1461 - مسألة : ولا يحل إلا كيلا مسمى منها ، أو إلا وزنا مسمى منها ، أو إلا عددا مسمى منها ، أي شيء كان . بيع المرء جملة مجموعة
وكذلك لا يحل أن يبيع هذا الثوب أو هذه الخشبة إلا ذرعا مسمى منها .
وكذلك لا يحل أصلا ، قل ذلك أو كثر . بيع الثمرة بعد طيبها واستثناء مكيلة مسماة منها ، أو وزن مسمى منها ، أو عدد مسمى منها
ولا يحل ، لكن يختارها المشتري - هذا كله حرام مفسوخ أبدا ، محكوم فيما قبض منه كله بحكم الغصب وإنما الحلال في ذلك أن يستثني من الجملة إن شاء أي جملة كانت : حيوانا ، أو [ ص: 347 ] غيره ، أو من الثمرة : نصف كل ذلك مشاعا ، أو ثلثي كل ذلك ، أو أكثر ، أو أقل ; جزءا مسمى منسوبا مشاعا في الجميع . بيع نخل من أصولها ، أو ثمرتها ، على أن يستثني منها نخلة بغير عينها
أو يبيع جزءا كذلك من الجملة مشاعا ، أو يستثني منها عينا معينة محوزة - كثرت أو قلت - فهذا هو الحق الذي لا خلاف من أحد في جوازه ، إلا في مكان واحد نذكره - إن شاء الله تعالى .
وأجاز مالك ، وكذلك من الغنم ، ومنع من ذلك في الكثير - وأجاز بيع مائة نخلة يستثنى منها عشر نخلات بغير عينها تكون الثلث فأقل ، فإن استثنى أكثر من الثلث لم يجز . بيع الثمرة واستثناء مكيلة منها
وقال : إن مالك لم يجز ، فلو ابتاعها كذلك بأصولها جاز ، إذا لم يكن فيها ثمر كالعروض . ابتاع ثمر أربع نخلات من حائط بغير عينها لكن يختارها المبتاع
وأجاز ، لكن يختارها البائع - : أجاز هذا بعد أن توقف فيه أربعين ليلة ، وأجاز ذلك في الغنم - وكرهه للبائع أن يبيع ثمر حائطه ويستثني منه ثمر أربع نخلات بغير عينها ابن القاسم في النخل قال : فإن وقع أجزته لقول ؟ مالك
قال : في هذه الأقوال عبرة لمن اعتبر من التفريق بين البائع ، والمشتري في اختيار الثمر ، ومن الفرق بين اختيار المشتري لثمر أربع نخلات فمنع منه ، وبين اختيار البائع له فأجازه . أبو محمد
وليت شعري ما قوله في ست نخلات أو سبع ، ونزيده هكذا واحدة واحدة ، فإما يتمادى على الإباحة ، وإما يمنع ، فيكلفوا البرهان على ما حرموا وما حللوا ، أو يتحيروا فلا يدروا ما يحللون وما يحرمون ، ولا بد من أحد هذه الوجوه ضرورة .
ثم نسألهم عما أجازوا في الأربع نخلات ، فنقول : أتجيزون ذلك إن لم يكن في الحائط إلا خمس نخلات ؟ فإن أجازوا ، سألناهم من أين خصوا الأربع نخلات بالإجازة دون ما هو أكثر أو أقل ؟ فإن منعوا زدناهم في عدد نخل الحائط نخلة نخلة - وهذه تخاليط لا نظير لها ؟
وهذا يبطل دعواهم في عمل أهل المدينة ، إذ لو كان ذلك عملا ظاهرا ما احتاج [ ص: 348 ] إلى أن يتوقف فيه أربعين ليلة ، وإن في إجازة ابن القاسم العمل الذي منع منه - إن وقع - من أجل إجازة له لعجبا . مالك
ونحمد الله على عظيم نعمته علينا في تيسيرنا لطاعة كلامه ، وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم وتنفيرنا عن تقليد ما دون ذلك حمدا كثيرا كما هو أهله .
وأما الحنفيون ، والشافعيون ، فإنهم منعوا من هذا كله .
