[ ص: 202 ] مسألة : محرم - ولو أنه شيخ يحرم - كما يحرم رضاع الصغير ولا فرق ؟ ورضاع الكبير
وهذا مكان اختلف الناس فيه - : فطائفة قالت : يحرم من الرضاع في الصغر ولا يحرم في الكبر ، ولم يحدوا حدا في ذلك - : كما روينا من طريق عن مالك ابن شهاب عن أن أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم حاش عروة بن الزبير عائشة وحدها كن يرين رضاع سالم مولى أبي حذيفة خاصة له فدل ذلك على أنهن كن يرين : لا يحرم إلا رضاع الصغير ، لا رضاع الكبير ، دون أن يرد عنهن في ذلك حد . ومن طريق عن مالك أنه سمع عبد الله بن دينار - وقد سأله رجل عن رضاع الكبير - فقال له ابن عمر : قال ابن عمر : إنما الرضاعة رضاعة الصغير . ومن طريق عمر بن الخطاب عن مالك عن نافع أنه كان يقول : لا رضاعة إلا ما أرضع في الصغر ، ولا رضاعة لكبير . وقالت طائفة : لا يلزم من الرضاع إلا ما كان في المهد - : كما روينا من طريق ابن عمر أبي داود حدثني حدثني أحمد بن صالح عنبسة حدثني - عن يونس - هو ابن يزيد ابن شهاب حدثني أبى أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يدخل عليهن بالرضاعة أحد حتى رضع في المهد . [ ص: 203 ] ومن طريق عروة بن الزبير عن عبد الرزاق عن سفيان بن عيينة عن يحيى بن سعيد الأنصاري قال : لا رضاع إلا ما كان في المهد . سعيد بن المسيب
وقالت طائفة : لا يحرم من الرضاع إلا ما كان قبل الفطام ، وأما بعد الفطام فلا - : كما روينا من طريق عن حماد بن سلمة عن هشام بن عروة يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب : أن أم سلمة أم المؤمنين - رضي الله عنها - سئلت : هل يحرم الرضاع بعد الفطام ؟ قالت : لا رضاع بعد فطام . ومن طريق عن عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان الثوري أبي حصين عن أبي عطية الوادعي أن رجلا مص من ثدي امرأته فدخل اللبن في حلقه فسأل عن ذلك ؟ فقال له أبا موسى الأشعري : حرمت عليك امرأتك ، ثم سأل أبو موسى عن ذلك ، قال ابن مسعود أبو عطية - ونحن عنده - : فقام وقمنا معه حتى أتى ابن مسعود فقال : أرضيعا ترى هذا ؟ إنما الرضاع ما أنبت اللحم والعظم ؟ فقال أبا موسى الأشعري : لا تسألوني عن شيء ما دام هذا الحبر بين أظهركم . فتبين هاهنا أنه إنما يحرم مدة تغذي الرضيع باللبن . أبو موسى
ومن طريق عن عبد الرزاق عن سفيان الثوري جويبر عن الضحاك عن النزال - هو ابن سبرة - عن قال : لا رضاع بعد الفصال . ومن طريق علي بن أبي طالب عن عبد الرزاق عن سفيان الثوري عمرو بن دينار عمن سمع من يقول : لا رضاع بعد الفطام . ومن طريق ابن عباس عن عبد الرزاق عن معمر الحسن ، والزهري ، ، قالوا : لا رضاع بعد الفصال - قال وقتادة : وأخبرني من سمع معمر عكرمة يقول ذلك ، ويقول : الرضاع بعد الفطام مثل الماء يشربه . وبه يقول الأوزاعي وقال : إن فطم وله عام واحد واستمر فطامه ثم رضع في [ ص: 204 ] الحولين لم يحرم هذا الرضاع الثاني شيئا ، وقال : فإن ، فإنه ما كان في الحولين ، فإنه يحرم ، وما كان بعدهما ، فإنه لا يحرم وإن تمادى الرضاع . وقالت طائفة : لا يحرم من الرضاع إلا ما فتق الأمعاء - : كما روينا من طريق تمادى رضاعه ولم يفطم قبل الحولين أنا سعيد بن منصور - عن سفيان - هو ابن عيينة عن أبيه عن هشام بن عروة الحجاج بن الحجاج الأسلمي عن قال : لا رضاع إلى ما فتق الأمعاء . أبي هريرة
وقالت طائفة : لا يحرم من الرضاع إلا ما كان في ثلاثة أعوام ، وأما ما رضع بعد الثلاثة الأعوام فلا يحرم - وهذا قول . زفر بن الهذيل
