1566 - مسألة : : حلال كله ، ومن كسر شيئا من ذلك ضمنه ، إلا أن يكون صورة مصورة فلا ضمان على كاسرها ; لما ذكرنا قبل ; لأنها مال من مال مالكها - وكذلك وبيع الشطرنج ، والمزامير ، والعيدان ، والمعازف ، والطنابير . بيع المغنيات وابتياعهن
قال - تعالى - : { خلق لكم ما في الأرض جميعا } ، وقال - تعالى - : { وأحل الله البيع } ، وقال - تعالى - : { وقد فصل لكم ما حرم عليكم } ، ولم يأت نص بتحريم بيع شيء من ذلك ، ورأى الضمان على أبو حنيفة . من كسر شيئا من ذلك
واحتج المانعون بآثار لا تصح ، أو يصح بعضها ، ولا حجة لهم فيها ، وهي - : ما روينا من طريق أنا أبي داود الطيالسي هشام عن عن يحيى بن أبي كثير أبي سلام عن عبد الله بن زيد بن الأزرق عن قال " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { عقبة بن عامر الجهني } . كل [ ص: 560 ] شيء يلهو به الرجل فباطل ، إلا رمي الرجل بقوسه ، أو تأديبه فرسه ، أو ملاعبته امرأته ، فإنهن من الحق
عبد الله بن زيد بن الأزرق مجهول .
ومن طريق عن ابن أبي شيبة عن عيسى بن يونس عبد الرحمن بن يزيد عن أنا جابر أبو سلام الدمشقي عن خالد بن زيد الجهني قال لي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { عقبة بن عامر } ثم ذكره - ليس لهو المؤمن إلا ثلاث خالد بن زيد مجهول .
ومن طريق أحمد بن شعيب أنا سعيد أنا ابن حفص أنا عن موسى بن أعين خالد بن أبي يزيد حدثني عبد الرحيم عن الزهري عن رأيت عطاء بن أبي رباح ، جابر بن عبد الله وجابر بن عبيد الأنصاريين يرميان فقال أحدهما للآخر " أما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { } . كل شيء ليس من ذكر الله فهو لعب ، لا يكون أربعة : ملاعبة الرجل امرأته ، وتأديب الرجل فرسه ، ومشي الرجل بين الغرضين ، وتعليم الرجل السباحة
هذا حديث مغشوش مدلس دلسة سوء ; لأن الزهري المذكور فيه ليس هو ابن شهاب ، لكنه رجل زهري مجهول اسمه عبد الرحيم - : رويناه من طريق أحمد بن شعيب أنا محمد بن وهب الحراني عن عن محمد بن سلمة الحراني أبي عبد الرحيم - هو خالد بن أبي يزيد - وهو خال محمد بن سلمة - عن عبد الرحيم الزهري عن : رأيت عطاء ، جابر بن عبد الله وجابر بن عبيد الأنصاريين يرميان ، فقال أحدهما للآخر : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { } فسقط هذا الخبر . كل شيء ليس فيه ذكر الله - تعالى - فهو لهو ولعب ، إلا أربعة : ملاعبة الرجل امرأته ، وتأديب الرجل فرسه ، ومشيه بين الغرضين ، وتعليم الرجل السباحة
ورويناه أيضا : من طريق أحمد بن شعيب أنا إسحاق بن إبراهيم أنا محمد بن سلمة [ ص: 561 ] أنا أبو عبد الرحيم عن عبد الوهاب بن بخت عن رأيت عطاء بن أبي رباح ، جابر بن عبد الله وجابر بن عبيد ، فذكره ، وفيه { } كل شيء ليس من ذكر الله فهو لغو وسهو عبد الوهاب بن بخت غير مشهور بالعدالة ، ثم ليس فيه إلا أنه سهو ولغو وليس فيه تحريم .
