[ ص: 403 ] كتاب فعل المريض مرضا يموت منه أو الموقوف للقتل ، أو الحامل ، أو المسافر في أموالهم 1772 - مسألة : قال : كل من ذكرنا فكل ما أنفذوا في أموالهم من هبة أو صدقة أو محاباة في بيع أو هدية - أو إقرار : كان كل ذلك لوارث ، أو لغير وارث ، أو إقرار بوارث ، أو عتق - أو قضاء بعض غرائمه دون بعض - كان عليهم دين أو لم يكن - فكله نافذ من رءوس أموالهم ، كما قدمنا في الأصحاء الآمنين المقيمين ، ولا فرق في شيء أصلا ، ووصاياهم كوصايا الأصحاء ولا فرق . أبو محمد
برهان ذلك - : قول الله تعالى : { وافعلوا الخير } وحضه على الصدقة وإحلاله البيع وقوله تعالى : { ولا تنسوا الفضل بينكم } ولم يخص عز وجل صحيحا من مريض ، ولا حاملا من حائل ، ولا آمنا من خائف ، ولا مقيما من مسافر : { وما كان ربك نسيا } .
ولو أراد الله تعالى تخصيص شيء من ذلك لبينه على لسان رسوله عليه الصلاة والسلام فإذ لم يفعل فنحن نشهد بشهادة الله عز وجل الصادقة : إنه تعالى ما أراد قط تخصيص أحد ممن ذكرنا - والحمد لله رب العالمين .
وقد اختلف الناس في ذلك - فروينا من طريق عن مالك الزهري عن عروة عن : أن عائشة أم المؤمنين نحلها جاد عشرين وسقا من ماله بالغابة ، فلما حضرته الوفاة قال لها : إني كنت نحلتك جاد عشرين وسقا من مالي بالغابة ، فلو كنت جددتيه وحزتيه كان لك ، وإنما هو اليوم مال الوارث ، فاقتسموه على كتاب الله تعالى . [ ص: 404 ] ومن طريق أبا بكر نا ابن أبي شيبة عن وكيع عن هشام الدستوائي عن قتادة الحسن عن فيمن أعتق عبدا في مرض موته ليس له مال غيره قال : يعتق ثلثه ابن مسعود
- وبه إلى نا ابن أبي شيبة عن حفص - عن حجاج - هو ابن أرطاة قال : أعتقت امرأة جارية ليس لها مال غيرها ، فقال القاسم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود : تسعى في ثمنها . ابن مسعود
ومن طريق عن عبد الرزاق عن معمر عبد الرحمن بن عبد الله عن قال : اشترى رجل جارية في مرضه فأعتقها عند موته ، فجاء الذين باعوها يطلبون ثمنها ، فلم يجدوا لها مالا ، فرفعوا ذلك إلى القاسم بن عبد الرحمن فقال لها : اسعي في ثمنك . ابن مسعود
ومن طريق نا ابن أبي شيبة عن حفص عن حجاج بن أرطاة عن قتادة الحسن قال : سئل عمن أعتق عبدا له عند موته وليس له مال غيره وعليه دين ؟ قال : يعتق ويسعى في القيمة . علي
وأما من بعدهم فصح عن أن من أعتق مملوكا له عند موته ليس له غيره ، وعليه دين ، فإنه حر ويسعى في ثمنه ، فإن لم يكن عليه دين استسعى في ثلثي ثمنه - وصح هذا أيضا عن قتادة . إبراهيم
وصح عن ، عطاء بن أبي رباح وعبيد الله بن أبي يزيد من أعتق عند موته ثلث عبد له أقيم في ثلثه وعتق كله .
وصح عن الشعبي من أعتق ولد عبده عند موته نفذ واستسعى في ثلثي قيمته - وصح عنه أيضا : من أعتق عبده عند موته ، وليس له مال غيره ، فإنه يقوم قيمة عدل ، ثم يسعى في قيمته .
وصح عن فيمن أعتق مملوكا له عند موته ، لا مال له غيره ، أنه يعتق ثلثه ، [ ص: 405 ] ويستسعي في ثلثي قيمته - وعن شريح الحسن أيضا مثل هذا - وعن أيضا ، عطاء وسليمان بن موسى .
وبه يقول ، أبو حنيفة ، وسفيان الثوري ، وابن شبرمة ، وعثمان البتي ، وسوار بن عبد الله وعبيد الله بن الحسن
وقول آخر : رويناه من طريق نا سعيد بن منصور نا هشيم - عن يونس - هو ابن عبيد الحسن ، وإبراهيم والشعبي : إنهم كانوا يقولون : إذا لم يكن على المعتق دين أعتق الثلث واستسعى في الثلثين ، فإن كان عليه دين أكثر من قيمة المملوك المعتق بيع ، إلا أن يكون الدين أقل من قيمته بدرهم واحد فما سواه ، فإذا كان كذلك وقعت السعاية .
وقول ثالث : رويناه من طريق عن عبد الرزاق قال : أخبرني ابن جريج داود بن أبي عاصم قال : سمعت سئل عمن مات وليس له إلا غلام فأعتقه ؟ فقال سعيد بن المسيب : إنما له ثلثه ; فيقوم العبد قيمته ، فيستسعى في الثلثين ، فله من نفسه يوم ولهم يومان . سعيد
وقول رابع : رويناه من طريق عن عبد الرزاق عن معمر : كتب أيوب السختياني فيمن عمر بن عبد العزيز أنه يباع ويقضى الدين . عليه دين ، وليس له إلا عبد فأعتقه عند موته
وقول خامس : رويناه من طريق عن ابن وهب الليث بن سعيد عن قال : أدركت مولى يحيى بن سعيد الأنصاري لسعيد بن بكر أعتق ثلث رقيق له نحو عشرين ، فرفع أمرهم إلى أبان بن عثمان ، فقسمهم أثلاثا ، فأقرع بينهم فأعتق ثلثهم .