قال : وتناقضوا ههنا أقبح تناقض ; لأنه لا فرق بين ما حرموا ههنا من بيع جملة واستثناء مقدار منها بغير عينه ، وبين ما أجازوا في المسألة التي قبل هذه من أبو محمد فهو ذلك نفسه ونحمد الله تعالى على السلامة ، وكلا الأمرين بيع بعض جملة وإمساك بعضها ، { بيع بعض جملة بكيل أو بوزن ، أو بعدد بغير عينه وأحل الله البيع } ، { وقد فصل لكم ما حرم عليكم } .
وأما المكان الذي اختلف فيه مما ذكرنا ، فإن المالكيين منعوا من بيع جملة إلا ثلثيها ، وقالوا : لا يجوز الاستثناء إلا في الأقل .
قال : وهذا باطل ; لأنه لم يوجب ما قالوه : لا قرآن ، ولا سنة ، ولا رواية سقيمة ، ولا قول صاحب ، ولا قياس ، ولا رأي له وجه ، ولا لغة أصلا . علي
وأيضا : فإن استثناء الأكثر أو الأقل ، إنما هو منع بعض الجملة فقط دون سائرها ، ولا خلاف في جواز هذا ، وهو الذي منعوا منه نفسه بعينه .
وروينا من طريق عن حماد بن سلمة سألت الحجاج بن أرطاة أبا بكر بن أبي موسى عن الرجل يبيع بيعا ويستثني نصفه ؟ فكرهه - هالك - . الحجاج
ومن طريق عن حماد بن سلمة قال : إذا استثنى البائع نصفا ونقد المشتري نصفا ، فهو بينهما نصفان . عثمان البتي
ومن طريق أنا محمد بن المثنى عن عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان الثوري منصور ، ، كلاهما عن والأعمش : أنه كان لا يرى بأسا أن يبيع السلعة ويستثني نصفها . إبراهيم النخعي
قال : برهان صحة قولنا ههنا هي البراهين التي أوردنا في المسألة التي [ ص: 349 ] قبلها سواء سواء ، وههنا برهان زائد - : وهو ما روينا من طريق أبو محمد أحمد بن شعيب أنا زياد بن أيوب أنا أنا عباد بن العوام أنا سفيان بن حسين عن يونس بن عبيد عن عطاء بن أبي رباح { جابر بن عبد الله } . أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الثنيا حتى تعلم
فصح أن الاستثناء لا يحل إلا معلوما من معلوم .
فإن قيل : فقد رويتم من طريق عن حماد بن زيد عن أيوب السختياني ، أبي الزبير عن وسعيد بن ميناء قال : { جابر بن عبد الله } . نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المزابنة ، والمحاقلة ، والمعاومة ، والمخابرة
قال أحدهما : بيع السنين ، وهي المعاومة ، وهي الثنيا ؟
قلنا : هذا تفسير لا تقوم به حجة لأنه من كلام ورأيه ، أو كلام أبي الزبير ورأيه ، ولا حجة في كلام أحد دون رسول الله صلى الله عليه وسلم . سعيد بن ميناء
والثنيا : لفظة معروفة عربية ، قال تعالى : { كما بلونا أصحاب الجنة إذ أقسموا ليصرمنها مصبحين ولا يستثنون } وإنما الثنيا استثناء شيء من شيء فقط .
ومن المحال الباطل المتيقن : أن يكون للثنيا معنى غير هذا فينهانا عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم لا يبينها علينا ; حاش لله من هذا ، وهو الذي افترض الله تعالى عليه أن يبين لنا ديننا .
قال : وقد جاءت في الثنيا آثار - : أبو محمد
روينا من طريق أنا ابن أبي شيبة ، إسماعيل ابن علية وابن أبي زائدة ، كلاهما عن عن عبد الله بن عون ، قال : ما كنا نرى بالثنيا بأسا لولا أن القاسم بن محمد كرهها ، وكان عندنا مرضيا - قال ابن عمر ابن علية : لولا ابن عون : فتحدثنا أن كان يقول : لا أبيع هذه النخلة ، ولا هذه النخلة . [ ص: 350 ] ابن عمر
قال : سمع علي ابن عون هذا الخبر من . القاسم بن محمد
ومن طريق عن عبد الرزاق عن سفيان الثوري عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن يعقوب بن إبراهيم قال : يكره أن يبيع النخل ويستثني منه كيلا معلوما - قال سعيد بن المسيب سفيان : ولكن يستثني هذه النخلة ، وهذه النخلة .