وروي من طريق عن العباس بن محمد الدوري أنا محمد بن كثير العبدي جعفر بن سليمان الضبعي عن سعيد بن أبي رزين عن أخيه عن عن ليث بن أبي سليم عبد الرحمن بن سابط عن أم المؤمنين رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { عائشة } . إن الله حرم المغنية وبيعها وثمنها وتعليمها والاستماع إليها
فيه : ، وهو ضعيف ، ليث وسعيد بن أبي رزين وهو مجهول لا يدرى من هو عن أخيه ، وما أدراك ما عن أخيه هو ما يعرف وقد سمي ، فكيف أخوه الذي لم يسم .
وحدثنا أحمد بن عمر بن أنس أنا أبو أحمد سهل بن محمد بن أحمد بن سهل المروزي أنا لاحق بن الحسين المقدسي - قدم مرو - أنا أبو المرجى ضرار بن علي بن عمير القاضي الجيلاني أنا أحمد بن سعيد بن عبد الله بن كثير الحمصي أنا فرج بن فضالة عن يحيى بن سعيد عن عن أبيه محمد بن علي ابن الحنفية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { علي بن أبي طالب } . إذا عملت أمتي خمس عشرة خصلة حل بها البلاء - فذكر منهن واتخذوا القينات ، والمعزف فليتوقعوا عند ذلك ريحا حمراء ، ومسخا وخسفا
لاحق بن الحسين ، وضرار بن علي ، والحمصي - مجهولون - .
وفرج بن فضالة حمصي متروك ، تركه يحيى ، وعبد الرحمن .
ومن طريق أنا قاسم بن أصبغ إبراهيم بن إسحاق النيسابوري أنا أبو عبيدة بن الفضيل بن عياض أنا أبو سعيد مولى بني هاشم - هو عبد الرحمن بن عبد الله - أنا عبد الرحمن بن العلاء عن محمد بن المهاجر عن كيسان مولى معاوية أنا قال { معاوية } . نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تسع وأنا أنهاكم عنهن الآن - فذكر فيهن - : الغناء ، والنوح
[ ص: 562 ] محمد بن المهاجر ضعيف ، وكيسان مجهول .
ومن طريق أبي داود أنا أنا مسلم بن إبراهيم عن شيخ أنه سمع سلام بن مسكين أبا وائل يقول : سمعت يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { ابن مسعود } عن شيخ عجب جدا . إن الغناء ينبت النفاق في القلب
ومن طريق محمد بن أحمد بن الجهم أنا أنا محمد بن عبدوس أنا ابن أبي شيبة عن زيد بن الحباب أنا معاوية بن صالح حاتم بن حريث عن مالك بن أبي مريم حدثني حدثني عبد الرحمن بن غنم أبو مالك الأشعري أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول : { } . يشرب ناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها يضرب على رءوسهم بالمعازف والقينات يخسف الله بهم الأرض
ضعيف ، وليس فيه : أن الوعيد المذكور إنما هو على المعازف ، كما أنه ليس على اتخاذ القينات - والظاهر أنه على استحلالهم الخمر بغير اسمها ، والديانة لا تؤخذ بالظن . معاوية بن صالح
حدثنا أحمد بن إسماعيل الحضرمي القاضي أنا محمد بن أحمد بن الخلاص أنا حدثني محمد بن القاسم بن شعبان المصري إبراهيم بن عثمان بن سعيد أنا أحمد بن الغمر بن أبي حماد بحمص ، أنا ويزيد بن عبد الصمد عبيد بن هشام الحلبي - هو ابن نعيم - أنا عن عبد الله بن المبارك عن مالك بن أنس عن محمد بن المنكدر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { أنس بن مالك } . من جلس إلى قينة فسمع منها صب الله في أذنيه الآنك يوم القيامة
هذا حديث موضوع مركب ، فضيحة ما عرف قط من طريق ، ولا من رواية أنس ابن المنكدر ، ولا من حديث ، ولا من جهة مالك وكل من دون ابن المبارك إلى ابن المبارك مجهولون . ابن شعبان
[ ص: 563 ] في المالكيين نظير وابن شعبان عبد الباقي بن قانع في الحنفيين ، قد تأملنا حديثهما فوجدنا فيه البلاء البين ، والكذب البحت ، والوضع اللائح ، وعظيم الفضائح ، فإما تغير ذكرهما ، أو اختلطت كتبهما ، وإما تعمدا الرواية عن كل من لا خير فيه من كذاب ، ومغفل يقبل التلقين .
