1790 - مسألة : ولا يجوز أن يقبل في الزنى أقل من أربعة رجال عدول مسلمين ، أو مكان كل رجل امرأتان مسلمتان عدلتان ، فيكون ذلك ثلاثة رجال وامرأتين ، أو رجلين وأربع نسوة ، أو رجلا واحدا وست نسوة ، أو ثمان نسوة فقط . 
ولا يقبل في سائر الحقوق كلها من الحدود والدماء ، وما فيه القصاص والنكاح ، والطلاق ، والرجعة ، والأموال ، إلا رجلان مسلمان عدلان ; أو رجلان وامرأتان كذلك ، أو أربع نسوة كذلك - ويقبل في كل ذلك - حاشا الحدود - رجل واحد عدل أو امرأتان كذلك مع يمين الطالب . 
ويقبل في الرضاع وحده امرأة واحدة عدلة أو رجل واحد عدل . 
فأما وجوب قبول أربعة في الزنى  فبنص القرآن ، ولا خلاف فيه ، قال تعالى : { والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة    } . 
وأما قبول رجلين في سائر الحقوق كلها ، أو رجل وامرأتين في الديون المؤجلة  ، فإن الله تعالى قال : { إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه    } إلى قوله - { واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء    } وقال تعالى : { إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن    } إلى قوله - : { فأمسكوهن  [ ص: 477 ] بمعروف أو فارقوهن بمعروف وأشهدوا ذوي عدل منكم    } وادعى قوم : أن قبول عدلين من الرجال في سائر الأحكام قياسا على نص الله تعالى في الطلاق والرجعة . 
واختلفوا في قبول شهادة النساء منفردات  في شيء من الأشياء ، وفي قبولهن مع رجل فيما عدا الديون المؤجلة    . 
واختلف القائلون بقبولهن منفردات في كم يقبل منهن في ذلك . 
واختلفوا أيضا في الشاهد ويمين الطالب ؟ فقال  زفر  صاحب  أبي حنيفة    : لا يجوز قبول النساء منفردات دون رجل في شيء أصلا ، لا في ولادة ولا في رضاع ، ولا في عيوب النساء ، ولا في غير ذلك - وأجازهن مع رجل في الطلاق ، والنكاح ، والعتق . 
ومن طريق  ابن أبي شيبة  نا  عبد الرحمن بن مهدي  عن  سفيان الثوري  عن  برد  عن  مكحول  قال : لا تجوز شهادة النساء إلا في الدين . 
وروينا ضد هذا عن الشعبي  كما روينا من طريق  ابن أبي شيبة  نا ابن أبي زائدة  عن  إسماعيل بن أبي خالد  عن الشعبي  قال : من الشهادات شهادة لا يجوز فيها إلا شهادات النساء .  [ ص: 478 ] 
ومن طريق الزهري  قال : مضت السنة أن تجوز شهادة النساء فيما لا يطلع عليه غيرهن    - وروينا من طريق  ابن أبي سبرة  عن  موسى بن عقبة  عن القعقاع  عن  ابن عمر    : لا تجوز شهادة النساء وحدهن إلا على ما لا يطلع عليه غيرهن من عورات النساء وحملهن وحيضهن . 
ومن طريق  إبراهيم بن أبي يحيى  عن ابن ضميرة  عن أبيه عن جده عن  علي    : لا تجوز شهادة النساء بحتا حتى يكون معهن رجل . 
وعن  عطاء  مثل هذا - وعن  عمر بن عبد العزيز  مثله صح عنهما . 
وعن  سعيد بن المسيب  ، وعبد الله بن عتبة    : لا تقبل النساء إلا فيما لا يطلع عليه غيرهن . 
وروينا من طريق الحسن بن عمارة  عن الزهري  ، والحكم بن عتيبة  ، قال الزهري    : عن  سعيد بن المسيب  عن  عمر  ، وقال الحكم    : عن  علي  ، ثم اتفق  عمر  ،  وعلي    : على أنه لا تجوز شهادة النساء في الطلاق ; ولا في النكاح ، ولا في الدماء ، ولا الحدود . 
ومن طريق  ابن وهب  عن  إسماعيل بن عياش  عن  الحجاج بن أرطاة  عن الزهري    : مضت السنة من رسول الله صلى الله عليه وسلم والخليفتين بعده : أنه لا تجوز شهادة النساء في الحدود ، والنكاح ، والطلاق    . 
وصح عن  إبراهيم النخعي    : أنه لا تجوز شهادة النساء في الطلاق ، ولا في النكاح ، ولا في الحدود - وأجاز شهادة امرأتين مع رجل في العتق ، والوصية ، والدين . 
