[ ص: 392 ] كتاب الحوالة 1227 - مسألة :
روينا من طريق ، البخاري ، قال ومسلم : نا البخاري عبد الله بن يوسف نا عن مالك عن أبي الزناد ; وقال الأعرج : نا مسلم ابن رافع نا نا عبد الرزاق عن معمر - ثم اتفق همام بن منبه ، الأعرج وهشام ، وكلاهما عن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : { أبي هريرة } . مطل الغني ظلم وإذا اتبع أحدكم على مليء فليتبع
وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم ما سنذكره إن شاء الله تعالى في " كتاب البيوع " بإسناده أنه قال : { } . فوجب من هذين النصين : أن كل من له عند آخر حق من غير البيع لكن من ضمان غصب أو تعد بوجه ما ، أو من سلم سلم فيه ، أو من قرض ، أو من صلح ، أو إجارة ، أو صداق ، أو من كتابة ، أو من ضمان ، فأحاله به على من له عنده حق من غير البيع ، لكن بأحد هذه الوجوه المذكورة . إذا ابتعت بيعا فلا تبعه حتى تقبضه
ولا نبالي من وجه واحد كان الحقان ، أو من وجهين مختلفين ، وكان المحال عليه يوفيه حقه من وقته ولا يمطله : ففرض على الذي أحيل أن يستحيل عليه ، ويجبر على ذلك ، ويبرأ المحيل مما كان عليه .
ولا رجوع للذي أحيل على الذي أحاله بشيء من ذلك الحق - انتصف ، أو لم ينتصف - أعسر المحال عليه إثر الإحالة عليه أم لم يعسر ، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره باتباع المحال عليه ، ولا يجوز له اتباع غيره ، فإن غره وأحاله على غير مليء - والمحيل يدري أنه غير مليء أو لا يدري - : فهو عمل فاسد ، وحقه باق على المحيل كما كان ، لأنه لم يحله على مليء ، بنص الخبر . [ ص: 393 ] وقال ولا تجوز الحوالة إلا على مليء : لا يرجع المحيل في كل ذلك - وهذا خطأ لما ذكرناه وقال الشافعي : أبو حنيفة كقولنا ، فإن كان أحد الحقين من بيع والآخر من غير بيع ، نظر : فإن كان الحق على المحيل من غير بيع ، وكان حق المحيل على المحال عليه من بيع أو غير بيع : جازت الحوالة . ومالك
فإن كان الحق على المحيل من بيع لم يجز إلا بوجه التوكيل فيوكله على قبض حقه قبله ، فإن قبضه للموكل له ، فحين مصيره بيده صار قابضا ذلك الحق لنفسه ، وبرئ المحيل .
وإن لم يقدر على قبضه لمانع ما ، أي مانع كان ؟ رجع المحيل بحقه ، لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع ما ابتعت حتى تقبضه .
وأما براءة ذمة الموكل إذا قبض الوكيل الحق فلأنه مأمور بأن يقضيه لنفسه إذا صار بيده ، فإن فعل فقد استوفى حقه ، وإن لم يفعل فقد اعتدى إذ ضيع مال موكل ، فلزمه ضمانه بالتضييع ، [ فصار ضمانه بالتضييع ] فصار مثله عليه لموكله في ذمته .
وقال : إن جحد المحال عليه الحوالة ولم تقم عليه بينة وحلف : رجع الذي أحيل على المحيل بحقه ، وكذلك إن مات المحال عليه ولا مال له ، وقال أبو حنيفة ، أبو يوسف : وكذلك إذا أفلس - القاضي المحال عليه وأطلقه من السجن أيضا . ومحمد
قال : هذا قول فاسد لمخالفته أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ولأنهم مجمعون معنا على أن الحوالة إذا صح أمرها فقد سقط الحق عن المحيل ، وإذ قد أقروا بسقوطه فمن الباطل رجوع حق قد سقط بغير نص يوجب رجوعه ، ولا إجماع يوجب رجوعه - فإن قالوا : قد روي عن أبو محمد أو قال في الحوالات : ليس على مال مسلم توا . عثمان
ومن طريق عن عبد الرزاق أو غيره عنه عن معمر عن قتادة أنه قال في الذي أحيل : لا يرجع صاحبه إلا أن يفلس ، أو يموت . وهو قول علي بن أبي طالب ، شريح والحسن ، ، والنخعي والشعبي ، كلهم يقول : إن لم ينصفه رجع على المحيل .
وعن الحكم : لا يرجع على المحيل إلا أن يموت المحال عليه قبل أن ينتصف ، فإنه يرجع إلى المحيل ؟ [ ص: 394 ] قلنا : لا حجة في أحد دون رسول الله صلى الله عليه وسلم فكيف وقد روينا من طريق عن حماد بن سلمة عن محمد بن إسحاق علي بن عبيد الله عن : أنه كان لأبيه سعيد بن المسيب المسيب دين على إنسان ألفا درهم ، ولرجل آخر على ألفا درهم ، فقال ذلك الرجل علي بن أبي طالب للمسيب : أنا أحيلك على وأحلني أنت على فلان ، ففعلا فانتصف علي المسيب من وتلف مال الذي أحاله علي المسيب عليه فأخبر المسيب بذلك فقال له علي بن أبي طالب : أبعده الله - فهذا خلاف الرواية عن علي ، والذي ذكرنا عن عثمان ، وهذه موافقة لقولنا . علي
وإذا اختلف السلف فليس بعض ما روي عنهم بأولى من بعض باتفاقكم معنا في ذلك ولسنا نرى إحالة من لا حق للمحال عنده ، لأنه أكل مال بالباطل : وإنما يجوز عندنا مثل فعل ، علي والمسيب رضي الله عنهما على الضمان ، فإنه إذا ضمن كل واحد من الغريمين ما على الآخر من غير شرط جاز ذلك ، ولزم ، وتحول الحق الذي على كل واحد منهما على الآخر .
وقال : أبو حنيفة : ومالك - واحتجوا في ذلك بأن قالوا : لو وجب إجباره لوجب أيضا إذا أحاله المحال عليه على آخر أن يجبر على اتباعه ، ثم إذا أحاله ذلك على آخر أن يجبر أيضا على اتباعه ، وهذا أبدا . لا يجبر المحال على قبول الحوالة
قال : هذه معارضة لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي هذا ما فيه ، فكيف والذي اعترضوا به فاسد ؟ لأنه مطل من غني ، أو حوالة على غير مليء ، ومطل الغني ظلم ، والحوالة على غير مليء لم يؤمر بأن يقبلها ، وإنما الحوالة على من يعجل الإنصاف بفعله لا بقوله ، وإلا فليست حوالة بنص الحديث أبو محمد