وأما الثالثة - وهو ثالثة الأثافي : أن يكون البلاء من قبلهما - ونسأل الله العافية ، والصدق ، وصواب الاختيار .
ومن طريق قال : روى ابن شعبان هاشم بن ناصح عن عمر بن موسى عن مكحول عن قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { عائشة من مات وعنده جارية مغنية فلا تصلوا عليه } .
هاشم ، : مجهولان ، وعمر ومكحول لم يلق ، وحديث لا ندري له طريقا ، إنما ذكروه هكذا مطلقا ، { عائشة } وهذا لا شيء . أن الله - تعالى - نهى عن صوتين ملعونين : صوت نائحة ، وصوت مغنية
ومن طريق أنا سعيد بن منصور عن إسماعيل بن عياش مطرح بن يزيد أنا عبيد الله بن زحر عن علي بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم } الآية ، والذي نفسي بيده ما رفع رجل قط عقيرة صوته بغناء إلا ارتدفه شيطانان يضربانه على صدره وظهره حتى يسكت } . لا يحل بيع المغنيات ولا شراؤهن وثمنهن حرام وقد نزل تصديق ذلك في كتاب الله : {
ضعيف ، إسماعيل ومطرح مجهول ، وعبيد الله بن زحر ضعيف ، والقاسم ضعيف ، وعلي بن يزيد دمشقي مطرح متروك الحديث .
ومن طريق عبد الملك بن حبيب الأندلسي عن عبد العزيز الأويسي عن [ ص: 564 ] عن إسماعيل بن عياش علي بن يزيد عن عن القاسم بن عبد الرحمن سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { أبي أمامة الباهلي ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم } والذي نفسي بيده ما رفع رجل عقيرته بالغناء إلا ارتدفه شيطانان يضربان بأرجلهما صدره وظهره حتى يسكت } . لا يحل تعليم المغنيات ، ولا شراؤهن ، ولا بيعهن ، ولا اتخاذهن ، وثمنهن حرام وقد أنزل الله ذلك في كتابه : {
ومن طريق ابن حبيب أيضا : أنا ابن معبد عن عن موسى بن أعين القاسم عن عبد الرحمن عن أبي أمامة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { } . إن الله حرم تعليم المغنيات وشراءهن ، وبيعهن ، وأكل أثمانهن
أما الأول : فعبد الملك هالك ، ضعيف ، وإسماعيل بن عياش وعلي بن يزيد ضعيف متروك الحديث ، ضعيف . والقاسم بن عبد الرحمن
والثاني : عن عبد الملك ، والقاسم أيضا ، ضعيف . وموسى بن أعين
ومن طريق عن عبد الملك بن حبيب عبد العزيز الأويسي عن قال : { عبد الله بن عمر قال رجل يا رسول الله لي إبل ، أفأحدو فيها ؟ قال : نعم ، قال : أفأغني فيها ؟ قال : اعلم أن المغني أذناه بيد شيطان يرغمه حتى يسكت } .
هذا عبد الملك ، والعمري الصغير - وهو ضعيف .
ومن طريق أنا سعيد بن منصور أبو داود - هو سليم بن سالم بصري - أنا حسان بن أبي سنان عن رجل عن قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { أبي هريرة } . يمسخ قوم من أمتي في آخر الزمان قردة وخنازير قالوا : يا رسول الله يشهدون أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله ؟ قال : نعم ، ويصلون ، ويصومون ، ويحجون قالوا : فما بالهم يا رسول الله ؟ قال : اتخذوا المعازف والقينات ، والدفوف ، ويشربون هذه الأشربة ، فباتوا على لهوهم ، وشرابهم ، فأصبحوا قردة وخنازير
هذا عن رجل لم يسم ، ولم يدر من هو ؟ [ ص: 565 ] ومن طريق أيضا : أنا سعيد بن منصور الحارث بن نبهان أنا فرقد السبخي عن عاصم بن عمرو عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { } . تبيت طائفة من أمتي على لهو ولعب ، وأكل وشرب ، فيصبحوا قردة وخنازير ، يكون فيها خسف ، وقذف ، ويبعث على حي من أحيائهم ريح فتنسفهم ، كما نسفت من كان قبلهم باستحلالهم الحرام ، ولبسهم الحرير ، وضربهم الدفوف ، واتخاذهم القيان
والحارث بن نبهان لا يكتب حديثه ، وفرقد السبخي ضعيف ، نعم : وسليم بن سالم ، وحسان بن أبي سنان ، وعاصم بن عمرو : لا أعرفهم - فسقط هذان الخبران بيقين .
