1799 - مسألة : اليهود والنصارى والمجوس بحكم أهل الإسلام في كل شيء - رضوا أم سخطوا ، أتونا أو لم يأتونا - ولا يحل ردهم إلى حكم دينهم ، ولا إلى حكامهم أصلا . ويحكم على
روينا من طريق عن عبد الرزاق أخبرني ابن جريج عمرو بن دينار قال : سمعت بجالة التميمي قال : أتانا كتاب قبل موته بسنة : أن اقتلوا كل ساحر وساحرة ، وفرقوا بين كل ذي رحم محرم من عمر بن الخطاب المجوس ، وانهوهم عن الزمزمة .
قال : ابن جريج أهل الذمة إذا كانوا فينا فحدهم كحد المسلم .
ومن طريق إسماعيل بن إسحاق القاضي نا نا نصر بن علي عبد الأعلى عن سعيد بن أبي عروبة عن عن قتادة في المواريث في الحسن البصري أهل الذمة قال : يحكم عليهم بما في كتابنا - وهو قول ، قتادة ، وأصحابنا . وأبي سليمان
وروينا غير هذا - : كما روينا من طريق سماك بن حرب عن قابوس بن مخارق بن سليم عن أبيه أن محمد بن أبي بكر كتب إلى في مسلم زنى بنصرانية ؟ فكتب إليه علي بن أبي طالب : أن يقام الحد على المسلم ، وترد النصرانية إلى أهل دينها - وهو قول علي بن أبي طالب ، أبي حنيفة . ومالك
قال : هذا لا يصح عن أبو محمد ; لأن فيه علي سماك بن حرب - وهو يقبل التلقين - وقابوس بن المخارق وأبوه - مجهولان - فبطل أن يصح عن الصحابة رضي الله عنهم في هذا الباب غير ما روينا عن . عمر
وقال المخالفون : قال الله تعالى : { لا إكراه في الدين } فإذا حكم عليهم بغير حكم دينهم فقد أكرهوا على غير دينهم .
فقلنا : إن كانت هذه الآية توجب أن لا يحكم عليهم بغير حكم دينهم فأنتم أول من خالفها فأقررتم على أنفسكم بخلاف الحق ، وهذا عظيم جدا ; لأنكم تقطعونهم في السرقة بحكم ديننا ، لا بحكم دينهم ، وتحدونهم في القذف بحكم ديننا لا بحكم [ ص: 521 ] دينهم ، وتمنعونهم من إنفاذ حكم دينهم بعضهم على بعض في القتل والخطأ ، وبيع الأحرار ، فقد تناقضتم .
فإن قالوا : هذا ظلم لا يقرون عليه .
فقلنا لهم : وكل ما خالفوا فيه حكم الإسلام فهو ظلم لا يقرون عليه .
وقالوا : قال الله تعالى : { فإن جاءوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم } فقلنا : هذه منسوخة نسخها قوله تعالى : { وأن احكم بينهم بما أنزل الله }
فقالوا : هاتوا برهانكم على ذلك .
قلنا : نعم ، روينا من طريق عن سفيان بن حسين عن الحكم بن عتيبة عن مجاهد قال : { ابن عباس فإن جاءوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم } فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم مخيرا إن شاء حكم بينهم ، وإن شاء أعرض عنهم فردهم إلى أحكامهم ، فنزلت : { وأن احكم بينهم بما أنزل الله } فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحكم بينهم بما في كتابنا } . نسخت من هذه السورة آيتان - : آية : القلائد وقوله تعالى : {
قال : وهذا مسند ; لأن أبو محمد أخبر بنزول الآية في ذلك - وهو قول ابن عباس ، مجاهد وعكرمة .
وأيضا : فإن الله تعالى يقول : { وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله } والدين في القرآن واللغة يكون الشريعة ، ويكون الحكم ، ويكون الجزاء ، فالجزاء في الآخرة إلى الله تعالى لا إلينا .
والشريعة قد صح أن نقرهم على ما يعتقدون إذا كانوا أهل كتاب ، فبقي الحكم ، فوجب أن يكون كله حكم الله كما أمر .
فإن قالوا : فاحكموا عليهم بالصلاة ، والصيام ، والحج ، والجهاد ، والزكاة .
قلنا : [ ص: 522 ] قد صح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يلزمهم شيئا من هذا فخرج بنصه وبقي سائر الحكم عليهم على حكم الإسلام ولا بد .
وصح { } ولم يلتفت إلى حكم دينهم . أنه عليه الصلاة والسلام قتل يهوديا قودا بصبية مسلمة ورجم يهوديين زنيا
فقال بعضهم بآبدة مهلكة ، وهي أن قالوا : إنما أنفذ رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجم بحكم التوراة ، كما قال تعالى : { يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا } .
فقلنا : هذا كفر ممن قاله ، إذ جعله عليه الصلاة والسلام منفذا لحكم اليهود ، تاركا لتنفيذ حكم الله تعالى ، حاشا له من ذلك .
وأيضا فهبك أنه كما قلتم فارجموهم أنتم أيضا على ذلك الوجه نفسه ، وإلا فقد جورتم رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وأما الآية : فإنما هي خبر عن النبيين السالفين فيهم ، لأنهم ليسوا لنا نبيين ، إنما لنا نبي واحد - فصح أنه غير معني بهذه الآية .
ثم نقول لهم : أخبرونا عن أحكام دينهم أحق - هي إلى اليوم - محكم أم باطل منسوخ ؟ ولا بد من أحدهما - : فإن قالوا : حق محكم كفروا جهارا ، وإن قالوا بل باطل منسوخ .
قلنا : صدقتم ، وأقررتم على أنفسكم أنكم رددتموهم إلى الباطل المنسوخ الحرام ، وفي هذا كفاية .
وقال تعالى : { كونوا قوامين بالقسط } وليس من القسط تركهم يحكمون بالكفر المبدل أو بحكم قد أبطله الله تعالى ، أو حرم القول به والعمل به .
وقال تعالى : { وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان } .
ومن ردهم إلى حكم الكفر المبدل والأمر المنسوخ المحرم ، فلم يعن على البر والتقوى ، بل أعان على الإثم والعدوان - ونعوذ بالله من الخذلان .
[ ص: 523 ] وقال تعالى : { حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون } والصغار هو جري أحكامنا عليهم ، فإذا ما تركوا يحكمون بكفرهم فما أصغرناهم بل هم أصغرونا - ومعاذ الله من ذلك .