1630 - مسألة : ومن ، أو غيره ، أو أعطى عطية كذلك ، أو تصدق بصدقة كذلك ، فقد تمت باللفظ - ولا معنى لحيازتها ، ولا لقبضها - ولا يبطلها تملك الواهب لها ، أو المتصدق بها . [ ص: 63 ] وهب هبة سالمة من شرط الثواب
وسواء بإذن الموهوب له ، أو المتصدق عليه كان ذلك أم بغير إذنه ، سواء تملكها إلى أن مات ، أو مدة يسيرة أو كثيرة - على ولد صغير كانت أو على كبير ، أو على أجنبي - إلا أنه يلزمه رد ما استغل منها كالغصب سواء سواء في حياته ، ومن رأس ماله بعد وفاته - وهو قول ، وأصحابنا . أبي سليمان
وقال : من وهب أو تصدق على أجنبي ، أو قريب صغير ، أو كبير - ولد أو غيره - فليس ذلك بشيء ، ولا يلزمه حكم هبة ، ولا صدقة ، ولا يحكم عليه بأن يدفعها إلى الذي تصدق بها عليه ، ولا إلى الذي وهبها له ، فإن دفع ذلك مختارا ، فحينئذ تمت الهبة والصدقة ، وصح ملك الموهوب أو المتصدق عليه ، فلو أبو حنيفة لم يصح له بذلك ملك ، وقضي عليه بردها إلى الواهب أو المتصدق إلا الصغير ، فإن أباه أو وصيه يقبضان له . قبضها الموهوب له أو المتصدق عليه بغير إذن الواهب والمتصدق
قال : فإن : بطلت الصدقة والهبة . مات الواهب ، أو المتصدق ، أو الموهوب له ، أو المتصدق عليه -
وقال : من مالك فذلك جائز - وهو الحائز للصغير الذكر حتى يبلغ ، وللأنثى تنكح وترشد . وهب أو تصدق على ابن له صغير
فإن - : أجبر على دفع ذلك إليهما فإن قبضاه بغير إذنه فهو قبض صحيح ، فإن غفل عن ذلك حتى مات ، والهبة أو الصدقة في يده واعتماره - : بطلت الصدقة والهبة وعادت ميراثا - فإن دفع البعض واعتمر البعض - فإن كان الذي اعتمر لنفسه أكثر من الثلث - : بطل الجميع - وإن كان الثلث فأقل - : صحت الهبة والصدقة في الجميع فيما اعتمر وفيما لم يعتمر . وهب أو تصدق على ولد كبير ، أو على أجنبي
وقال في الهبات والعطايا والصدقات المطلقة بقول الشافعي ، وفي الأحباس - فقط - بالقول الذي ذكرنا عن أصحابنا . أبي حنيفة
قال : احتج من لم يجز الهبة ، والصدقة إلا بالقبض - : بما روينا من طريق أبو محمد عن شعبة عن قتادة مطرف بن عبد الله بن الشخير عن أبيه قال : لما نزلت { ألهاكم التكاثر } قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { } [ ص: 64 ] يقول ابن آدم : مالي مالي ، وهل لك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت ، أو لبست فأبليت أو أعطيت فأمضيت .
ومن طريق نا أبي داود الطيالسي - عن هشام هو الدستوائي { قتادة مطرف بن عبد الله بن الشخير عن أبيه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ { ألهاكم التكاثر } ويقول : يقول ابن آدم : مالي مالي ، وهل لك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت ، أو لبست فأبليت ، أو تصدقت فأمضيت . } عن
قالوا : فشرط عليه الصلاة والسلام في العطية والصدقة الإمضاء ، وهو الإقباض - وقالوا : قسنا ذلك على القرض ، والعارية ، فلا يصحان إلا مقبوضين ، بعلة أن كل ذلك بر ومعروف ، وعلى الوصية ، فلا تصح باللفظ وحده ، لكن بمعنى آخر مقترن إليه وهو الموت .
