وقال : مالك ونجوه نجس ، وبول ما يؤكل لحمه ونجوه طاهران إلا أن يشرب ماء نجسا فبوله حينئذ نجس ، وكذلك ما يأكل الدجاج من نجاسات فخرؤها نجس . وقال بول ما لا يؤكل لحمه : بول كل حيوان ونجوه - أكل لحمه أو لم يؤكل - فهو طاهر ، حاشا بول الإنسان ونجوه فقط فهما نجسان . وقال داود مثل قولنا الذي صدرنا به . الشافعي
قال : أما قول علي ففي غاية التخليط والتناقض والفساد ، لا تعلق له بسنة لا صحيحة ولا سقيمة ، ولا بقرآن ولا بقياس ولا بدليل إجماع ولا بقول صاحب ولا برأي سديد ، وما نعلم أحدا قسم النجاسات قبل أبي حنيفة هذا التقسيم بل نقطع على أنه لم يقل بهذا الترتيب فيها أحد قبله ، فوجب إطراح هذا القول بيقين . وأما قول أصحابنا فإنهم قالوا : الأشياء على الطهارة حتى يأتي نص بتحريم شيء أو تنجيسه فيوقف عنده . قالوا : ولا نص ولا إجماع في تنجيس بول شيء من الحيوان ونجوه ، حاشا بول الإنسان ونجوه ، فوجب أن لا يقال بتنجيس شيء من ذلك ، وذكروا ما رويناه من طريق أبي حنيفة { أنس عكل وعرينة قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وتكلموا بالإسلام فقالوا : يا رسول الله إنا كنا أهل ضرع ولم نكن أهل ريف ، واستوخموا المدينة ، فأمر لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بذود وراع ، وأمرهم أن يخرجوا فيها فيشربوا من ألبانها وأبوالها } وذكر الحديث . أن قوما من
وبحديث روينا أيضا من طريق { أنس المدينة [ ص: 171 ] حيث أدركته الصلاة وفي مرابض الغنم } وبحديث رويناه من طريق أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي في { ابن مسعود قريش جلوس وقد نحروا جزورا لهم ، فقال بعضهم : أيكم يأخذ هذا الفرث بدمه ثم يمهله حتى يضع وجهه ساجدا فيضعه على ظهره ، قال عبد الله : فانبعث أشقاها فأخذ الفرث ، فأمهله ، فلما خر ساجدا وضعه على ظهره ، فأخبرت بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي جارية فجاءت تسعى فأخذته من ظهره ، فلما فرغ من صلاته قال : اللهم عليك فاطمة بقريش } وذكر الحديث . كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي عند البيت وملأ من
وبحديث رويناه من طريق { كنت أبيت في المسجد في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وكنت شابا عزبا ، وكانت الكلاب تبول وتقبل وتدبر في المسجد فلم يكونوا يرشون شيئا من ذلك ابن عمر } . ذكروا في ذلك عن الصحابة رضي الله عنهم ومن بعدهم ما رويناه من طريق شعبة وسفيان ، كلاهما عن عن الأعمش مالك بن الحارث عن أبيه قال " صلى بنا على مكان فيه سرقين هذا لفظ أبو موسى الأشعري سفيان ، وقال " روث الدواب " وروينا من طريق غيرهما " والصحراء أمامه ، وقال : هنا وهناك سواء " وعن شعبة " لا بأس ببول كل ذات كرش " وعن أنس . قال إبراهيم النخعي منصور : سألته عن السرقين يصيب خف الإنسان أو نعله أو قدمه ؟ قال لا بأس . وعن أنه رأى رجلا قد تنحى عن بغل يبول ، فقال له إبراهيم : ما عليك لو أصابك . وقد صح عنه أنه كان لا يجيز أكل البغل . وعن إبراهيم : لا بأس بأبوال الغنم . وعن الحسن البصري محمد بن علي بن الحسين فيمن أصاب عمامته بول بعير قالا جميعا : لا يغسله . وعن ونافع مولى ابن عمر عبد الله بن مغفل أنه كان يصلي وعلى رجليه أثر السرقين . وعن قال : إن لي عنيقا تبعر في مسجدي . عبيد بن عمير
قال : أما الآثار التي ذكرنا فكلها صحيح ، إلا أنها لا حجة لهم في شيء منها : [ ص: 172 ] أما حديث أبو محمد فغير مسند ; لأنه ليس فيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عرف ببول الكلاب في المسجد فأقره ، وإذ ليس هذا في الخبر فلا حجة فيه ، إذ لا حجة إلا في قوله عليه السلام أو في عمله أو فيما صح أنه عرفه فأقره ، فسقط هذا الاحتجاج بهذا الخبر ، لكن يلزم من احتج بحديث ابن عمر أبي سعيد { } أن يحتج بهذا الخبر ; لأنه أقرب إلى أن يعرفه رسول الله صلى الله عليه وسلم منه إلى أن يعرف عمل كنا نخرج على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقة الفطر صاعا من طعام بني خدرة في جهة من جهات المدينة ، ويلزم من شنع لعمل الصحابة رضي الله عنهم أن يأخذ بحديث هذا ، فلا يرى أبوال الكلاب ولا غيرها نجسا ، ولكن هذا مما تناقضوا فيه . وأما حديث ابن عمر فلا حجة لهم فيه ، لأن فيه أن الفرث كان معه دم ، وليس هذا دليلا عندهم ، على طهارة الدم ، فمن الباطل أن يكون دليلا على طهارة الفرث دون طهارة الدم ، وكلاهما مذكوران معا . وأيضا فإن ابن مسعود شعبة وسفيان وزكريا بن أبي زائدة رووا كلهم هذا الخبر عن الذي رواه عنه علي بن صالح وهو أبو إسحاق عن عن عمرو بن ميمون ، فذكروا أن ذلك كان سلى جزور ، وهم أوثق وأحفظ من ابن مسعود علي بن صالح ، وروايتهم زائدة على روايته ، فإذا كان الفرث والدم في السلى فهما غير طاهرين ، فلا حكم لهما ، والقاطع ههنا أن هذا الخبر كان بمكة قبل ورود الحكم بتحريم النجو والدم ، فصار منسوخا بلا شك وبطل الاحتجاج به بكل حال .
