1627 - مسألة : ومن كان له عند آخر حق في الذمة دراهم أو دنانير ، أو غير ذلك ، أو أي شيء كان ، فقال له : قد وهبت لك ما لي عندك ،  أو قال : قد أعطيتك ما لي عندك ، أو قال لآخر : قد وهبت لك ما لي عند فلان  ، أو قال : أعطيتك ما لي عند فلان - : فلا يلزم شيء من ذلك لما ذكرنا ; لأنه لا يدري ذلك الحق الذي له عند فلان في أي جوانب الدنيا هو ، ولعله في ملك غيره الآن - وإنما يجوز هذا بلفظ : الإبراء ، أو العفو ، أو الإسقاط ، أو الوضع . 
ويجوز أيضا بلفظ " الصدقة " للحديث الذي رويناه من طريق  مسلم  نا  قتيبة  نا ليث هو ابن سعد    - عن  بكير هو ابن الأشج    - عن  عياض بن عبد الله  عن  أبي سعيد الخدري  قال { أصيب رجل في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في ثمار ابتاعها فكثر دينه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تصدقوا عليه   } - فهذا عموم للغرماء وغيرهم . 
فإن ذكروا قول الله عز وجل : { لأهب لك غلاما زكيا    } . 
قلنا : أفعال الله تعالى وهباته لا يقاس عليها أفعال خلقه ولا هباتهم ; لأنه تعالى لا آمر فوقه ، ولا شرع يلزمه ، بل يفعل ما يشاء ، لا معقب لحكمه فكيف وذلك الغلام الموهوب مخلوق مركب من نفس موجودة قد تقدم خلقها ، ومن تراب ، وما تتغذى به أمه ، قد تقدم خلق كل ذلك . 
وكذلك الهواء ، وقد أحاط الله تعالى علما بأعيان كل ذلك ، بخلاف خلقه ، والكل ملكه بخلاف خلقه - وبالله تعالى التوفيق . 
وقد فرق مخالفونا بين الهبة والصدقة - : فبعضهم أجاز الصدقة غير مقبوضة ، ولم يجز الهبة إلا مقبوضة .  [ ص: 59 ] وبعضهم أجاز الرجوع في الهبة  ولم يجزه في الصدقة . 
ويكفي من هذا كله { أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يقبل الهبة والعطية ، ويأكل الهدية ، ولا يأكل الصدقة   } ، وحرمت عليه الصدقة ، وعلى آله ، ولم يحرم عليهما العطايا ولا الهبات - وبالله تعالى التوفيق . 
				
						
						