وذكروا أيضا - ما رويناه من طريق أن مالك ابن شهاب أخبره عن عن عروة بن الزبير أم المؤمنين " أن عائشة لما حضرته الوفاة قال لها : إني كنت نحلتك جداد عشرين وسقا ، فلو كنت جددتيه واحتزتيه لكان لك فإذ لم تفعلي فإنما هو مال الوارث ، وذكر الخبر ، وفيه : أنها قالت " والله يا أبت لو كان كذا وكذا لرددته " . أبا بكر
ومن طريق عن عبد الرزاق عن معمر الزهري عن عروة عن قالت : لما حضرت عائشة أم المؤمنين الوفاة ، قال لها : إني كنت نحلتك جداد عشرين وسقا من أرضي التي بالغابة ، وإنك لو كنت احتزتيه لكان لك ، فإذا لم تفعلي ، فإنما هو مال الوارث . أبا بكر
ومن طريق عن عبد الرزاق عن معمر الزهري عن عروة أخبرني المسور بن مخرمة ، وعبد الرحمن بن عبد القاري : أنهما سمعا يقول : ما بال أقوام ينحلون أولادهم فإذ مات الابن قال الأب : مالي وفي يدي ، وإذا مات الأب قال : قد كنت نحلت ابني كذا وكذا ; لا نحل إلا لمن حازه وقبضه عن أبيه . عمر بن الخطاب
قال الزهري : فأخبرني قال : فلما كان سعيد بن المسيب شكي ذلك إليه ، فقال عثمان : نظرنا في هذه النحول فرأينا أحق من يحوز على الصبي أبوه - فهذه أصح رواية في هذا ، وصح أنهما مختلفان كما أوردنا . عثمان
ومن طريق عن مالك الزهري عن عروة عن عبد الرحمن بن عبد القاري عن أنه قال : ما بال رجال ينحلون أبناءهم نحلا ثم يمسكونها ، فإن مات [ ص: 65 ] ابن أحدهم قال : مالي بيدي لم أعطه أحدا ، وإن مات قال : لابني قد كنت أعطيته إياه ، من نحل نحلة لم يحزها الذي نحلها حتى تكون لوارثه إن مات فهي باطل . عمر بن الخطاب
ومن طريق عن ابن وهب عن مالك الزهري عن عن سعيد بن المسيب أنه قال : من نحل ولدا صغيرا له لم يبلغ أن يحوز نحلة فأعلن بها ، وأشهد عليها فهي جائزة وإن وليها أبوه . عثمان بن عفان
قال : وأخبرني رجال من أهل العلم عن ابن وهب ، عمر بن الخطاب ، وعمر بن عبد العزيز ، وشريح والزهري ، وربيعة : من هذا . وبكير بن الأشج
ومن طريق عن ابن وهب الحارث بن نبهان عن محمد بن عبيد الله هو العرزمي - عن ، عمرو بن شعيب ، وابن أبي مليكة قال وعطاء بن أبي رباح عمرو عن ، ثم اتفق سعيد بن المسيب سعيد ، وعطاء أن وابن أبي مليكة ، أبا بكر ، وعمر ، وعثمان ، وابن عباس ، قالوا : لا تجوز صدقة حتى تقبض . وابن عمر
ومن طريق عن عبد الرزاق عن سفيان الثوري جابر الجعفي عن : كان القاسم بن عبد الرحمن لا يجيز الصدقة حتى تقبض . معاذ بن جبل
ورويناه من طريق عن وكيع سفيان بإسناده ، وزاد فيه : إلا الصبي بين أبويه .
ومن طريق نا سعيد بن منصور أنا هشيم عن مجالد الشعبي : أن شريحا ، كانا لا يجيزان صدقة إلا مقبوضة - وكان ومسروقا الشعبي يقضي بذلك .
قال : وأخبرني هشيم - عن مطرف هو ابن طريف الشعبي قال : الواهب أحق بهبته ما كانت في يده فإذا أمضاها فقبضت ، فهي للموهوب له .