وأما حديث في أنس ، فإنهم قالوا : إن مرابض الغنم لا تخلو من أبوالها ولا من أبعارها . فقلنا لهم : أما قولكم إنها لا تخلو من أبوالها ولا من أبعارها فقد يبول الراعي أيضا بينها ، وليس ذلك دليلا على طهارة بول الإنسان . الصلاة في مرابض الغنم
وأيضا فإن عبد الله بن ربيع حدثنا قال : ثنا عمر بن عبد الملك ثنا محمد بن بكر ثنا ثنا أبو داود السجستاني محمد بن كريب ثنا عن الحسين بن علي الجعفي عن زائدة عن أبيه عن هشام بن عروة قالت { عائشة } . [ ص: 173 ] قال أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ببناء المساجد في الدور وأن تطيب وتنظف : الدور هي دور السكنى وهي أيضا المحلات . تقول : دار علي بني ساعدة ، ودار بني النجار ، دار بني عبد الأشهل . هكذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو كذلك في لغة العرب ، فقد صح أمره عليه السلام بتنظيف المساجد وتطييبها ، وهذا يوجب الكنس لها من كل بول وبعر وغيره .
وحدثنا عبد الله بن يوسف ثنا أحمد بن فتح ثنا عبد الوهاب بن عيسى ثنا ثنا أحمد بن محمد حدثنا أحمد بن علي ثنا مسلم بن الحجاج شيبان بن فروخ وأبو الربيع الزهراني ، كلاهما عن عبد الوارث عن عن أبي التياح قال { أنس بن مالك } فهذا أمر منه صلى الله عليه وسلم بكنس ما يصلى عليه ونضحه . حدثنا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خلقا ، فربما رأيته تحضر الصلاة فيأمر بالبساط الذي تحته فيكنس وينضح ثم يؤم رسول الله صلى الله عليه وسلم ونقوم خلفه فيصلي بنا أحمد بن محمد بن الجسور ثنا ثنا وهب بن مسرة ثنا ابن وضاح ثنا أبو بكر بن أبي شيبة عن إسماعيل ابن علية ابن عون هو عبد الله - عن عن عبد أنس بن سيرين الحميد بن المنذر بن الجارود عن { قال صنع بعض عمومتي للنبي صلى الله عليه وسلم طعاما وقال : إني أحب أن تأكل في بيتي وتصلي فيه فأتاه وفي البيت فحل من تلك الفحول - يعني حصيرا - فأمر عليه السلام بجانب منه فكنس ورش فصلى وصلينا معه أنس بن مالك } فهذا أمر منه عليه الصلاة والسلام بكنس ما يصلى عليه ورشه بالماء ، فدخل في ذلك مرابض الغنم وغيرها . وأيضا فإن هذا الحديث نفسه إنما رويناه من طريق عبد الوارث عن عن أبي التياح ، وقد رويناه من طريق أنس عن البخاري عن سليمان بن حرب عن شعبة عن أبي التياح { أنس } فصح أن هذا كان في أول الهجرة قبل ورود الأخبار باجتناب كل نجو وبول . [ ص: 174 ] وأيضا فإن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في مرابض الغنم قبل أن يبنى المسجد يونس بن عبد الله قال : ثنا أبو عيسى بن أبي عيسى ثنا ثنا أحمد بن خالد ثنا ابن وضاح عن أبو بكر بن أبي شيبة عن يزيد بن هارون عن هشام بن حسان عن محمد بن سيرين قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { أبي هريرة } . إذا لم تجدوا إلا مرابض الغنم وأعطان الإبل ، فصلوا في مرابض الغنم ، ولا تصلوا في معاطن الإبل
حدثنا حمام ثنا ثنا ابن مفرج ثنا ابن الأعرابي الدبري ثنا عن عبد الرزاق عن سفيان الثوري عن الأعمش عبد الله عن عن عبد الرحمن بن أبي ليلى { البراء بن عازب } . قال أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل : أنصلي في أعطان الإبل ؟ فقال لا ، قال : أنصلي في مرابض الغنم ؟ قال نعم علي عبد الله هذا هو عبد الله بن عبد الله ثقة كوفي ولي قضاء الري .
حدثنا حمام ثنا عباس بن أصبغ ثنا محمد بن عبد الملك بن أيمن ثنا أحمد بن محمد البرتي ثنا أبو معمر ثنا ثنا عبد الوارث بن سعيد عن يونس الحسن عن قال : { عبد الله بن مغفل } . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا أتيتم على مرابض الغنم فصلوا فيها ، وإذا أتيتم على مبارك الإبل فلا تصلوا فيها ، فإنها خلقت من الشياطين