ومن طريق أنا سعيد بن منصور فرج بن فضالة عن علي بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { } نعني الضوارب - إن الله بعثني رحمة للعالمين ، وأمرني بمحو المعازف ، والمزامير ، والأوثان ، والصلب : لا يحل بيعهن ، ولا شراؤهن ، ولا تعليمهن ، ولا التجارة بهن ، وثمنهن حرام القاسم ضعيف .
ومن طريق قال البخاري : أنا هشام بن عمار صدقة بن خالد أنا أنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر حدثني عطية بن قيس الكلابي [ قال ] حدثني عبد الرحمن بن غنم الأشعري أبو عامر - أو أبو مالك الأشعري - ووالله ما كذبني : أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { } . ليكونن من أمتي قوم يستحلون الحر والحرير ، والخمر ، والمعازف
وهذا منقطع لم يتصل ما بين البخاري وصدقة بن خالد - ولا يصح في هذا الباب شيء أبدا ، وكل ما فيه فموضوع ، ووالله لو أسند جميعه أو واحد منه فأكثر من طريق الثقات إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لما ترددنا في الأخذ به .
[ ص: 566 ] ولو كان ما في هذه الأخبار حقا من أنه لا يحل بيعهن لوجب أن يحد من وطئهن بالشراء ، وأن لا يلحق به ولده منها .
ثم ليس فيها تحريم ملكهن ، وقد تكون أشياء يحرم بيعها ويحل ملكها وتمليكها كالماء ، والهر ، والكلب - .
هذا كل ما حضرنا ذكره مما أضيف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وأما عمن دونه عليه السلام : فروينا من طريق أنا ابن أبي شيبة عن حاتم بن إسماعيل حميد بن صخر عن عن عمار الدهني عن سعيد بن جبير عن أبي الصهباء في قول الله - تعالى - : { ابن مسعود ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله } الآية ، فقال : الغناء ، والذي لا إله غيره .
ومن طريق عن وكيع عن ابن أبي ليلى الحكم عن مقسم عن في هذه الآية ، قال : الغناء ، وشراء المغنية . ابن عباس
ومن طريق أنا ابن أبي شيبة ابن فضيل عن عن عطاء عن سعيد بن جبير في هذه الآية ، قال : الغناء ، ونحوه . ابن عباس
ومن طريق أنا سعيد بن منصور أبو عوانة عن عن عبد الكريم الجزري أبي هاشم الكوفي عن قال : الدف حرام ، والمعازف حرام : والمزمار حرام ، والكوبة حرام . ابن عباس
ومن طريق أنا سعيد بن منصور أبو عوانة عن عن حماد بن أبي سليمان قال : الغناء ينبت النفاق في القلب . إبراهيم
ومن طريق أنا سعيد بن منصور أبو وكيع عن منصور عن قال : كان أصحابنا يأخذون بأفواه السكك يخرقون الدفوف . إبراهيم
ومن طريق أنا ابن أبي شيبة عن وكيع سفيان عن عن حبيب بن أبي ثابت في قول الله - تعالى - : { مجاهد ومن الناس من يشتري لهو الحديث } قال : الغناء - وهو أيضا قول [ ص: 567 ] ومن طريق حبيب بن أبي ثابت أنا ابن أبي شيبة عن عبدة بن سليمان عن إسماعيل بن أبي خالد عن شعيب عكرمة في هذه الآية ، قال : هو الغناء .
