118 - مسألة : إذا أراد الأكل أو النوم ولرد السلام ولذكر الله تعالى ، وليس ذلك بواجب . فإن قيل : فهلا أوجبتم ذلك كله لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم { ويستحب الوضوء للجنب } ولقوله { إني كرهت أن أذكر الله إلا على طهر رضي الله عنه - إذ ذكر له أنه تصيبه الجنابة من الليل - فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : توضأ واغسل ذكرك ثم نم لعمر بن الخطاب } ولما روته صلى الله عليه وسلم رضي الله عنه { عائشة } . أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد أن يأكل أو ينام وهو جنب توضأ وضوءه للصلاة
قلنا وبالله تعالى التوفيق : أما الحديث في كراهة ذكر الله تعالى إلا على طهر فإنه منسوخ بما حدثناه عبد الرحمن بن عبد الله بن خالد ثنا إبراهيم بن أحمد ثنا الفربري ثنا ثنا البخاري صدقة ثنا ثنا الوليد بن مسلم الأوزاعي حدثني عمير بن هانئ حدثني ثنا جنادة بن أبي أمية عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { عبادة بن الصامت } قال من تعار من الليل [ ص: 101 ] فقال : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ، الحمد لله وسبحان الله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله ، ثم قال : اللهم اغفر لي ، أو دعا استجيب له ، فإن توضأ وصلى قبلت صلاته : فهذه إباحة لذكر الله تعالى بعد الانتباه من النوم في الليل وقبل الوضوء نصا ، وهي فضيلة ، والفضائل لا تنسخ لأنها من نعم الله علينا ، قال الله تعالى : { علي اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي } وهذا أمر باق غير منسوخ بلا خلاف من أحد . وقال تعالى : { إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم } فهذا عموم ضمان لا يخيس قال الله تعالى : { إن الله لا يخلف الميعاد } وقد أيقنا بما ذكرنا قبل من إخباره عليه السلام أنه قال : { } أن جميع الأمة لا تغير أصلا . وإذا صح أن الأمة كلها لا تغير أبدا ، فقد أيقنا أن الله تعالى لا يغير نعمه عند الأمة أبدا . وبالله تعالى التوفيق . لا تزال طائفة من أمتي على الحق
وأما أمره عليه السلام بالوضوء فهو ندب ، لما حدثناه حمام قال : ثنا عمر بن مفرج قال ثنا قال ثنا ابن الأعرابي الدبري ثنا عن عبد الرزاق عن سفيان الثوري أبي إسحاق عن عن الأسود بن يزيد قالت { عائشة أم المؤمنين } وهذا لفظ يدل على مداومته صلى الله عليه وسلم لذلك وهي رضي الله عنها أحدث الناس عهدا بمبيته ونومه جنبا وطاهرا . فإن قيل : إن هذا الحديث أخطأ فيه كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينام جنبا ولا يمس ماء سفيان ; لأن خالفه فيه قلنا : بل أخطأ بلا شك من خطأ زهير بن معاوية سفيان بالدعوى بلا دليل ، وسفيان أحفظ من زهير بلا شك . وبالله تعالى التوفيق .
قال : وكان اللازم للقائلين بالقياس أن يقولوا : لما كانت الصلاة وهي ذكر [ ص: 102 ] لا تجزئ إلا بوضوء ، أن يكون سائر الذكر كذلك ، ولكن هذا مما تناقضوا فيه ، ولا يمكنهم ههنا دعوى الإجماع ، لما حدثناه علي عبد الله بن ربيع ثنا عبد الله بن محمد بن عثمان ثنا ثنا أحمد بن خالد ثنا علي بن عبد العزيز الحجاج بن المنهال ثنا عن حماد بن سلمة أيوب عن عن { نافع : أنه كان لا يقرأ القرآن ولا يرد السلام ولا يذكر الله إلا وهو طاهر . ابن عمر } إلا فالوضوء عليه فرض بينهما . للخبر الذي رويناه من طريق معاودة الجنب للجماع حفص بن غياث كلاهما عن وابن عيينة عاصم الأحول عن أبي المتوكل عن عن النبي صلى الله عليه وسلم { أبي سعيد الخدري } هذا لفظ إذا أتى أحدكم أهله ثم أراد أن يعاود فليتوضأ بينهما وضوءا ولفظ حفص بن غياث { ابن عيينة } ولم نجد لهذا الخبر ما يخصصه ولا ما يخرجه إلى الندب إلا خبرا ضعيفا من رواية إذا أراد أن يعود فلا يعود حتى يتوضأ يحيى بن أيوب ، وبإيجاب الوضوء في ذلك يقول عمر بن الخطاب وعطاء وعكرمة وإبراهيم والحسن . وابن سيرين