1474 - مسألة : ، والزهو ، والمكث ، والحلقان ، والمعو ، والمعد ، والثغد ، والرطب بعضه ببعض من صنفه ، أو من صنف آخر منه ولا بالثمر ، ولا متماثلا ولا متفاضلا ، ولا نقدا ولا نسيئة ، ولا في رءوس النخل ولا موضوعا في الأرض . ولا يحل بيع شيء من ثمر النخل ، من : البلح ، والبسر
ويجوز بيع الزهو ، والرطب بكل شيء يحل بيعه ، حاشا ما ذكرنا نقدا وبالدراهم والدنانير نقدا ونسيئة ، حاشا العرايا في الرطب وحده .
ومعناها أن يأتي الرطب ويكون قوم يريدون ابتياع الرطب للأكل فأبيح لهم أن يبتاعوا رطبا في رءوس النخل بخرصها تمرا فيما دون خمسة أوسق ، يدفع التمر إلى صاحب الرطب ولا بد - ولا يحل بتأخير ، ولا في خمسة أوسق فصاعدا ، ولا بأقل من خرصها تمرا ولا بأكثر ، فإن وقع ما قلنا : أنه لا يجوز فسخ أبدا ، وضمن ضمان الغصب .
برهان ذلك - ما روينا من طريق أنا مسلم : ابن نمير وزهير بن حرب ، قالا جميعا : أنا أنا سفيان بن عيينة الزهري عن عن أبيه { سالم بن عبد الله } . نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع التمر بالتمر
ومن طريق أنا مسلم عبد الله بن مسلمة القعنبي أنا عن سليمان بن بلال عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل دارهم منهم بشير بن يسار سهل بن أبي حثمة { } . أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع التمر بالتمر وقال : ذلك الربا
وصح أيضا من طريق ، رافع بن خديج { وأبي هريرة } والثمر يقتضي الأصناف التي ذكرنا - . عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : النهي عن بيع التمر بالتمر
[ ص: 390 ] وصح النهي عن ذلك عن . سعد بن أبي وقاص
ولم يجز قفيز رطب بقفيز من جاف - وهو قول سعيد بن المسيب ، مالك ، والشافعي ، والليث ، وأبي يوسف ، وأبي ثور ، ومحمد بن الحسن - وهو الخارج من أقوال وأبي سليمان سفيان ، ، وأحمد وإسحاق .
وأجاز أبو حنيفة ولم يجز متفاضلا ولا نسيئة - وقال : إنما يحرم بيع الثمر الذي في رءوس النخل خاصة بالتمر ، ولم يجز ذلك لا في العرايا ولا في غيرها . بيع الرطب بالتمر كيلا بمثله نقدا
واحتج له مقلدوه بما صح من طريق { ابن عمر } ، والمزابنة أن يباع ما في رءوس النخل من ثمر بتمر مسمى بكيل ، إن زاد فلي وإن نقص فعلي " . ومثله مسندا أيضا من طريق نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المزابنة . ومن طريق أبي سعيد الخدري عن عطاء أنه فسر لهم المزابنة : أنها بيع الرطب في النخل بالتمر كيلا . جابر بن عبد الله
قال : لا حجة لهم في شيء من هذه الأخبار ; لأننا لم ننازعهم في تحريم الرطب في رءوس النخل بالتمر كيلا ، نعم ، وغير كيل ، ولا نازعناهم في أن هذا مزابنة فاحتجاجهم بها تمويه وإيهام ضعيف ، وليس في شيء من هذه الأخبار ولا غيرها : أنه لا يحرم من بيع الثمر بالتمر إلا هذه الصفة فقط ولا في شيء من هذا : أن ما عدا هذا فحلال - لكن كل ما في هذه الأخبار فهو بعض ما في حديث أبو محمد الذي صدرنا به وبعض ما في حديث ابن عمر سهل بن أبي حثمة ، ، ورافع . وأبي هريرة
وتلك الأخبار جمعت ما في هذه وزادت عليها ، فلا يحل ترك ما فيها من زيادة الحكم من أجل أنها لم تذكر في هذه الأحاديث .
كما أن قول الله تعالى { : منها أربعة حرم ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم } ليس حجة في إباحة الظلم في غيرها - وهكذا جميع الشرائع أولها عن آخر ، ليست كل شريعة مذكورة في كل حديث .
