[ ص: 517 ] مسألة : ولا يحل - وهو قول التأني في إنفاذ الحكم إذا ظهر ، الشافعي ، وأصحابنا . وأبي سليمان
وقال : إذا طمع القاضي أن يصطلح الخصمان فلا بأس أن يردهما المرة والمرتين ، فإن لم يطمع في ذلك فصل القضاء . أبو حنيفة
وقال : لا بأس بترديد الخصوم ، ثم رأى أن يجعل للمشهود عليه أو المدعي بينة غائبة : أجل ثمانية أيام ، ثم ثمانية أيام ، ثم ثمانية أيام ، ثم تلزم ثلاثة أيام ، فذلك ثلاثون يوما - لا يعد في الثمانية يوم تأجيل الحاكم . مالك
قال : أما قول علي ففاسد ; لأنه لا فرق بين ترديد مرتين وترديد ثلاث مرار أو أربع ، وهكذا ما زاد إلى انقضاء العمر ، وإلا ف { أبي حنيفة هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين } .
وأما قول - فما نعلم أحدا قاله قبله مع عظيم فساده ، لأنه لا فرق بين تأجيل ثلاثين يوما ، وبين تأجيل شهرين أو ثلاثة أو أربعة ، أو عام ، أو عامين ، أو أربعة أعوام - وما الفرق بين من ادعى بينة على نصف شهر وبين من ادعاها مالك بخراسان ، وهو بالأندلس أو ادعاها بالأندلس ، وهو بخراسان ، وهل هو إلا التحكم بالباطل ؟ قال : واحتج بعضهم بالرواية عن أبو محمد : رددوا الخصوم حتى يصطلحوا فإن فصل القضاء يورث الضغائن . عمر
قال : هذا لا يصح عن علي ; لأن أحسن طرقه : عمر أن محارب بن دثار - عمر ومحارب لم يدرك - . عمر
ثم لو صح لما كان فيه حجة ; لأنه لا حجة في أحد دون رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعاذ الله أن يصح هذا عن ; لأن فيه المنع جملة من إنفاذ الحق ; لأن علة توريث الضغائن موجودة في ذلك أبدا ، فإن وجب أن يراعى وجب ذلك أبدا ، وإن لم يجب أن يراعى فلا يجب ذلك طرفة عين ، وعلى كل حال فقد خالفوه ، لأنه لم يحد شهرا ولا شهرين . عمر
وفي الرسالة المكذوبة عن : اجعل لمن ادعى حقا غائبا أو بينة أمدا ينتهي إليه [ ص: 518 ] فإن أحضر بينته إلى ذلك الأمد : أخذت له بحقه ، وإلا أوجبت عليه القضاء ، فإنه أبلغ للعذر وأجلى للعمى . عمر
قال : وهذا لا يصح عن أبو محمد ، وعلى كل حال فقد خالفه عمر ; لأن مالك لم يحد في ذلك شهرا - ولا أقل ولا أكثر - وهذا كله لم يأت قط عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه رد خصوما بعد ما ظهر الحق بل قضى بالبينة على الطالب ، وألزم المنكر اليمين في الوقت وأمر المقر بالقضاء في الوقت . عمر
وقال الله تعالى : { كونوا قوامين بالقسط }
وقال تعالى : { وتعاونوا على البر والتقوى } .
وقال تعالى : { وسارعوا إلى مغفرة من ربكم } .
فمن حكم بالحق حين يبدو إليه فقد قام بالقسط ، وأعان على البر والتقوى وسارع إلى مغفرة من ربه ، ومن تردد في ذلك ، فلم يسارع إلى مغفرة من ربه ولا قام بالقسط ، ولا أعان على البر والتقوى .