1239 - مسألة :
فإن فالأجرة بينهما على قدر عمل كل واحد ككمد ثوب واحد ، أو بناء حائط واحد ، أو خياطة ثوب واحد ، وما أشبه هذا ؟ وكذلك إن نصبا حبالة معا فالصيد بينهما ، أو أرسلا جارحين فأخذا صيدا واحدا فهو بينهما ; وإلا فلكل واحد ما صاد جارحه . كان العمل لا ينقسم واستأجرهما صاحبه بأجرة واحدة
وقال : شركة الأبدان جائزة في الصناعات اتفقت صناعتهما أو اختلفت عملا في موضع واحد أو في موضعين ، فإن غاب أحدهما أو مرض فما أصاب الصحيح الحاضر فبينهما - ولا تجوز في التصيد ، ولا في الاحتطاب . أبو حنيفة
قال : هذا تقسيم فاسد بلا برهان ، وروي عنه : أن شركة الأبدان لا تجوز إلا فيما تجوز فيه الوكالة - وهذا في غاية الفساد أيضا ، لأن الوكالة عنده جائزة في النكاح فتجب أن تجوز الشركة عندهم في النكاح . أبو محمد
وقال شركة الأبدان جائزة في الاحتطاب وطلب العنبر ، إذا كان كل ذلك في موضع واحد . مالك
وكذلك إذا إذا كان لكل واحد منهما باز وكلب ، يتعاون البازان أو الكلبان على صيد واحد - وتجوز الشركة عنده على التعليم في مكان واحد ; فإن كانا في مجلسين فلا ضير فيه . اشتركا في صيد الكلاب والبزاة
وأجاز ، كالقصار ونحوه إذا كان ذلك في صناعة واحدة ، فإن مرض أحدهما فالأجرة بينهما وكذلك إن غاب أحدهما أو عمل أحدهما يوما والآخر يومين . ولا يجوز عنده شركة الأبدان في الصناعات إذا كانا في دكان واحد . ولا يجوز عنده الاشتراك في صناعتين أصلا كحداد وقصار ونحو ذلك وهذا تحكم [ ص: 414 ] بلا برهان وقول لا نعلم لهم سلفا - وقولنا هو قول اشتراك الحمالين أو النقالين على الدواب الليث ، وأبي سليمان ، والشافعي وأبي ثور
واحتج من أجاز شركة الأبدان بما روينا من طريق أبي داود عن عبيد الله بن معاذ العنبري عن عن يحيى بن سعيد القطان عن سفيان الثوري عن أبي إسحاق السبيعي عن أبيه قال : اشتركت أنا أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود ، وعمار بن ياسر فيما نصيب يوم وسعد بن أبي وقاص بدر فجاء بأسيرين ، ولم أجئ أنا سعد بشيء . وعمار
قال : وهذا عجب عجيب ، وما ندري على ماذا يحمل عليه أمر هؤلاء القوم ؟ ونسأل الله السلامة من التمويه في دينه تعالى بالباطل . أبو محمد
أول ذلك - : أن هذا خبر منقطع لأن أبا عبيدة لا يذكر من أبيه شيئا : روينا ذلك من طريق عن وكيع عن شعبة قال : قلت عمرو بن مرة لأبي عبيدة : أتذكر من عبد الله شيئا ؟ قال : لا .
والثاني : أنه لو صح لكان أعظم حجة عليهم ، لأنهم أول قائل معنا ومع سائر المسلمين : أن هذه شركة لا تجوز ، وأنه لا ينفرد أحد من أهل العسكر بما يصيب دون جميع أهل العسكر حاشا ما اختلفنا فيه من كون السلب للقاتل ، وأنه إن فعل فهو غلول من كبائر الذنوب .
والثالث : أن هذه شركة لم تتم ، ولا حصل ولا لسعد ، ولا لعمار من ذينك الأسيرين إلا ما حصل لابن مسعود الذي كان لطلحة بن عبيد الله بالشام ، الذي كان ولعثمان بن عفان بالمدينة فأنزل الله تعالى في ذلك : { قل الأنفال لله والرسول فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم } فكيف يستحل من يرى العار عارا أن يحتج بشركة أبطلها الله تعالى ولم يمضها ؟ .
والرابع : أنهم - يعني الحنفيين - لا يجيزون ، ولا يجيزها المالكيون في العمل في مكانين ، فهذه الشركة المذكورة في الحديث لا تجوز عندهم ، فمن أعجب ممن يحتج في تصحيح قوله برواية لا تجوز عنده ؟ والحمد لله رب العالمين على توفيقه لنا . الشركة في الاصطياد