وصح عن عتق ثلثهم بالقرعة والقيمة . وعن ابن جريج عتق ثلثهم بالقرعة بالعدد دون تقويم - وسواء خرج في العتق أقلهم قيمة أو أكثرهم - ينفذ عتقه . مكحول
فهذه أقوال المتقدمين .
وأما المتأخرون : فقد ذكرنا قول أنه لا يرى القرعة أصلا ، ولا الإرقاق ، لكن يعتق الثلث بلا استسعاء ، ويعتق الثلثان بالاستسعاء . [ ص: 406 ] أبي حنيفة
وقال : إن أعتق في مرضه بتا أعتق الثلث بالقرعة والقيمة ، ورق الثلثان ، سواء أعتقهم في كلمة واحدة أو أعتقهم واحدا بعد واحد بأسمائهم مالك
وقال : من الشافعي - فإن كان أعتقهم بأسمائهم واحدا واحدا - : أعتق من سمى أولا فأولا ، فإذا تم الثلث بالقيمة رق الباقون ، وإن شرع العتق في واحد كان باقيه رقيقا - وإن كان أعتقهم في كلمة واحدة قوموا ، ثم أقرع بينهم فأعتق الثلث ورق الثلثان ، كما ذكرنا أيضا أعتق في مرضه الذي يموت منه عبيدا له بتلا - وكانوا أكثر من ثلاثة
فهذه أقوال في . العتق في المرض
وأما ما سوى العتق - : فروينا من طريق عن عبد الرزاق عن سفيان الثوري جابر الجعفي عن الشعبي في الرجل قال : هو في الثلث وإن مكث عشر سنين . يبيع ويشتري وهو مريض
قال الشعبي : وكان يرى . ما صنعت الحامل في حملها وصية من الثلث
ومن طريق أنا سعيد بن منصور ، هشيم وجرير ، كلاهما عن المغيرة عن الشعبي ، قال جرير في روايته : إذا أعطى الرجل العطية حين يضع رجله في الغرز للسفر فهو وصية من السفر ، وقال في روايته : إذا وضع المسافر رجله في الغرز فما صنع في شيء فهو من الثلث . هشيم
ومن طريق عن عبد الرزاق قال لي ابن جريج : ما صنعت الحامل في حملها فهو وصية . عطاء
قلت : أرأي أم شيء سمعته ؟ قال : بل سمعناه . لعطاء
وبه إلى عن عبد الرزاق عن معمر ، قال : ما صنعت الحامل في حملها فهو وصية ، وقال قتادة : وأخبرني من سمع معمر عكرمة يقول مثل ذلك .
ومن طريق عن ابن وهب عن عمرو بن الحارث أنه سمع يحيى بن سعيد الأنصاري القاسم بن محمد يقول : ما أعطت الحامل فثلثه لزوجها ، أو لبعض من يرثها في غير الثلث ، وذلك إذا لم تكن مريضة .
وبه إلى عن ابن وهب عن يونس ابن شهاب قال : للحامل ما أعطت ما لم يخف عليها . جابر
قال : وقال يونس : يجوز عطاؤها ما لم تثقل أو يحضرها نفاس . [ ص: 407 ] ربيعة
قال : وأخبرني رجال من أهل العلم عن ابن وهب ، سعيد بن المسيب ، ويحيى بن سعيد الأنصاري وابن حجيرة الخولاني مثل ذلك . وقال : وأخبرني ابن وهب عن يونس ابن شهاب أنه قال في مسجون في قتل أو في جرح أو خرج إلى صف أو يعذب . أنه لا يجوز له من ماله إلا ما يجوز للموصي .
ومن طريق عن سعيد بن منصور محمد بن أبان عن قال : الحامل إذا ضربها الطلق فوصيتها - يعني أن فعلها - من الثلث . النخعي
وروي عن الحسن ، : أن فعل الحامل من رأس مالها . ومكحول
وعن ما أعطاه الغازي فمن الثلث . سعيد بن المسيب
وقال : من رأس ماله ما لم تقع المسايفة . مكحول
وعن الحسن في المحبوس : أن فعله من الثلث وقال في راكب البحر ، ومن كان في بلد وقد وقع فيه الطاعون : إن عطيته من رأس ماله .
وقال كذلك في راكب البحر ما لم يهج البحر . مكحول
فهذه أقوال السلف المتقدم .
أما في العتق فروي فيه ما ذكرنا - عن ، علي وابن مسعود
وصح عن ، قتادة ، وعطاء وعبيد الله بن يزيد ، ، والنخعي والشعبي ، وشريح والحسن ، ، وعمر بن عبد العزيز وأبان بن عثمان ، : أن عتق المريض من الثلث . وسعيد بن المسيب
ثم اختلفوا في الحكم في ذلك كما ذكرنا .
وأما غير العتق فكما ذكرنا في المسافر عن الشعبي .
وفي الغازي عن - وخالفهما سعيد بن المسيب ، إبراهيم ما لم تقع المسايفة . ومكحول
وفي المريض عن الشعبي ، وفي الحامل عن ، وذكر أنه سمعه . عطاء
وعن ، قتادة وعكرمة - وخالفهم القاسم بن محمد ، ، ومكحول والزهري وقال : إذا ضربها الطلق - وروي عن النخعي ، سعيد بن المسيب وابن حجيرة . [ ص: 408 ]
وصح عن ما لم تثقل ، وفي المسجون عن ربيعة الحسن والزهري وخالفهما ، إياس بن معاوية