قال : هذا كل ما احتجوا به ، ما نعلم لهم شيئا غير هذا ، وكله لا حجة لهم في شيء منه ، فأما قول رسول الله : { علي } فلم يقل عليه السلام : إن الإمضاء هو شيء آخر غير التصدق ، والإعطاء ، ولا جاء ذلك قط في لغة ، بل كل تصدق وإعطاء إعطاء ، فاللفظ بهما إمضاء لهما ، وإخراج لهما عن ملكه ، كما أن الأكل نفسه هو الإفناء ، واللباس هو الإبلاء ; لأن لكل لبسة حظها من الإبلاء ، فإذا تردد اللباس ظهر الإبلاء - فبطل تعلقهم بهذا الخبر . [ ص: 66 ] إلا ما تصدقت ، أو أعطيت فأمضيت
وأيضا - فإن من قال : ما لي هذا صدقة على فلان ، أو قال : قد تصدقت عليك بهذا الشيء ، أو قال : مالي هذا هبة لفلان ، أو قال : قد وهبته لفلان - : فلا يختلف اثنان ممن يحسن اللغة العربية في أنه يقال : قد تصدق فلان بكذا على فلان ، وقد وهب له كذا فلو لم تكن الصدقة كاملة تامة باللفظ ، لكان المخبر عنه بأنه تصدق ، أو وهب كاذبا - فوجب حمل الحكم على ما توجبه اللغة ، ما لم يأت نص بحكم زائد لا تقتضيه اللغة فيوقف عنده ويعمل به .
ويسأل المالكيون خاصة عمن قال : قد وهبت هذا الشيء لك ، أو قال : هذا الشيء هبة لك ، أو قال : قد تصدقت عليك بهذا ، أو قال : هذا صدقة عليك - أتصدق ، ووهب بذلك الشيء أم لم يتصدق به ولا وهبه ؟ ولا ثالث لهذا التقسيم .
فإن قالوا : نعم ، قد تصدق به ووهبه ؟ قلنا : فإذ قد تصدق به ووهبه فقد تمت الصدقة والهبة وصحت ، فما يضرهما ترك الحيازة والقبض ، إذا لم يوجب ذلك نص ؟ فإن قالوا : لم يهب ولا تصدق ؟ قلنا : فمن أين استحللتم إجباره والحكم عليه بدفع مال من ماله لم يتصدق به عليه ، ولا وهبه إلى من لم يهبه له ولا تصدق به عليه ؟ هذا عين الظلم والباطل ، ولا مخلص لهم من أحدهما .
وأما من دون الصحابة فلا حجة في أحد دون رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، لا سيما والخلاف قد ورد في ذلك من الصحابة رضي الله عنهم .
وأيضا - فأكثر تلك الأخبار إما لا تصح ، وإما قد جاءت بخلاف ما تعلقوا به من ألفاظها ، وإما قد خالفوا أولئك الصحابة فيما جاء عنهم ، كمجيء هذه الروايات ، أو بأصح على ما نبين بعد هذا إن شاء الله تعالى .
وأما قياسهم الهبة ، والصدقة على القرض ، والوصية ، والعارية - : فالقياس كله باطل ، ثم لو صح لكان هذا منه عين الباطل - : أما القرض : فقد أبطلوا - وهو لازم باللفظ ومحكوم به ولا بد - إذ لم يأت نص بخلاف هذا ، وإنما يبطل من القرض بعدم الإقباض مثل ما يبطل من الهبة ، والصدقة ، [ ص: 67 ] سواء سواء ، وليس ذلك إلا ما كان في غير معين ، مثل أن يقول : قد أقرضتك عشرة دنانير من مالي ، أو تصدقت عليك بعشرة دنانير من مالي ، أو وهبتك عشرة دنانير من مالي - : فهذا كله لا يلزم لما ذكرنا قبل : من أن كل ذلك لا يجوز ، إلا في معين ، وإلا فليس واهبا لشيء ، ولا متصدقا بشيء ، ولا مقرضا لشيء .
والقول في العارية كالقول فيما ذكرنا سواء سواء ، ولو صح هذا القياس لكان حجة عليهم .