وقالت طائفة : لا يحرم من الرضاع إلى ما كان في عامين وستة أشهر فما كان بعد ذلك فإنه لا يحرم - وهو قول . أبي حنيفة
وقالت طائفة : لا يحرم من الرضاع إلا ما كان في عامين وشهرين ، فما كان بعد ذلك لم يحرم - وهذا قول . مالك
وهذه الأقوال الثلاثة - : قول ، أبي حنيفة ، وزفر : ما نعلم أحدا من أهل العلم قال بشيء منها قبل المذكورين ، ولا معهم ، إلا من قلدهم اتباعا لهواهم - ونعوذ بالله من الفتنة . ومالك
وقالت طائفة : لا يحرم من الرضاع إلا ما كان في الحولين ، وأما الرضاع بعدهما فلا يحرم - : كما روينا من طريق الحجاج بن المنهال أنا أبو عوانة عن المغيرة بن مقسم عن إبراهيم النخعي عن قال : لا رضاع بعد حولين . ومن طريق ابن مسعود أبي عبيد : أنا عن سفيان بن عيينة عمرو بن دينار عن قال : لا رضاع إلا في الحولين . [ ص: 205 ] ومن طريق ابن عباس عن مالك إبراهيم بن عقبة أنه سأل ، سعيد بن المسيب عن الرضاعة ؟ فقالا جميعا : كل وعروة بن الزبير وإن كانت قطرة واحدة فهي تحرم ، وما كان بعد الحولين فإنما هو طعام يأكله . ومن طريق ما كان في الحولين أبي عبيد أنا عن عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان الثوري قال : سمعت أبي إسحاق الشيباني الشعبي يقول : ما كان من سعوط ، أو وجور أو رضاع في الحولين فهو يحرم ، وما كان بعد الحولين لم يحرم شيئا . وهو قول ، ابن شبرمة ، وسفيان الثوري ، والشافعي ، وأبي يوسف ، ومحمد بن الحسن ، وأصحابنا . وأبي سليمان
ورواه عن ابن وهب ثم رجع إلى الذي ذكرنا قبل ; لأنه هو المأثور عنه في موطئه الذي قرئ عليه إلى أن مات . مالك
قال : وقالت طائفة إرضاع الكبير والصغير يحرم كما ذكرنا قبل عن أبو محمد وإن كان قد رجع عنه . أبي موسى
ومن طريق أنا عبد الرزاق أخبرني ابن جريج : أن عبد الكريم أخبره أن أباه أخبره أنه سأل سالم بن أبي الجعد مولى الأشجعي فقال : إني أردت أن أتزوج امرأة وقد سقتني من لبنها وأنا كبير تداويت به ؟ فقال له علي بن أبي طالب : لا تنكحها ونهاه عنها . ومن طريق علي { مالك ابن شهاب أنه سئل عن رضاع الكبير ؟ فقال : أخبرني بحديث أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عروة بن الزبير سهلة بنت سهيل بأن ترضع سالما مولى أبي حذيفة خمس رضعات - وهو كبير - ففعلت ، فكانت تراه ابنا لها ، قال عروة : فأخذت بذلك عائشة أم المؤمنين فيمن كانت تحب أن يدخل عليها من الرجال فكانت تأمر أختها أم كلثوم ، وبنات أخيها يرضعن من أحبت أن يدخل عليها من الرجال . } ومن طريق عن أنا عبد الرزاق قال : سمعت ابن جريج وسأله رجل فقال : [ ص: 206 ] سقتني امرأة من لبنها بعد ما كنت رجلا كبيرا أفأنكحها ؟ قال عطاء بن أبي رباح : لا ، قال عطاء فقلت له : وذلك رأيك ؟ قال : نعم ، كانت ابن جريج عائشة تأمر بذلك بنات أخيها - وهو قول . قال الليث بن سعد : أما قول أبو محمد ، أبي حنيفة ، وزفر ، فلا خفاء بفسادها ، إلا على قول من يقول في النهار : إنه ليل ، مكابرة ونصرا للباطل . ومالك
ومن عجائب الدنيا قول بعض المفتونين : لما قال الله تعالى : { والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين } دل ذلك على أن هاهنا حولين ناقصين ، وأشار إلى عددها بالشمس .
قال : فجمع هذا القول مخالفة الله عز وجل ، ومكابرة الحس : أما مخالفة الله عز وجل فإنه يقول : { أبو محمد إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض منها أربعة حرم ذلك الدين القيم } .