قال : لا حجة في هذا كله لوجوه - : أحدها : أنه لا حجة لأحد دون رسول الله صلى الله عليه وسلم . أبو محمد
والثاني : أنه قد خالف غيرهم من الصحابة والتابعين .
والثالث : أن نص الآية يبطل احتجاجهم بها ; لأن فيها { ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا أولئك لهم عذاب مهين } وهذه صفة من فعلها كان كافرا ، بلا خلاف ، إذا اتخذ سبيل الله - تعالى - هزوا .
ولو أن لكان كافرا ، فهذا هو الذي ذم الله - تعالى - ، وما ذم قط - عز وجل - من اشترى لهو الحديث ليلتهي به ويروح نفسه ، لا ليضل عن سبيل الله - تعالى - ، فبطل تعلقهم بقول كل من ذكرنا . امرأ اشترى مصحفا ليضل به عن سبيل الله ويتخذها هزوا
وكذلك من ، أو بغير ذلك ، فهو فاسق ، عاص لله - تعالى - ، ومن لم يضيع شيئا من الفرائض اشتغالا بما ذكرنا فهو محسن . اشتغل عامدا عن الصلاة بقراءة القرآن ، أو بقراءة السنن ، أو بحديث يتحدث به ، أو ينظر في ماله ، أو بغناء
واحتجوا فقالوا : ، ولا سبيل إلى قسم ثالث ؟ فقالوا : وقد قال الله - عز وجل - : { من الحق الغناء أم من غير الحق فماذا بعد الحق إلا الضلال }
فجوابنا - وبالله - تعالى - التوفيق - : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { } فمن نوى باستماع الغناء عونا على معصية الله - تعالى - فهو فاسق ، وكذلك كل شيء غير الغناء ، ومن نوى به ترويح نفسه ليقوى بذلك على طاعة الله - عز وجل - وينشط نفسه بذلك على البر فهو مطيع محسن ، وفعله هذا من الحق ، ومن لم ينو طاعة ولا معصية ، فهو لغو معفو عنه كخروج الإنسان إلى بستانه متنزها ، وقعوده على باب داره متفرجا وصباغه ثوبه لازورديا أو أخضر أو غير ذلك ، ومد ساقه وقبضها وسائر أفعاله - فبطل كل ما شغبوا به بطلانا متيقنا - ولله - تعالى - الحمد ; وما نعلم لهم شبهة غير ما ذكرنا . إنما الأعمال بالنيات ولكل امرئ ما نوى
وأما الشطرنج : فروينا من طريق حدثني عبد الملك بن حبيب عبد الملك بن الماجشون [ ص: 568 ] عن المغيرة عن " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { محمد بن كعب القرظي } ؟ . من لعب بالميسر - يعني النرد والشطرنج - ثم قام يصلي مثل الذي يتوضأ بالقيح ودم الخنزير ثم يصلي ، أفنقول : يقبل الله صلاته
هذا مرسل ، وعبد الملك ساقط ، وعبد الملك بن الماجشون ضعيف .
وهذا الخبر حجة على المالكيين ، والحنفيين ، القائلين بالمرسل ; لأنهم يلزمهم الأخذ به فينقضون ، فإن تركوه تناقضوا وتلاعبوا . الوضوء بلعب الشطرنج
ومن طريق أنا عبد الملك بن حبيب ، أسد بن موسى عن وعلي بن معبد عن ابن جريج حبة بن سلم : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { الشطرنج ملعونة ملعون من لعب بها ، والناظر إليها كآكل لحم الخنزير } .
ابن حبيب لا شيء ، وأسد ضعيف ، وحبة بن سلم مجهول ، وهو منقطع .
ومن طريق ابن حبيب حدثنا الجذامي عن ابن أبي رواد عن أبيه " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { } . إن أشد الناس عذابا يوم القيامة صاحب الشاه الذي يقول : قتلته ، والله أهلكته ، والله استأصلته ، والله إفكا وزورا وكذبا على الله
عبد الملك لا شيء ، وهو منقطع .