وأيضا - فإن القرض يرجع فيه متى أحب ، والعارية كذلك ، ولا يرجع عندنا في الهبة ولا في الصدقة ، وأيضا - فإن الصدقة والهبة تمليك للرقبة بغير عوض ، والقرض تمليك للرقبة بعوض ، والعارية ليست تمليكا للرقبة أصلا - : فبطل قياس بعض ذلك على بعض لاختلاف أحكامها .
وليس قول من قال : اتفاق جميعها في أنها بر ومعروف فأنا أقيس بعضها على بعض بأولى ممن قال افتراقها في أحكامها يوجب أن لا يقاس بعضها على بعض ، وإذا كان الاتفاق يوجب القياس ، فالافتراق يبطل القياس ، وإلا فقد تحكموا بالدعوى بلا برهان .
ويقال لهم : هلا قستم كل ذلك على النذر الواجب عندكم باللفظ وإن لم يقبض ، فهو أشبه بالصدقة والهبة من العارية والقرض ؟ وأما الوصية : فقد كفونا مؤنة قياسهم عليها ، لأنهم لا يوجبون فيها الصحة بالقبض أصلا ، بل هي واجبة بالموت فقط .
وقولهم : لا تجب باللفظ دون معنى آخر - وهو الموت - فتمويه بارد فاسد ; لأن الموصي لم يوجب الوصية قط بلفظه ، بل إنما أوجبها بعد الموت فحينئذ وجبت بما أوجبها به فقط دون معنى آخر - : فظهر فساد قياسهم وبرده وغثاثته ، ومخالفته للحق - والحمد لله رب العالمين .
وأما الرواية عن الصحابة رضي الله عنهم فنبدأ بخبر ، أبي بكر وعائشة رضي الله عنهما فنقول - وبالله تعالى التوفيق - : [ ص: 68 ] لما نص الحديث أنه نحلها جداد عشرين وسقا من ماله بالغابة ، فلا يخلو ضرورة من أحد أمرين لا ثالث لهما - : إما أن يكون أراد نخلا تجد منها عشرين وسقا .
وإما أن يكون أراد تمرا يكون عشرين وسقا مجدودة ، لا بد من أحدهما وأي الأمرين كان فإنما هي عدة ؟ ولا يلزم هذه القضية عندهم ولا عندنا ; لأنها ليست في معين من النخل ، ولا معين من التمر ، وقد تجد عشرين وسقا من أربعين نخلة ، وقد تجد من مائتي نخلة ، وقد لا تجد من نخلة بالغابة عشرين وسقا لعاهة تصيب الثمرة ، فهذا لا يتم إلا حتى يعين النخل أو الأوساق في نخلة ، فيتم حينئذ بالجداد والحيازة ، فليست هذه القصة من الهبة المعروفة المحدودة ، ولا من الصدقة المعلومة المتميزة في ورد ولا صدر ، ولكنهم قوم يوهمون في الأخبار ما ليس فيها .
وأيضا - فقد روى هذا الخبر من هو أجل من عروة ، وآخر هو مثل عروة بخلاف ما رواه عروة - : كما روينا من طريق عن عبد الرزاق : أخبرني ابن جريج : أن ابن أبي مليكة أخبره أن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق قال أبا بكر الصديق أم المؤمنين : يا بنية ، إني نحلتك نخلا من لعائشة خيبر ، وإني أخاف أن أكون آثرتك على ولدي ، وأنك لم تكوني احتزتيه فرديه على ولدي ؟ فقالت : يا أبتاه ، لو كانت لي خيبر بجدادها لرددتها .
فالقاسم ليس دون عروة ، ليس دون وابن أبي مليكة ابن شهاب ; لأنه أدرك من الصحابة من لم يأخذ الزهري عنهم ، كأسماء وغيرهما - وابن عمر ليس دون وابن جريج . مالك
وهذه السياقة موافقة لقولنا لا لقولهم .