وأيضا - فإننا نقول لهم : من أين قلتم : إن المراد في تلك الأخبار التي فيها النهي [ ص: 391 ] عن بيع الثمر بالتمر إنما هو ما ذكرنا في هذه الأخبار الأخر من النهي عن بيع الثمر في رءوس النخل بالتمر ، وما برهانكم على ذلك ؟ وهل زدتمونا على الدعوى المجردة الكاذبة شيئا ؟ ومن أين وجب ترك عموم تلك الأخبار الثابتة من أجل أنه ذكر في هذه بعض ما في تلك ؟ فإنهم لا سبيل إلى دليل أصلا - لا قوي ولا ضعيف - فحصلوا على الدعوى فقط ، فإن ادعوا إجماعا على ما في هذه كذبوا .
وقد روينا من طريق أنا ابن أبي شيبة عن ابن المبارك عثمان بن حكيم عن عن عطاء قال : الثمر بالتمر على رءوس النخل مكايلة إن كان بينهما دينار أو عشرة دراهم فلا بأس به ، وهذا خبر صحيح ، ابن عباس وعثمان بن حكيم ثقة وسائر من فيه أئمة أعلام .
وقد فسر المزابنة كما روينا من طريق ابن عمر عن مالك عن نافع { ابن عمر } . نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر المزابنة ، والمزابنة : بيع الثمر بالتمر كيلا ، وبيع الكرم بالزبيب كيلا
وحدثنا حمام أنا عباس بن أصبغ أنا محمد بن عبد الملك بن أيمن أنا بكر - هو ابن حماد - أنا مسدد أنا عن يحيى - هو ابن سعيد القطان - أخبرني عبيد الله بن عمر عن نافع قال { ابن عمر } . نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المزابنة ، والمزابنة : اشتراء الثمر بالتمر واشتراء العنب بالزبيب كيلا
فمن جعل تفسير باطلا وتفسير ابن عمر ، جابر صحيحا . بل كلاهما حق وكل ذلك مزابنة منهي عنها ، وما عدا هذا فضلال وتحكم في دين الله تعالى بالباطل . وأبي سعيد
والعجب كله من إباحة ومن قلده دينه ما قد نص رسول الله صلى الله عليه وسلم على النهي عنه من بيع الرطب بالتمر ، وبيع التمر بالتمر ، وتحريمه ما لم يحرمه الله تعالى قط ولا رسوله صلى الله عليه وسلم ولا جاء قط عنه نهي من بيع الجوز على رءوس أشجاره بالجوز المجموع ، وهذا عجب جدا وما رأينا قط سنة مضاعة إلا وإلى جنبها بدعة مذاعة ، ونعوذ بالله من الخذلان . أبي حنيفة
[ ص: 392 ] واحتجوا أيضا - بأن قالوا : لا يخلو الرطب ، والتمر من أن يكونا جنسا واحدا أو جنسين ، فإن كانا جنسا واحدا فالتماثل في الجنس الواحد جائز ، لإباحة رسول الله صلى الله عليه وسلم التمر بالتمر مثلا بمثل ، وإن كانا جنسين فذلك فيهما أجوز ، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : { إذا اختلفت الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد } .
قال : فنقول لهم : الذي أباح التمر بالتمر متماثلا يدا بيد ، وأمرنا إذا اختلفت الأصناف أن نبيع كيف شئنا إذا كان يدا بيد ، هو الذي نهانا عن بيع الرطب بالتمر جملة ، وعن بيع التمر بالتمر ، وأخبرنا : أنه الربا ، وليست طاعته في بعض ما أمر به واجبة وفي بعضه غير واجبة ، هذا كفر ممن قاله ، بل طاعته في كل ما أمر به واجبة . أبو محمد
لكن يا هؤلاء أين كنتم عن هذا الاستدلال الفاسد الذي صححتموه وعارضتم به سنة الله تعالى ورسوله عليه السلام ؟ إذ حرمتم برأيكم الفاسد بيع الدقيق بالحنطة أو بالسويق جملة ، فلم تجيزوه لا متفاضلا ، ولا متماثلا ، ولا نقدا ، ولا نسيئة ، ولا كيلا ، ولا وزنا - وهلا قلتم لأنفسكم : لا يخلو الدقيق والحنطة ، والسويق ، من أن تكون جنسا واحدا أو جنسين أو ثلاثة أجناس ، فإن كانت جنسا واحدا فالتماثل في الجنس الواحد جائز ، لإباحة رسول الله صلى الله عليه وسلم الحنطة بالحنطة مثلا بمثل ، وإن كانت جنسين أو ثلاثة فذلك فيها أجوز ، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : { إذا اختلفت الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد } فهذا المكان أولى بالاعتراض ، وبالرد ، وبالإطراح ، لا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم وحكمه .
