1194 - مسألة : 
فإن تطوع عند قضاء ما عليه بأن يعطي أكثر مما أخذ ، أو أقل مما أخذ ، أو أجود مما أخذ ، أو أدنى مما أخذ  ، فكل ذلك حسن مستحب . 
ومعطي أكثر مما اقترض وأجود مما اقترض مأجور . 
والذي يقبل أدنى مما أعطى ، أو أقل مما أعطى مأجور . 
وسواء كان ذلك عادة أو لم يكن ، ما لم يكن عن شرط ، وكذلك إن قضاه في بلد آخر ، ولا فرق - : فهو حسن ما لم يكن عن شرط - : روينا من طريق  البخاري  ،  وموسى بن معاوية  ، قال  البخاري    : نا خلاد  ، وقال موسى    : نا  وكيع  ، ثم اتفق خلاد   ووكيع  ، قالا : نا  مسعر بن كدام  عن  محارب بن دثار  عن  جابر بن عبد الله  قال { كان لي على رسول الله صلى الله عليه وسلم دين فقضاني وزادني   } 
ومن طريق  وكيع  عن  علي بن صالح بن حي  عن  سلمة بن كهيل  عن  أبي سلمة  عن  أبي هريرة  قال { استقرض رسول الله صلى الله عليه وسلم سنا فأعطاه سنا فوق سنه وقال : خياركم محاسنكم قضاء   } وهو قول السلف 
روينا من طريق  سفيان بن عيينة  عن  إسماعيل بن أبي خالد  عن أبيه قال : قضاني  الحسن بن علي بن أبي طالب  وزادني نحوا من ثمانين درهما . 
ومن طريق  وكيع  عن  إسماعيل بن أبي خالد  عن أبيه قال : تقاضيت  الحسن بن علي  دينا لي عليه فوجدته قد خرج من الحمام فقضاني ولم يزنه ، فوزنته فوجدته قد زادني على حقي سبعين درهما . 
ومن طريق  مالك  قال : بلغني أن رجلا قال  لابن عمر    : إني أسلفت رجلا سلفا واشترطت أفضل مما أسلفته ; فقال  ابن عمر    : ذلك الربا ، ثم ذكر كلاما - وفيه : أن  ابن عمر  قال له : أرى أن تشق صكك فإن أعطاك مثل الذي أسلفته قبلته ، وإن أعطاك دون ما  [ ص: 349 ] أسلفته فأخذته أجرت ، وإن أفضل مما أسلفته طيبة به نفسه ، فذلك شكر شكره لك وهو أجر ما أنظرته . 
ومن طريق  ابن أبي شيبة  نا  وكيع  نا  هشام الدستوائي  عن القاسم بن أبي بزة  عن عطاء بن يعقوب  قال : اقترض مني  ابن عمر  ألف درهم فقضاني أجود من دراهمي ، وقال لي : ما كان فيها من فضل فهو نائل مني لك أتقبله ؟ قلت : نعم - ولا يعرف لهذين مخالف من الصحابة رضي الله عنهم إلا رواية عن  ابن مسعود  أنه كره ذلك . ومن طريق  عبد الرزاق  عن  ابن جريج  عن  عطاء  قال : كان  ابن الزبير  يستسلف من التجار أموالهم ثم يكتب لهم إلى العمال ، فذكرت ذلك  لابن عباس  ؟ فقال : لا بأس به 
وحكى  شعبة    : أنه سأل الحكم بن عتيبة  ،  وحماد بن أبي سليمان  عمن اقترض دراهم فرد عليه خيرا منها ؟ فقالا جميعا : إذا كان ليس من نيته فلا بأس 
وصح عن  قتادة  عن الحسن البصري  ،  وسعيد بن المسيب  ، قالا جميعا : لا بأس أن تقرض دراهم بيضا وتأخذ سودا ، أو تقرض سودا وتأخذ بيضا . 
ومن طريق  ابن أبي شيبة  نا قطري بن عبد الله  عن الأشعث الحمراني  قال : سألت الحسن  ؟ فقلت : يا أبا سعيد  لي جارات ولهن عطاء فيقترضن مني ونيتي في فضل دراهم العطاء على دراهمي ؟ قال : لا بأس به . 
ومن طريق  معمر  عن أيوب  عن  ابن سيرين  إذا أسلفت طعاما فأعطاكه بأرض أخرى ، فإن كان عن شرط فهو مكروه ، وإن كان على وجه المعروف فلا بأس به . 
وهو كله قول  أبي حنيفة  ،  والشافعي  ،  وأبي سليمان    . 
وأجاز  مالك    : أن يرد أفضل ما لم يكن عن عادة ، ولم يجز أن يرد أكثر - وهذا خطأ ، لأنه خلاف فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أوردنا . 
وأما فرقه بين العادة وغيرها - : فخطأ ، لأنه إن جاز مرة جاز ألف مرة ولا فرق ، وإن كان خيرا في المرة الواحدة فالإكثار من الخير خير ; وإن كان شرا فالشر لا يجوز لا مرة ولا مرارا - وبالله تعالى التوفيق . 
ولا نعلم أحدا قبله فرق بين العادة في ذلك وبين المرة الواحدة .  [ ص: 350 ] وأما منعه من رد أكثر - : فقد رويناه عن الشعبي  ، والزهري    . والعجب كله من إجازته الزيادة حيث هي الربا المكشوف المحرم ، إذ يجيز مبادلة دينار ناقص بدينار زائد عليه في وزنه بمشارطة في حين المبادلة ، وكذلك في الدرهم الناقص بالدرهم الزائد عليه في وزنه - وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم : { الدرهم بالدرهم فضل ما بينهما ربا   } ثم يمنع من الزيادة غير المشترطة في قضاء القرض وقد فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم وحض عليه - وحسبنا الله [ ونعم الوكيل ] . 
				
						
						