فمن الباطل أن يكون ما رووه مما لا يوافق قولهم ، بل يخالفه : حجة لما لا يوافقه ، ولا يكون ما رويناه موافقا لقولنا : حجة لما يوافقه هذه سواء سواء ممن أطلقها .
ومن طريق ابن الجهم نا نا إبراهيم الحربي - نا أبي عن ابن نمير هو محمد بن عبد الله بن نمير عن الأعمش شقيق أبي وائل عن عن مسروق أم المؤمنين ، قالت : قال لي عائشة حين أحضر : إني قد كنت أبنتك بنحل فإن شئت أن تأخذي منه قطاعا أو قطاعين ثم تردينه إلى الميراث ؟ قالت : قد فعلت . [ ص: 69 ] أبو بكر
ولا خلاف من أن أجل من مسروقا عروة ; لأنه أفتى في خلافة وكان أخص الناس بأم المؤمنين - عمر وشقيق أجل من الزهري ; لأنه أدرك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وإن كان لم يره ، وصحب الصحابة من بعد موته عليه الصلاة والسلام الأكابر الأكابر .
إنما يعارض به شيوخ والأعمش ; لأنه قد أدرك مالك ورآه ، فهو من التابعين من القرن الثاني ، وإنما فيه كما ترى بأنه إنما استرده بإذنها ، لا بأنه لم يتم باللفظ . أنسا
ورويناه أيضا مرسلا كذلك ، من طريق عن وكيع عن إسماعيل بن أبي خالد الشعبي - فبطل تعلقهم بخبر أبي بكر جملة وعاد حجة عليهم - ولله تعالى الحمد ، وصح أنهما رأيا الهبة جائزة بغير قبض .
وأما الرواية عن ، أبي بكر ، وعمر ، وعثمان ، وابن عباس : لا تجوز صدقة حتى تقبض فباطل ; لأن راويها وابن عمر محمد بن عبيد الله العرزمي - وهو هالك مطرح . وأما الرواية عن الموافقة للرواية عن عمر فلا شيء ; لأن عثمان لم يسم من أخبره بها - والرواية عن ابن وهب فيها معاذ جابر الجعفي ، وبقية الرواية عن ، عمر ، فهي حجة إلا أنهما اختلفا - : وعثمان عم كل موهوب ، فعمر خص من ذلك صغار الولد ، وإنما هي رأي من رأيهما اختلفا فيه ، لا تقوم به حجة على أحد - وقد صح عن وعثمان ، أبي بكر وعائشة خلاف ذلك ، كما أوردنا .
وأيضا - فإنما هو عن ، عمر في النحل خاصة ، لا في الصدقة . وعثمان
وقد روينا من طريق الحجاج بن المنهال نا المعتمر بن سليمان التيمي قال : سمعت عيسى بن المسيب يحدث : أنه سمع يحدث عن أبيه عن جده القاسم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود قال : الصدقة جائزة ، قبضت أو لم تقبض . عبد الله بن مسعود
ومن طريق عن عبد الرزاق عن سفيان الثوري جابر الجعفي عن قال كان القاسم بن عبد الرحمن ، علي بن أبي طالب : يجيزان الصدقة - وإن لم تقبض - فهذا إسناد كإسناد حديث وابن مسعود ، وتلك المنقطعات . معاذ
ومن طريق نا ابن أبي شيبة عن وكيع همام عن [ عن قتادة ] عن [ ص: 70 ] الحسن البصري النضر بن أنس بن مالك قال : نحلني أبي نصف داره ، فقال : إن سرك أن تحوز ذلك فاقبضه ، فإن أبو بردة قضى في الأنحال : ما قبض منه فهو جائز ، وما لم يقبض منه فهو ميراث - فهذا عمر بأصح سند لا يرى الحرز شيئا . أنس
ومن طريق نا سعيد بن منصور أنا هشيم عن يونس الحسن عن رجل وهب لامرأته قال : هي جائزة لها ، وإن لم تقبضها .
