1266 - مسألة :
لكن يؤمر صاحبه بضبطه ، فإن ضبطه فذاك ، وإن عاد ولم يضبطه بيع عليه ، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : { ولا ضمان على صاحب البهيمة فيما جنته في مال أو دم ليلا أو نهارا } وهو قول العجماء جرحها جبار ، أبي حنيفة [ ص: 445 ] وقال وأبي سليمان ، مالك : يضمن ما جنته ليلا ولا يضمن ما جنته نهارا وهو قضاء والشافعي ، وحكم شريح الشعبي .
واحتجوا في ذلك { بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى أن على أهل الحوائط حفظها بالنهار ، وعلى أهل الماشية ما أصابت بالليل البراء } . بحديث ناقة
قال : لو صح هذا لما سبقونا إلى القول به ، ولكنه خبر لا يصح ، لأنه إنما رواه علي الزهري عن حرام بن محيصة عن أبيه - ورواه الزهري أيضا عن أن ناقة أبي أمامة بن سهل بن حنيف ، فصح أنه مرسل لأن للبراء حراما ليس هو ابن محيصة لصلبه إنما هو ابن سعد بن محيصة ، لم يسمع من وسعد ولا البراء أبو أمامة ولا حجة في منقطع - ولقد كان يلزم الحنفيين القائلين : إن المرسل والمسند سواء أن يقولوا به ، ولكن هذا مما تناقضوا فيه .
واحتجوا أيضا بأغرب من هذا كله - : وهو ما روينا من طريق ، عبيد بن عمير والزهري ، ، ومسروق ، في قول الله تعالى : { ومجاهد وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم شاهدين ففهمناها سليمان وكلا آتينا حكما وعلما } وأن سليمان صلى الله عليه وسلم قضى في ذلك في غنم أفسدت حرث قوم بأن دفع الغنم إلى أهل الحرث ، لهم صوفها وألبانها حتى يعود العنب أو الحرث كما كان .
قال : وهذا عجب من عجائب الدنيا والذي لا نشك فيه أن بين هؤلاء المذكورين وبين أبو محمد سليمان عليه السلام ما في رياح ومهامه فيحاء ، ولو رووا لنا ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قامت به حجة لأنه مرسل .
ثم لو صح لكان المحتجون به أول مخالفين له ، لأنهم لا يحكمون بهذا الحكم ، فيا لله كيف ينطق لسان مسلم بأن يحتج على خصمه في الدين بحكم لا يحل عنده أن يؤخذ به ؟ وحسبنا الله .
وعجب آخر من : وهو أنه لا يرى القول بالمرسل ثم أباح هاهنا الأموال بمرسل لا يصح أصلا . الشافعي
وأما فلقول الله تعالى : { بيع ما تعدى من العجماء وتعاونوا على البر والتقوى } ومن البر والتقوى حفظ الزروع ، والثمار التي هي أموال الناس فلا يعان على [ ص: 446 ] فسادها ، فإبعاد ما يفسدها فرض ولا سبيل إلى ذلك إلا بالبيع المباح ، وها هنا آثار عن الصحابة رضي الله عنهم قد خالفوها .
روينا من طريق عن عبد الرزاق أخبرني ابن جريج أن عبد الكريم كان يقول : برد البعير ، والبقرة ، والحمار ، والضواري ، إلى أهلهن ثلاثا إذا حظر الحائط ثم يعقرن . عمر بن الخطاب
قال : وسمعت ابن جريج عبد العزيز بن عبد الله يذكر عن أنه كان يأمر بالحائط أن يحظر ويسد الحظر من الضاري المدل ثم يرد إلى أهله ثلاث مرات ثم يعقر . عمر بن الخطاب
ومن طريق نا يحيى بن سعيد القطان أبو حيان يحيى بن سعيد التيمي قال : أخبرني مكاتب لبني أسد أنه أتى بنقد من السواد إلى الكوفة فلما انتهى إلى جسر الكوفة جاء مولى لبكر بن وائل فتخلل النقد على الجسر فنفرت منها نقدة فقطرت الرجل في الفرات فغرق فأخذت فجاء مواليه إلى موالي فعرض موالي عليهم صلحا ألفي درهم ولا يرفعون إلى فأبوا فأتينا علي فقال لهم : إن عرفتم النقدة بعينها فخذوها ، وإن اختلطت عليكم فشرواها . علي بن أبي طالب
قال : إن في الحنفيين ، والمالكيين ، العجب إذ يحتجون في إبطال السنن الثابتة في أن البيعين لا بيع بينهما حتى يتفرقا برواية شيخ من أبو محمد بني كنانة أن قال : البيع عن صفقة أو خيار - ثم يردون هذه الرواية عن عمر وهذه الأخرى عن عمر بن الخطاب فهلا قالوا : مثل هذا لا يقال بالرأي ؟ ولكن هذا حكم القوم في دينهم - فليحمد الله أهل السنن على عظيم نعمته عندهم . علي