1028 - مسألة : والسرف حرام  ، وهو النفقة فيما حرم الله تعالى قلت أو كثرت ، ولو أنها جزء من قدر جناح بعوضة - أو التبذير فيما لا يحتاج إليه ضرورة مما لا يبقى للمنفق بعده غنى - أو إضاعة المال وإن قل برميه عبثا ; فما عدا هذه الوجوه فليس سرفا وهو حلال وإن كثرت النفقة فيه . وقولنا هذا رويناه عن  سعيد بن جبير  وغيره ، قال الله تعالى : { ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين    } . ومن طريق  ابن وهب  أنا  يونس - هو ابن يزيد    - عن ابن شهاب  أخبرني عبد الرحمن بن كعب بن مالك  قال : { سمعت  كعب بن مالك  فذكر الحديث وفيه فقلت : يا رسول الله إن من توبتي أن أنخلع من مالي صدقة إلى الله ورسوله ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أمسك عليك بعض مالك فهو خير لك   } . وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم : " أنه قال : { خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى وابدأ بمن تعول   } : روينا من طريق أبي مالك الأشجعي  عن  حذيفة  أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { كل معروف صدقة   } " . فصح أنه لا يحل نفقة شيء من المعروف ، ولا المباح ، إلا ما أبقى غنى ، إلا من اضطر إلى قوت نفسه ومن معه ، فلا يحل له قتل نفسه ولا تضييع من معه ، ثم الله تعالى هو الرزاق ، وأما ما دون هذا فإن الله تعالى يقول { كلوا من الطيبات    } . وقال تعالى : { لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا    } . وقال تعالى : { قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق    } { وأحل الله البيع    } . فمن حرم شيئا من ذلك بغير نص فقد قال على الله تعالى الباطل . فإن ذكروا قول الله تعالى : { أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا    } فإنما هذه الآية في الكفار خاصة بنص الآية قال تعالى : { ويوم يعرض الذين  [ ص: 110 ] كفروا على النار أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا واستمتعتم بها فاليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تستكبرون في الأرض بغير الحق وبما كنتم تفسقون    } . قال  أبو محمد    : التمويه بإيراد بعض آية والسكوت عن أولهما أو آخرها عادة سوء لمن أراد الله تعالى خزيه في الدنيا والآخرة ، لأنه تحريف للكلم عن مواضعه وكذب على الله تعالى . 
				
						
						