[ ص: 393 ] فقال قائل منهم : التفاضل في الدقيق بالحنطة موجود في الوقت ، وأما في الرطب بالتمر ، فلا يوجد إلا بعد الوقت ؟ فقلنا : فكان ماذا لو كان ما قلتم حقا ؟ ومن أين وجب مراعاة التفاضل في الوقت أو بعده ؟ فكيف والذي قلتم باطل ؟ لأن المماثلة بالكيل موجودة في الرطب بالتمر ، كما هي موجودة في الدقيق بالسويق ، وفي الدقيق بالحنطة في الوقت ، فلا تفاضل فيهما أصلا ، وإنما كان التفاضل موجودا في الدقيق بالسويق فيما خلا وبطل الآن ، ولا يقطع أيضا بهذا ، فبطل فرقكم الفاسد .
وأيضا - فإنما أباح رسول الله صلى الله عليه وسلم التمر بالتمر مثلا بمثل ، وبالمشاهدة ندري أن الرطب ليس مثلا للتمر في صفاته .
واحتجوا أيضا بأن قالوا : بيع التمر الحديث بالتمر القديم جائز ، وهو ينقص ، عنه فيما بعد ؟ فقلنا : نعم فكان ماذا ؟ ومتى جعلنا لكم علة المنع من بيع الرطب بالتمر ، إنما هي نقصانه إذا يبس ؟ حاشا لله أن يقول هذا ; لأن الأثر الذي من طريق ، الذي فيه : أينقص الرطب إذا جف لا يصح ، لأنه من رواية سعد زيد بن أبي عياش - وهو مجهول - ولو صح لأذعنا له ولقلنا به ، وهذا التعليل منكم باطل وتخرص في دين الله تعالى لم يأت به قرآن ، ولا سنة ، وإنما هو الطاعة لله تعالى ولرسوله عليه السلام فقط .
{ فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم } .
ونقول لمن ادعى التعليل ، وأنه هو الحكمة ، وما عداه عبث : أخبرونا ما علة تحريم الميتة ، والدم ، ولحم الخنزير ، والخامسة في النكاح ، وسائر الشرائع ؟
فلا سبيل لهم إلى وجود شيء أصلا ، فمن أين وجب أن تعلل بعض الشرائع بالدعاوى الكاذبة ، ولا تعلل سائرها ؟
وما نعلم سلفا قبله في إباحة الرطب بالتمر ممن يحرم الربا في غير النسيئة - وقال لأبي حنيفة : بيع الرطب جائز ، وهذا خطأ لنهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الثمر بالتمر . مالك
وقال كقولنا - وبالله تعالى التوفيق . الشافعي
[ ص: 394 ] وأما العرايا - روينا من طريق عن نافع قال : كانت العرايا أن يعري الرجل في ماله النخلة والنخلتين ؟ قال ابن عمر : ليس في هذا بيان حكم العرايا - وروينا عن علي أنه قال : العرايا نخلات معلومات يأتيها فيشتريها . موسى بن عقبة
وروينا عن ، زيد بن ثابت ، ويحيى بن سعيد الأنصاري أنها النخلة والنخلتان والنخلات تجعل للقول فيبيعون ثمرها بخرصها تمرا . ومحمد بن إسحاق
وقال ، سفيان بن حسين ، وسفيان بن عيينة والأوزاعي ، مثل هذا ، إلا أنهم خصوا بذلك المساكين يجعل لهم ثمر النخل فيصعب عليهم القيام عليها ، فأبيح لهم أن يبيعوها بما شاءوا من التمر . وأحمد بن حنبل
وروينا عن : أن العرية الرجل يعري النخلة ، أو يستثني من ماله النخلة أو النخلتين يأكلها فيبيعهما بمثل خرصهما تمرا . عبد ربه بن سعيد الأنصاري
وقال : العرية أن يهب الرجل رجلا آخر ثمرة نخلة أو نخلتين ثم يبدو له فيعطيه مكان ثمر ما أعطاه تمرا يابسا فيخرج بذلك عن إخلاف الوعد . أبو حنيفة
وقال : العرية أن يهب الرجل لآخر ثمر نخلة أو نخلتين أو نخلات من ماله ويكون الواهب ساكنا بأهله في ذلك الحائط فيشق عليه دخول المعري في ذلك الحائط ، فله أن يبتاع منه ذلك الثمر بخرصه تمرا إلى الجداد ولا يجوز عنده إلا نسيئة ولا بد ، وأما يدا بيد فلا . مالك
وأما قول فإنه قال : العرية أن يأتي أوان الرطب ، وهناك قوم فقراء لا مال لهم ، ويريدون ابتياع رطب يأكلونه مع الناس ، ولهم فضول تمر من أقواتهم ، فأبيح لهم أن يشتروا الرطب بخرصها من التمر فيما دون خمسة أوسق نقدا ولا بد . الشافعي