وصح عن  الحسن البصري    : لا تجوز شهادة النساء في الحدود ، ولا في جراح العمد ، ولا في الطلاق ، ولا في النكاح ، ولا مع رجل ولا دونه ، وأنها جائزة في جراح الخطأ ، وفي الوصايا ، وفي الديون مع رجل ، وفيما لا بد منه . 
وعن  ابن المسيب  لا تجوز شهادة النساء : في قتل ، ولا في حد ، ولا في طلاق ، ولا نكاح . 
وعن  قتادة    : لا تجوز شهادة النساء : في طلاق ، ولا في نكاح .  [ ص: 479 ] 
وعن الزهري  لا تقبل شهادة النساء : في حد ، ولا طلاق ، ولا نكاح ولا عتق - وأجازها : في الوصايا في الديون ، وفي القتل . 
وعن  عمر بن عبد العزيز    : لا تجوز شهادة النساء في الطلاق . 
وعن  ربيعة    : لا تجوز شهادة النساء في طلاق ، ولا نكاح ، ولا حد ، ولا عتق - وتجوز في البيوع ، وفي كل حق يتراضون فيه ، ويتعاطون المعروف عليه . 
وعن  محمد بن الحنفية     : تجوز شهادة النساء في الدية    . 
وصح عن  شريح    : أنه أجاز شهادة امرأتين في عتاقة مع رجل    . 
وصح عن الشعبي    : قبول شهادة رجل وامرأتين في الطلاق ، وجراح الخطأ ، ولم يجز شهادة النساء في جراح عمد ، ولا في حد . 
وصح عن  أبي الشعثاء جابر بن زيد    : قبول النساء مع رجل في الطلاق والنكاح . 
وصح عن  إياس بن معاوية    : قبول امرأتين في الطلاق . 
وعن  حماد بن أبي سليمان    : لا تقبل النساء في الحدود . 
ومن طريق الحجاج بن المنهال  عن  حماد بن سلمة  عن  عبد الله بن عون  عن  محمد بن سيرين    : أن  شريحا  أجاز شهادة أربع نسوة على رجل في صداق امرأة    . 
ومن طريق  عبد الرزاق  عن  ابن جريج  عن هشام بن حجير  عمن يرضى - كأنه يريد  طاوسا    - قال : تجوز شهادة النساء في كل شيء مع الرجال ، إلا الزنى من أجل أنه لا ينبغي أن ينظرن إلى ذلك . 
ومن طريق أبي عبيد  نا  يزيد - هو ابن هارون    - عن  جرير بن حازم  عن الزبير بن الخريت  عن  أبي لبيد  قال : إن سكران طلق امرأته ثلاثا ، فشهد عليه أربع نسوة  ، فرفع إلى  عمر بن الخطاب  ، فأجاز شهادة النسوة ، وفرق بينهما . 
ومن طريق  محمد بن المثنى  نا  عبد الرحمن بن مهدي  عن حراش بن مالك الجهضمي  نا يحيى بن عبيد  عن أبيه : أن رجلا من عمان  تملأ من الشراب فطلق امرأته  [ ص: 480 ] ثلاثا ، فشهد عليه نسوة ، فكتب في ذلك إلى  عمر بن الخطاب  فأجاز شهادة النسوة ، وأبت عليه الطلاق . 
ومن طريق محمد بن عبد الله بن يزيد المقري  نا  سفيان بن عيينة  نا أبو طلق  عن امرأة : أن امرأة وطئت صبيا فقتلته ، فشهد عليها أربع نسوة ، فأجاز  علي بن أبي طالب  شهادتهن . 
ومن طريق  أبي بكر بن أبي شيبة  نا  حفص بن غياث  عن أبي طلق  عن أخته هند بنت طلق  قالت : كنت في نسوة وصبي مسجى ، فقامت امرأة فمرت فوطئته ، فقالت أم الصبي : قتلته والله ، فشهد عند  علي  عشر نسوة - أنا عاشرتهن - فقضى  علي  عليها بالدية وأعانها بألفين . 
ومن طريق أبي عبيد  نا  هشيم  عن  حجاج بن أرطاة  عن  عطاء  قال : أجاز  عمر بن الخطاب  شهادة النساء مع الرجال : في الطلاق ، والنكاح . 
ومن طريق أبي عبيد  نا يزيد  عن  حجاج  عن  عطاء بن أبي رباح    : أنه أجاز شهادة النساء في النكاح    . 
ومن طريق  محمد بن المثنى  نا  أبو معاوية - وهو محمد بن خازم الضرير    - عن أبيه عن  عطاء بن أبي رباح  قال : لو شهد عندي ثماني نسوة على امرأة بالزنى لرجمتها . 
				
						
						