فنص تعالى على أن عدة الشهور عنده هي التي منها أربعة حرم ، وأنه في كتاب الله يوم خلق السموات والأرض ، وأن ذلك هو الدين القيم ، ولا يمكن أن تكون الأشهر الحرم إلا في الأشهر العربية القمرية ، فمن خالف ذلك فقد خالف الدين القيم ، ونسب إلى الله تعالى الكذب من أنه أمر أن يراعى عدد الحولين بالعجمية .
وأما مكابرة العيان - فإنه ليس بين الحولين الأعجميين المعدودين بالشمس وقطعهما للفلك وبين الحولين العربيين المعدودين بالقمر إلا اثنان وعشرون يوما ، فالزيادة على ذلك إلى تمام شهرين لا ندري من أين أتت ، والقطع بالتحريم والتحليل في دين الله عز وجل بمثل هذا لا يحل .
وأما من حد ذلك بما كان في المهد - فكلام أيضا لا تقوم بصحته حجة لا من قرآن ، ولا من سنة ، ولا من إجماع ، ولا من قياس ، ولا من رواية ضعيفة - فسقط هذا القول .
وأما من حد ذلك بما كان في الصغر - فإن الصغر يتمادى إلى بلوغ الحلم ; لأنه قبل ذلك لا تلزمه الحدود ، ولا الفرائض - وهذا حد لا يوجبه قرآن ولا سنة .
[ ص: 207 ] وأما من حد ذلك بالفطام - فإنهم احتجوا بقول الله عز وجل : { فإن أرادا فصالا عن تراض منهما وتشاور فلا جناح عليهما } قال : وهذا لا حجة لهم فيه في التحريم إذ ليس للتحريم في هذه الآية ذكر ، ولا في تراضيهما بالفصال تحريم ; لأن يرتضع الولد بعد ذلك ، إنما فيها انقطاع النفقة الواجبة على الأب في الرضاع ، وليس بانقطاع حاجة الصبي إلى الرضاع ينقطع التحريم برضاعه - إن رضع - إذ لم يأت بذلك قرآن ، ولا سنة . أبو محمد
واحتجوا بخبر رويناه من طريق أحمد بن شعيب أنا أنا قتيبة بن سعيد أبو عوانة أنا عن هشام بن عروة فاطمة بنت المنذر عن أم المؤمنين قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { أم سلمة } . لا يحرم من الرضاع إلا ما فتق الأمعاء في الثدي ، وكان قبل الفطام
قال : هذا خبر منقطع ; لأن أبو محمد فاطمة بنت المنذر لم تسمع من أم المؤمنين ; لأنها كانت أسن من زوجها أم سلمة هشام باثني عشر عاما وكان مولد هشام سنة [ 60 هـ ] ستين ، فمولد على هذا سنة [ 48 هـ ] ثمان وأربعين ، وماتت فاطمة سنة [ 59 هـ ] تسع وخمسين ، أم سلمة صغيرة لم تلقها ، فكيف أن تحفظ عنها ، ولم تسمع من خالة أبيها وفاطمة أم المؤمنين شيئا - وهي في حجرها - إنما أبعد سماعها من جدتها عائشة - رضي الله عنهم . أسماء بنت أبي بكر الصديق
وموهوا أيضا - بخبرين ساقطين - : أحدهما - من طريق عن معمر جويبر عن الضحاك عن النزال بن سبرة عن عن النبي صلى الله عليه وسلم : { علي } . لا رضاع بعد الفصال
والآخر - من طريق أيضا عن معمر حرام بن عثمان عن عبد الرحمن ومحمد ابني عن أبيهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر كلاما كثيرا وفيه : ولا رضاع بعد الفطام . جابر بن عبد الله
[ ص: 208 ] وهذان خبران لا يجوز التشاغل بهما ; لأن جويبرا ساقط ، والضحاك ضعيف وحرام بن عثمان هالك بمرة - فسقط كل ما تعلقوا به - وبالله تعالى التوفيق .
وسقطت الأقوال كلها إلا قول من راعى الحولين ، وقول من لم يراع في ذلك حدا أصلا ، فنظرنا فيمن راعى الحولين فوجدناهم يحتجون بقول الله عز وجل : { وحمله وفصاله ثلاثون شهرا } . وبقوله عز وجل : { والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة } .
وبقوله عز وجل : { حملته أمه وهنا على وهن وفصاله في عامين } .