وأما قولنا الذي ذكرنا فهو قول ، يحيى بن سعيد الأنصاري . وأبي سليمان
وروينا من طريق أنا مسلم محمد بن رمح بن المهاجر أنا عن [ ص: 395 ] الليث بن سعد قال : العرية أن يشتري الرجل ثمر النخلات لطعام أهله رطبا بخرصها تمرا . يحيى بن سعيد الأنصاري
قال : أما قول أبو محمد ، ابن عمر فلا بيان فيهما . وموسى بن عقبة
وأما قول ، وأحد قولي زيد بن ثابت ، يحيى بن سعيد ، وابن إسحاق ، وسفيان بن حسين والأوزاعي ، ، فإنه يحتج له بما روينا من طريق وأحمد عن مالك عن نافع عن ابن عمر { زيد بن ثابت } . أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص ، لصاحب العرية أن يبيعها بخرصها من التمر
قال : ليس لهم في هذا الحديث حجة أصلا ، وإنما فيه أن صاحب الرطب هو الذي يبيعه بخرصه تمرا - ونحن هكذا نقول ، وجائز عندنا أن نبيع الرطب كذلك الذي هو له والنخل معا ، وجائز أن نبيعه أيضا كذلك من مالك الرطب وحده بهبة أو بشراء أو بميراث أو بإجازة أو بإصداق فهذا الخبر موافق لقولنا ولله الحمد ، وليس فيه إلا صفة البائع فقط ، وليس فيه من هو المشتري . علي
وأما من ذهب مذهب فإنه يحتج له بما رويناه من طريق عبد ربه بن سعيد - أنا مسلم أنا أبو بكر بن أبي شيبة عن أبو أسامة حدثني الوليد بن كثير : أن بشير بن يسار مولى بني حارثة ، رافع بن خديج وسهل بن أبي حثمة حدثاه { } . أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن المزابنة الثمر بالتمر إلا أصحاب العرايا فإنه أذن لهم
قال : وهذا لا حجة لهم فيه ; لأنه ليس فيه بيان قولهم لا بنص ولا بإشارة ولا بدليل ، وإنما فيه : أن أصحاب العرايا أذن لهم في التمر بالتمر فقط ، وهكذا نقول - فبطل أن يكون لشيء من هذين القولين في شيء من هذين الخبرين حجة . أبو محمد
ثم نظرنا في قول فوجدناه دعوى بلا برهان ، وإنما ذكر فيه حديثا لا يدري أحد منشأه ولا مبدأه ولا طريقه ، ذكره أيضا بغير إسناد - فبطل أن يكون فيه حجة ، [ ص: 396 ] وحصل قوله دعوى بلا برهان - نعني تخصيصه أن الذين أبيح لهم ابتياع الرطب بخرصه تمرا إنما هم من لا شيء لهم يبتاعون به الرطب ليأكلوه فقط . الشافعي
ثم نظرنا في قول فوجدنا قوله : إن العرية هي ثمر نخل تجعل لآخرين - وقوله : إن الذين جعلوه يسكنون بأهليهم في الحائط الذي فيه تلك النخل - وقوله : إن أصحاب النخل ينادون بدخول الذين جعل لهم تلك النخل أقوالا ثلاثة ؟ لا دليل على شيء منها ، لا في قرآن ، ولا في سنة ، ولا في رواية سقيمة ، ولا في قول صاحب ، ولا تابع ، ولا قياس ، ولا لغة ، ولا رأي له وجه ، وما نعلمه عن أحد قبله . مالك
ثم الشنعة والأعجوبة العظيمة قوله : إن ذلك لا يجوز إلا نسيئة إلى الجداد ، ولا يجوز نقدا أصلا - وهذا هو الربا المحرم جهارا ، ثم إلى أجل مجهول - ولا نعلم هذا عن أحد قبله ، وهو حرام مكشوف لا يحل أصلا ، وإنما حل ههنا الرطب بالتمر بالنص الوارد فيه فقط ، ووجدنا النسيئة فيما فيه الربا حراما بكل وجه ، فلما حل بيع التمر بالتمر ههنا لم يجز إلا يدا بيد ولا بد ; لأنه لا بيع إلا إما نقدا وإما نسيئة ، فالنسيئة حرام : لأنه ربا في كل ما يقع فيه الربا بلا خلاف - ولأنه شرط ليس في كتاب الله تعالى - يعني اشتراط تأخيره فهو باطل فلم يبق إلا النقد فلم يجز غيره - وبالله تعالى التوفيق .
