الدباء من حول الصحفة
وقد قال بعض أهل الظاهر إنما هذا في الدباء خاصة . قال أبو محمد : وليس هذا عندنا كذلك لأنه فعل من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يقل : إنه خاص بالدباء ، فلا ينبغي لنا أن نقوله ، لكن نقول : إن هذا الخبر موافق لمعهود الأصل ، وقد كان ذلك بلا شك مباحا قبل أن يقول عليه السلام : { } فهو منسوخ بيقين بأمره عليه السلام كل مما يليك ، ومن ادعى أن المنسوخ عاد مباحا لم يصدق إلا ببرهان لأنه دعوى بلا دليل . وأيضا فإن هذا الخبر لما تدبرناه وجدناه ليس فيه ألبتة لا نص ولا دليل على أنه [ ص: 103 ] عليه السلام أخذ الدباء مما لا يليه ومن ادعى هذا فقد ادعى الباطل وقال ما ليس في الحديث . وقد يكون الدباء في نواحي الصحفة مما يلي النبي صلى الله عليه وسلم عن يمينه ويساره فيتتبعه مما يليه في كل ذلك ، وهذا الذي لا يجوز أن يحمل الخبر على ما سواه . بالأكل مما يلي الآكل
إذ ليس فيه ما يظن المخالف أصلا - : فبطل تعلقهم به ولله الحمد . فإذا أخذ المرء الشيء مما لا يليه ثم جعله أمامه فإنما نهى عن أن يأكل مما لا يليه ، وهذا لم يأكل مما لا يليه فإذا صار أمامه فله أكله حينئذ ، لأنه مما يليه - وقد اجتر الضب من يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأكله ولم ينكر النبي صلى الله عليه وسلم ذلك - وسنذكره إن شاء الله تعالى في باب الضب وبالله تعالى التوفيق . خالد بن الوليد