فقالوا : قد قطع الله عز وجل أن فصال الرضيع في عامين ، وأن رضاعه حولان كاملان ; لمن أراد أن يتم الرضاعة .
قالوا : فلا رضاع بعد الحولين أصلا ; لأن الرضاعة قد تمت ، وإذا انقطع الرضاع انقطع حكمه من التحريم ، وغير ذلك .
قال : صدق الله تعالى وعلينا الوقوف عند ما حد عز وجل ، ولو لم يأت نص غير هذا لكان في هذه النصوص متعلق ، لكن قد جاء في ذلك - : ما رويناه من طريق أبو محمد أنا مسلم ، عمرو الناقد وابن أبي عمر ، قالا جميعا : أنا عن سفيان بن عيينة عن أبيه عن عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق أم المؤمنين قالت : { عائشة سهلة بنت سهيل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله إني أرى وجه أبي [ ص: 209 ] حذيفة من دخول سالم وهو خليفه ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أرضيعيه ، فقالت : وكيف أرضعه وهو رجل كبير ؟ فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : قد علمت أنه رجل كبير } . جاءت
ومن طريق . أنا مسلم إسحاق بن إبراهيم - هو ابن راهويه - ومحمد بن أبي عمر - واللفظ له - قال : أنا عن عبد الوهاب الثقفي - عن أيوب - هو السختياني عن ابن أبي مليكة { القاسم بن محمد بن أبي بكر أم المؤمنين : أن عائشة سالما مولى أبي حذيفة كان مع أبي حذيفة وأهله في بيتهم فأتت - يعني سهلة بنت سهيل - إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : إن سالما قد بلغ ما يبلغ الرجال ، وعقل ما عقلوا ، وأنه يدخل علينا ، وإني أظن أن في نفس أبي حذيفة من ذلك شيئا ؟ فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم أرضعيه تحرمي عليه ويذهب الذي في نفس أبي حذيفة } . عن
ومن طريق أنا مسلم أنا محمد بن المثنى أنا محمد بن جعفر غندر أنا عن شعبة حميد بن نافع عن ، قالت : { زينب بنت أم سلمة أم سلمة - رضي الله عنهما - إنه يدخل عليك الغلام الأيفع الذي ما أحب أن يدخل علي ؟ فقالت لعائشة : أما لك في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة ؟ إن عائشة امرأة أبي حذيفة قالت : يا رسول الله إن سالما يدخل علي - وهو رجل - وفي نفس أبي حذيفة منه شيء ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أرضعيه حتى يدخل عليك } ومن طريق قالت عن عبد الرزاق عن معمر الزهري عن عن عروة بن الزبير أم المؤمنين قالت : { عائشة سهلة بنت سهيل بن عمرو إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقالت : إن سالما كان يدعى ابن أبي حذيفة ، وإن الله قد أنزل في كتابه { ادعوهم لآبائهم } وكان يدخل علي وأنا فضل ونحن في منزل ضيق ؟ فقال لها النبي صلى الله عليه وآله وسلم أرضعي سالما تحرمي عليه . } قال جاءت الزهري : قال بعض أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ندري لعل هذه كانت رخصة لسالم خاصة - قال الزهري : فكانت عائشة تفتي بأنه يحرم الرضاع بعد الفصال حتى ماتت . [ ص: 210 ] قال : فهذه الأخبار ترفع الإشكال ، وتبين مراد الله عز وجل في الآيات المذكورات أن أبو محمد ، إذا رأيا في ذلك صلاحا للرضيع أنها هي الموجبة للنفقة على المرضعة ، والتي يجبر عليها الأبوان أحبا أم كرها . الرضاعة التي تتم بتمام الحولين ، أو بتراضي الأبوين قبل الحولين
ولعمري لقد كان في الآية كفاية في هذا ; لأنه تعالى قال : { والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف } .
فأمر تعالى الوالدات بإرضاع المولود عامين ، وليس في هذا تحريم الرضاعة بعد ذلك ، ولا أن التحريم ينقطع بتمام الحولين .
وكان قول الله تعالى : { وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة } ولم يقل تعالى في حولين ولا في وقت دون وقت زائدا على الآيات الأخر ، وعموما لا يجوز تخصيصه إلا بنص يبين أنه مخصص له لا بظن ، ولا بمحتمل لا بيان فيه .