ثم نظرنا في قول فوجدناه أبعد الأقوال ; لأنه خالف جميع الآثار كلها جهارا ، وأتى بدعوى لا دليل عليها ، ولا نعلم أحدا قال بها قبله . أبي حنيفة
والخبر في استثناء جواز خاصة منقول نقل التواتر : رواه بيع الرطب بالتمر لأهل العرايا ، رافع وسهل ، ، وجابر ، وأبو هريرة وزيد ، في آخرين سواهم كل من سمينا هو عنهم في غاية الصحة - فخالفوا ذلك بآرائهم الفاسدة . وابن عمر
والبرهان لصحة قولنا - : هو ما رويناه من طرق جمة كلها ترجع إلى : أن مالك حدثه عن داود بن الحصين أبي أحمد عن { أبي هريرة } يشك أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رخص في بيع العرايا بخرصها فيما دون خمسة أوسق أو في خمسة أوسق . داود
قال : فاليقين واقع فيما دون خمسة أوسق بلا شك ، فهو مخصوص فيما حرم من بيع التمر بالتمر ، ولا يجوز أن يباح متيقن الحرام بشك ، ولو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم [ ص: 397 ] أباح ذلك في خمسة أوسق لحفظه الله تعالى حتى يبلغ إلينا مبينا ، وتقوم به الحجة ، فلم يفعل الله تعالى ذلك ، فأيقنا أنه لم يبحه نبيه عليه السلام قط في خمسة أوسق ، لكن فيما دونها بيقين - وبالله تعالى التوفيق . أبو محمد
فلا يجوز لأحد أن يبلغ ذلك في عام واحد في صفقة واحدة ، ولا في صفقات خمسة أوسق أصلا ، لا البائع ولا المشتري ; لأنه يخالف أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ومن طريق أنا مسلم بن الحجاج أنا يحيى بن يحيى - هو النيسابوري - عن سليمان بن بلال أخبرني يحيى بن سعيد الأنصاري أنه سمع نافع يحدث أن عبد الله بن عمر حدثه { زيد بن ثابت } . أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص في العرية يأخذها أهل البيت بخرصها تمرا يأكلونها رطبا
ومن طريق أنا مسلم عبد الله بن مسلمة القعنبي أنا عن سليمان بن بلال عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل دارهم منهم بشير بن يسار سهل بن أبي حثمة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم { } . أنه نهى عن بيع التمر بالتمر وقال : ذلك الربا تلك المزابنة ، إلا أنه رخص في بيع العرية والنخلة والنخلتين يأخذها أهل البيت بخرصها تمرا يأكلونها رطبا
قال : تحديد النبي صلى الله عليه وسلم في حديث أبو محمد { أبي هريرة } يقضي على هذه الأحاديث ; لأنه إن كان في النخلتين خمسة أوسق لم يجز ، وإن كان في النخلات أقل من خمسة أوسق جاز ذلك فيها ; لأن تحديد الخمسة الأوسق زيادة حكم ، وزيادة حد ، وزيادة بيان ، ولا يجوز تركها - وبالله تعالى التوفيق . ما دون خمسة أوسق