ورووا في ذلك عمن دون رسول الله صلى الله عليه وسلم ما روينا من طريق ابن حبيب عن أصبغ بن الفرج عن عن ابن وهب يحيى بن أيوب عن عن أبي قبيل ، أنه قال : لأن أعبد وثنا من دون الله - تعالى - أحب إلي من أن ألعب بالشطرنج - هذا كذب بحت ومعاذ الله أن يقول صاحب إن عبادة الأوثان من دون الله - تعالى - يعدلها شيء من الذنوب ، فكيف أن يكون الكفر أخف منها ؟ عقبة بن عامر الجهني ويحيى بن أيوب لا شيء - غير مذكور بالعدالة . وأبو قبيل
ومن طريق ابن حبيب عن ، علي بن معبد عن رجالهما : أن وأسد بن موسى مر برجال يلعبون بشطرنج فقال { علي بن أبي طالب ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون } [ ص: 569 ] لأن يمسك أحدكم جمرة حتى تطفى خير له من أن يمسها ، لولا أن تكون سنة لضربت بها وجوهكم - ثم أمر بهم فحبسوا .
هذا منقطع ، وفيه ابن حبيب - ما نعلم لهم شيئا غير ما ذكرنا .
والجواب عن قولهم أهو من الحق أم من الباطل ؟ كجوابنا في الغناء ولا فرق - وبالله - تعالى - التوفيق .
قال : فلما لم يأت عن الله - تعالى - ، ولا عن رسوله صلى الله عليه وسلم تفصيل بتحريم شيء مما ذكرنا صح أنه كله حلال مطلق ، فكيف وقد روينا من طريق أبو محمد حدثني مسلم هارون بن سعيد الأيلي حدثني أنا ابن وهب - أنا عمرو - هو ابن الحارث ابن شهاب حدثه عن عن عروة بن الزبير أم المؤمنين { عائشة دخل عليها وعندها جاريتان تغنيان وتضربان - ورسول الله صلى الله عليه وسلم مسجى بثوبه - فانتهرهما أبا بكر أبو بكر ، فكشف رسول الله صلى الله عليه وسلم وجهه وقال : دعهما يا أبا بكر فإنها أيام عيد } . أن
وبه أيضا إلى أن عمرو بن الحارث محمد بن عبد الرحمن - هو أبو الأسود - حدثه عن عن عروة بن الزبير أم المؤمنين " قالت : { عائشة أبو بكر فانتهرني وقال لي : أمزمار الشيطان عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : دعهما } . دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندي جاريتان تغنيان بغناء بعاث فاضطجع على الفراش وحول وجهه فدخل
فإن قيل : قد رويتم هذا الخبر من طريق أبي أسامة عن عن أبيه عن هشام بن عروة وقال فيه : وليستا بمغنيتين ؟ قلنا : نعم ، ولكنها قد قالت : إنهما كانتا تغنيان ، فالغناء منهما قد صح ، وقولها " ليستا بمغنيتين " أي ليستا بمحسنتين . عائشة
وهذا كله لا حجة فيه ، إنما الحجة في إنكاره صلى الله عليه وسلم على أبي بكر قوله : أمزمار الشيطان عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فصح أنه مباح مطلق ، لا كراهية فيه ، وأن من أنكره فقد أخطأ بلا شك .
[ ص: 570 ] ومن طريق أبي داود أنا أحمد بن عبيد الغداني أنا أنا الوليد بن مسلم سعيد بن عبد العزيز عن عن سليمان بن موسى قال : { نافع مولى ابن عمر مزمارا فوضع أصبعيه في أذنيه ، ونأى عن الطريق وقال لي : يا ابن عمر هل تسمع شيئا ؟ قلت : لا ، فرفع أصبعيه من أذنيه وقال : كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم وسمع مثل هذا وصنع مثل هذا نافع } . سمع
قال : هذه هي الحجة القاطعة بصحة هذه الأسانيد ، ولو كان المزمار حراما سماعه لما أباح عليه السلام أبو محمد لابن عمر سماعه ، ولو كان عند حراما سماعه لما أباح ابن عمر لنافع سماعه ، ولأمر عليه السلام بكسره وبالسكوت عنه ، فما فعل عليه السلام شيئا من ذلك .