وكانت هذه الآثار قد جاءت مجيء التواتر رواها نساء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كما أوردنا ، وسهلة بنت سهيل من المهاجرات . وزينب بنت أم سلمة
ورواه من التابعين ، القاسم بن محمد ، وعروة بن الزبير وحميد بن نافع .
ورواه عن هؤلاء الزهري ، ، وابن أبي مليكة ، وعبد الرحمن بن القاسم ، ويحيى ابن سعيد الأنصاري وربيعة .
ورواه عن هؤلاء ، أيوب السختياني ، وسفيان الثوري ، وسفيان بن عيينة ، وشعبة ، ومالك وابن جرير ، ، وشعيب بن أبي حمزة ، ويونس بن يزيد ، وجعفر بن ربيعة ، وسليمان بن بلال ، وغيرهم . ومعمر
ورواه عن هؤلاء الناس : الجماء الغفير ، فهو نقل كافة لا يختلف مؤالف ولا مخالف في صحته فلم يبق من الاعتراض إلا أن يقول قائل : هو خاص لسالم كما قال بعض أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم فليعلم من تعلق بهذا أنه ظن ممن ظن ذلك منهن - رضي الله عنهن - .
[ ص: 211 ] وهكذا جاء في الحديث أنهن قلن : ما نرى هذا إلا خاصا لسالم ، وما ندري لعله رخصة لسالم ، فإذ هو ظن بلا شك ، فإن الظن لا يعارض بالسنن قال تعالى : { إن الظن لا يغني من الحق شيئا } .
وشتان بين احتجاج - رضي الله عنها - باختيارها وبين احتجاج أم سلمة - رضي الله عنها - بالسنة الثابتة ، وقولها لها : أما لك في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة ؟ وسكوت عائشة ينبئ برجوعها إلى الحق عن احتياطها . أم سلمة
ومن أعجب العجائب أن المخالفين لنا هاهنا يقولون : إن المرسل كالمسند ، وقد روينا من طريق عن عبد الرزاق أن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم إذا أرضعن الكبير دخل عليهن ، فكان ذلك لهن خاصة . معمر
وقال آخرون : هذا منسوخ بنسخ التبني .
قال : وهذا باطل بيقين ; لأنه لا يحل لأحد أن يقول في نص ثابت : هذا منسوخ ، إلا بنص ثابت مبين غير محتمل ، فكيف وقول أبو محمد سهلة - رضي الله عنها - لرسول الله صلى الله عليه وسلم : كيف أرضعه وهو رجل كبير ؟ بيان جلي ; لأنه بعد نزول الآيات المذكورات وباليقين ندري أنه لو كان خاصة لسالم ، أو في التبني الذي نسخ لبينه عليه الصلاة والسلام كما بين في الجذعة إذ قال له تجزئك ولا تجزئ أحدا بعدك . لأبي بردة
وقال بعض من لا يخاف الله تعالى فيما يطلق به لسانه : كيف يحل للكبير أن يرضع ثدي امرأة أجنبية ؟ قال : هذا اعتراض مجرد على رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أمر بذلك ، والقائل بهذا لا يستحي من أن يطلق : أن للمملوكة أن تصلي عريانة يرى الناس ثدييها وخاصرتها ، وأن للحرة أن تتعمد أن تكشف من شفتي فرجها مقدار الدرهم البغلي تصلي كذلك ويراها الصادر والوارد بين الجماعة في المسجد ، وأن تكشف أقل من ربع بطنها كذلك - ونعوذ بالله من عدم الحياء وقلة الدين . أبو محمد
قال : وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : { أبو محمد } حجة لنا بينة ; لأن للكبير من الرضاعة في طرد المجاعة نحو ما للصغير ، فهو عموم لكل رضاع إذا بلغ خمس رضعات كما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم . إنما الرضاعة من المجاعة
[ ص: 212 ] قال : فصح أن علي رضي الله عنها كان يدخل عليها الكبير إذا أرضعته في حال كبره أخت من أخواتها الرضاع المحرم ، ونحن نشهد بشهادة الله عز وجل ونقطع بأنه تعالى لم يكن ليبيح سر رسول الله صلى الله عليه وسلم ينتهكه من لا يحل له مع قوله تعالى : { عائشة والله يعصمك من الناس } .
فنحن نوقن ونبت بأن رضاع الكبير يقع به التحريم ، وليس في امتناع سائرهن من أن يدخل عليهن بهذه الرضاعة شيء ينكر ; لأن مباحا لهن أن لا يدخل عليهن من يحل له الدخول عليهن - وبالله تعالى التوفيق .