ومن طريق الحجاج بن المنهال أنا أنا حماد بن زيد - عن أيوب - هو السختياني أنه سأل عمرو بن شعيب عن الثنيا فكرهها إلا أن يستثني نخلات معلومات ، قال سعيد بن المسيب عمرو : ونهاني أن أبرأ من الصدقة إذا بايعت . سعيد
ومن طريق أنا ابن أبي شيبة ابن علية عن عن أيوب السختياني قال : قلت عمرو بن شعيب : أبيع ثمرة أرضي واستثني ؟ قال : لا تستثن إلا شجرا معلوما ، ولا تبرأن من الصدقة - قال لسعيد بن المسيب أيوب فذكرته فكأنه أعجبه . لمحمد بن سيرين
ومن طريق أنا ابن أبي شيبة عن أبو الأحوص أبي حمزة ، قلت : أبيع الشاة واستثني بعضها ؟ قال : لا ، ولكن قل : أبيعك نصفها . لإبراهيم
ومن طريق أنا ابن أبي شيبة عن عبد الرحمن بن مهدي سفيان عن منصور عن قال : لا بأس ببيع السلعة ويستثني نصفها . إبراهيم
ومن طريق أنا ابن أبي شيبة عبد الأعلى عن عن يونس الحسن فيمن باع ثمرة أرضه فاستثنى كرا ؟ قال : كان يعجبه أن يعلم نخلا .
ومن طريق أنا ابن أبي شيبة ابن أبي زائدة عن - عن يزيد - هو ابن إبراهيم أنه كان لا يرى بأسا أن يبيع ثمرته ويستثني نصفها ، ثلثها ، ربعها . ابن سيرين
قال : واحتج المالكيون بما روينا من طريق أبو محمد حدثنا عبد الرزاق سمعت معمر سمعت الزبير بن عدي وهو يبيع ثمرة له فقال : أبيعكموها بأربعة آلاف وطعام الفتيان الذين يعملونها . ابن عمر
ومن طريق أنا ابن أبي شيبة عن وكيع إبراهيم عن إسماعيل بن مجمع عن أنه كان لا يرى بأسا أن يبيع ثمرته ويستثني منها مكيلة معلومة . سالم بن عبد الله بن عمر
ومن طريق عن مالك : أن جده [ ص: 351 ] عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم محمد بن عمرو باع ثمر حائط له يقال له : الأفراق بأربعة آلاف درهم واستثنى منه بثمانمائة درهم تمرا - وما نعلم لهم غير هذا .
فالرواية عن : هم أول مخالف لها ; لأن طعام الفتيان إن كان مستثنى من الثمرة فهو مجهول ، لا يدرى ما يكون نوعه ، ولا مقدار ما يكون ، فإن كان مضافا على المشتري إلى الثمن فكذلك أيضا - . ابن عمر
والمالكيون لا يجيزون شيئا من هذين الوجهين - فقد خالفوه ، والصحيح عن مثل قولنا كما أوردنا آنفا . ابن عمر
وأما حديث سالم فلم يخص ثلثا من أقل ، ولا أكثر - .
والمالكيون لا يجيزون أكثر من الثلث - فقد خالفوه .
وأما حديث محمد بن عمرو بن حزم فإنما استثنى من ثمر باعه بأربعة آلاف تمرا بثمانمائة درهم ، وهم الخمس ، فإنما استثنى خمس ما باع ، وهذا جائز حسن - فلاح أنه لا سلف لهم أصلا فيما قالوه ذلك .
وقد روينا المنع من الاستثناء جملة كما روينا من طريق أنا ابن أبي شيبة عبد الصمد بن أبي الجارود قال : سألت عمن باع شيئا واستثنى بعضا ؟ قال : لا يصلح ذلك . جابر بن زيد
قال : إن كان عنى مجهولا فصحيح وإن كان عنى جملة الاستثناء فخطأ ; لأن { أبو محمد } ، ولا حجة في أحد معه عليه السلام . رسول الله صلى الله عليه وسلم أباح الثنيا إذا علمت