وإنما تجنب عليه السلام سماعه كتجنبه أكثر المباح من أكثر أمور الدنيا ، كتجنبه الأكل متكئا ، وأن يبيت عنده دينار أو درهم ، وأن يعلق الستر على سهوة في البيت والستر الموشى في بيت فقط - وبالله - تعالى - التوفيق . فاطمة
ومن طريق مسلم بن الحجاج أنا زهير بن حرب أنا جرير عن عن أبيه عن هشام بن عروة أم المؤمنين قالت : { عائشة } وروينا من طريق جاء حبش يزفنون في يوم عيد في المسجد فدعاني النبي صلى الله عليه وسلم حتى وضعت رأسي على منكبه فجعلت أنظر إلى لعبهم حتى كنت أنا التي انصرفت عن النظر عن سفيان الثوري أبي إسحاق السبيعي عن عامر بن سعد البجلي أنه رأى أبا مسعود البدري ، وقرظة بن كعب ، وثابت بن يزيد - وهم في عرس وعندهم غناء - فقلت لهم : هذا وأنتم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فقالوا : { ، الغناء في العرس من غير نوح والبكاء على الميت } - ليس فيه النهي عن إنه رخص لنا في . الغناء في غير العرس
ومن طريق أنا حماد بن زيد ، أيوب السختياني وهشام بن حسان ، وسلمة - هو ابن كهيل - دخل حديث بعضهم في حديث بعض ، كلهم عن أن رجلا قدم محمد بن سيرين المدينة بجوار فأتى إلى فعرضهن عليه ، فأمر جارية منهن فأحدت ، قال عبد الله بن جعفر أيوب : بالدف ، وقال هشام : بالعود ، حتى ظن أنه قد نظر إلى ذلك ، فقال ابن عمر : [ ص: 571 ] حسبك - سائر اليوم - من مزمور الشيطان ، فساومه ، ثم جاء الرجل إلى ابن عمر فقال : يا ابن عمر إني غبنت بسبعمائة درهم ، فأتى أبا عبد الرحمن إلى ابن عمر فقال له : إنه غبن بسبعمائة درهم ، فأما أن تعطيها إياه ، وإما أن ترد عليه بيعه ، فقال : بل نعطيها إياه . عبد الله بن جعفر
فهذا قد سمع الغناء وسعى في بيع المغنية ، وهذه أسانيد صحيحة لا تلك الملفقات الموضوعة . ابن عمر
ومن طريق أنا وكيع عن فضيل بن مرزوق ميسرة النهدي قال : مر بقوم يلعبون بالشطرنج فقال : { علي بن أبي طالب ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون } فلم ينكر إلا التماثيل فقط - وهذا هو الصحيح عنه لا تلك الزيادة المكذوبة التي رواها من لا خير فيه .
فإن قيل : قد روى : { } ؟ قلنا : هذا ساقط ; لأنه من طريق أعلنوا النكاح واضربوا عليه بالغربال عن عبد الملك بن حبيب عن أصبغ السبيعي عن ربيعة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قاله - وعبد الملك ساقط ، والسبيعي مجهول ، ثم هو منقطع .
فإن قيل : الدف مجمع عليه ؟ قلنا : هذا الباطل - : وروينا من أصح طريق عن أنا يحيى بن سعيد القطان حدثني سفيان الثوري عن منصور بن المعتمر إبراهيم النخعي : أن أصحاب كانوا يستقبلون الجواري في ابن مسعود المدينة معهن الدفوف فيشققونها .
وقد جاء عن ، سعيد بن جبير : أنهما كانا يحسنان ومحمد بن سيرين - وعن اللعب بالشطرنج سعيد بن عبد الرحمن بن عوف أنه كان يغني بالعود - ، وبالله - تعالى - التوفيق .