وكم قصة خالفوا فيها ، عمر ، كقضائهما بولد المستحقة رقيقا لسيد أمهم ، وقضائهما في ولد العربي من الأمة بخمس من الإبل ، وكإباحتهما الاشتراط في الحج . وعثمان
وما روي عن ، أبي بكر ، من إبطال وعمر . هبة المجهول
وككلام ، عمر ، يوم الجمعة في الخطبة بحضرة وعثمان المهاجرين والأنصار ، إذ ذكر له غسل الجمعة ، وكإيجابهما القصاص من الوكزة واللطمة ، وسجودهما في الخطبة ، إذ قرآ السجدة بحضرة الصحابة دون مخالف وقولهما : من أشعر لزمته الحدود - ولا مخالف لهما من الصحابة ، وكتخييرهما المفقود إذا قدم امرأته بينها وبين الصداق - وغير ذلك كثير جدا ، فمرة هما حجة ومرة ليسا حجة . عمر
وأما تقسيم فيمن اعتمر مما تصدق به أو وهب الثلث فما فوقه ، أو ما دون الثلث ، فقول لا يعرف عن أحد قبله مع تناقضه هاهنا ، فجعل الثلث في حيز الكثير ، وجعله فيما تحكم فيه المرأة من مالها في حيز القليل - وهذا عجب جدا مع أنه خلاف مجرد للرواية عن مالك ، عمر وكل من روي عنه في ذلك من الصحابة لفظة ; لأن جميعهم إما مبطل للهبة فيما لم يجز جملة ، أو في الصدقة كذلك ، أو مجيز له جملة . وعثمان
وأما قول : إن قبضها الموهوب له أو المتصدق عليه بغير إذن الواهب أو المتصدق فليس قبضا - فلا يعرف عن أحد قبله ، وهو مخالف للرواية عن أبي حنيفة . عمر
في ذلك ; لأنهما رضي الله عنهما لم يقولا حتى يقبض بإذنه ، لكن قالا : حتى يقبض ، فإن كان قولهما حجة وإجماعا فقد خالف الحنفيون ، والمالكيون الحجة والإجماع بإقرارهم على أنفسهم وإن لم يكن قولهما حجة ولا إجماعا فلا معنى لاحتجاجهم به - فبطل تعلقهم بكل ما تعلقوا به من ذلك . [ ص: 71 ] وعثمان
وأما قول : فإننا روينا عن الشافعي أن الصدقة جملة تتم بلا حيازة - واحتجوا : بأن الصدقة لا تكون إلا لله تعالى . إبراهيم النخعي
قال ، وهذا ليس بشيء ; لأن الهبة إذا لم تكن لله تعالى ، فهي باطل ، فلو عملنا ذلك لما أجزناها ، إذ كل عمل عمل لغير الله تعالى فهو باطل ، ونبطل قوله في الهبة بما أبطلنا به قول أبو محمد ، أبي حنيفة - وبالله تعالى التوفيق . ومالك
واحتج أصحاب : بأن الهبات والصدقات المطلقة يملكها أربابها ، فاحتاجوا إلى القبض - وأما الحبس فلا مالك لها إلا الله تعالى ، وكل شيء في قبضته عز وجل ، فلا قابض لها دونه . الشافعي
قال : الأرض كلها وكل شيء لله تعالى ، لم يخرج شيء عن ملكه فيرد إليه ، وقد بطل قوله في الهبة والصدقة بما يبطل به قول علي ، مالك - وبالله تعالى التوفيق . وأبي حنيفة
فإذا بطل كل ما احتجوا به ، فالحجة لقولنا : قول الله تعالى : { أوفوا بالعقود } ، وهذا مكان الاحتجاج بهذه الآية ، لا حيث احتجوا بها مما بينت السنن أنه لا مدخل له فيها .
وكذلك قوله تعالى : { ولا تبطلوا أعمالكم } .
ومن تلفظ بالهبة أو الصدقة فقد عمل عملا ، وعقد عقدا لزمه الوفاء به ، ولا يحل لأحد إبطاله إلا بنص ، ولا نص في إبطاله - وبالله تعالى التوفيق .