قالوا : فمن : فبشرة غير القاتل محرمة على المستقيد ، وغيره ، إذ قد صح تحريمها ، ولم يأت نص ، ولا إجماع بإباحتها ، إنما حل من بشرة القاتل ، ومن التعدي عليه مثل ما انتهك هو من بشرة غيره ، ومثل ما تعدى عليه به قط - ومن خالف هذا فهو كمن أفتى من فقئت عيناه ظلما بأن يجدع هو أشرف أذني فاقئ عينيه - ولا فرق . قتل أحدا بغير السيف ظالما عامدا
ومن طريق أنا مسلم هداب بن خالد أنا همام أنا عن قتادة { أنس بن مالك } ورواه أيضا - : أن جارية قد وجد رأسها قد رض بين حجرين ، فسألوها من صنع هذا بك ؟ فلان ؟ فلان ؟ حتى ذكروا لها يهوديا ، فأومأت برأسها ؟ فأخذ اليهودي فأقر ، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن ترض رأسه بين الحجارة . عن شعبة هشام بن زيد عن ، أنس عن ومعمر عن أيوب السختياني عن أبي قلابة . [ ص: 258 ] ومن طريق أنس : أنا مسلم أبو جعفر بن الصباح - واللفظ له - أنا وأبو بكر بن أبي شيبة ابن علية عن الحجاج بن أبي عثمان أنا أبو رجاء - مولى أبي قلابة - حدثني { أنس بن مالك عكل - ثمانية - قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فبايعوه على الإسلام ، فاستوخموا الأرض ، وسقمت أجسامهم ، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : ألا تخرجون مع راعينا في إبله فتصيبون من أبوالها وألبانها ؟ فقالوا : بلى : فخرجوا فشربوا من أبوالها وألبانها ، فصحوا ، فقتلوا الراعي ، وطردوا الإبل ، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فبعث في آثارهم فأدركوا ، فجيء بهم ، فأمر بهم فقطعت أيديهم ، وأرجلهم ، وسمل أعينهم ، ثم نبذوا في الشمس حتى ماتوا } . : أن نفرا من
قال : حدثني مسلم الفضل بن سهل الأعرج - مروزي - أنا يحيى بن غيلان أنا عن يزيد بن زريع سليمان التيمي عن قال { أنس بن مالك } فهذا حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمره الذي لا يسع أحدا الخروج عنه . : إنما سمل رسول الله صلى الله عليه وسلم أعين أولئك ; لأنهم سملوا أعين الرعاء
ومن طريق أنا أبي بكر بن أبي شيبة عبد الرحمن بن سليمان أنا إسماعيل بن مسلم عن عمرو بن دينار عن عن طاوس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { ابن عباس } . العمد قود إلا أن يعفو ولي المقتول
ومن طريق أنا البخاري - أنا أبو نعيم - هو الفضل بن دكين شيبان عن - عن يحيى هو ابن أبي كثير عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { أبي هريرة } . ومن قتل له قتيل فهو بخير النظرين إما أن يودى ، وإما أن يقاد
قال رضي الله عنه : القود في لغة أبو محمد العرب : المقارضة بمثل ما ابتدأه به ، [ ص: 259 ] لا خلاف بين أحد في أن قطع اليد باليد ، والعين بالعين ، والأنف بالأنف ، والنفس بالنفس ، كل ذلك يسمى " قودا " . فقد صح يقينا - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أمرنا بالقود فإنه إنما أمرنا بأن يعمل بالمعتدي في القتل فما دونه : مثل ما عمل هو سواء سواء - هذا أمر تقتضيه الشريعة واللغة ولا بد .
ثم نظرنا فيما احتجت به الطائفة الأخرى - : فوجدناهم يعولون على ما روينا من طريق أنا أبي بكر بن أبي شيبة عن عيسى بن يونس أشعث ، عن وعمرو بن عبيد الحسن قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { } . لا قود إلا بالسيف
قال رضي الله عنه : هذا مرسل ، ولا يحل الأخذ بمرسل . أبو محمد
وقالوا : الخبران عن في الذين قتلوا الرعاء ، وفي الذي رضخ رأس الجارية ، فإنما كانا إذ كانت المثلة مباحة ، ثم نسخها بتحريم المثلة . أنس
ويدل على ذلك : أن في رواية أيوب عن عن أبي قلابة لذلك الخبر { أنس } . أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بأن يرجم حتى يموت ، فرجم حتى مات
قالوا : والرجم قد لا يصيب الرأس ، فقد قتله بغير ما قتل هو به الجارية .
وقد رويتم من طريق أبي داود أنا أنا محمد بن المثنى معاذ بن هشام الدستوائي حدثني أبي عن عن قتادة الحسن عن الصباح بن عمران - هو البرجمي - أنه سمع ، سمرة بن جندب وعمران يقولان { } [ ص: 260 ] وروينا نحوه أيضا : من طريق : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحثنا على الصدقة وينهانا عن المثلة . الحسن عن ، أبي برزة وأبي بكرة ، ، وأنس بن مالك كلهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . ومعقل بن يسار
قالوا { : ما سمعناه عليه الصلاة والسلام قط خطبنا إلا وهو يأمر بالصدقة وينهى عن المثلة } : أنا أحمد بن عمر العذري أنا أحمد بن علي بن الحسن الكسائي أنا علي بن غيلان الحراني أنا المفضل بن محمد أنا علي بن زياد ثنا عن أبو قرة أخبرني ابن جريج عن إسماعيل ابن علية عن معمر عن أيوب السختياني عكرمة عن قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { ابن عباس } يعني بالنار ، ونهى عليه الصلاة والسلام عن المثلة . من بدل دينه ، أو رجع عن دينه : فاقتلوه ولا تعذبوا بعذاب الله أحدا
قالوا : ثابت من طرق . قالوا : وقد رويتم من طريق والنهي عن المثلة أنا البخاري أنا موسى بن إسماعيل همام عن عن قتادة فذكر حديث الذين قتلوا الرعاء وقد أوردناه آنفا . أنس
قال : فحدثني قتادة أن ذلك كان قبل نزول الحدود . محمد بن سيرين
قال رضي الله عنه : لم نخالفهم قط في أن المثلة لا تحل ، لكن قلنا : إنه لا مثلة إلا ما حرم الله عز وجل وأما ما أمر به عز وجل ليس مثلة . أبو محمد
ليت شعري : ما الفرق عند هؤلاء القوم ، بين من قتل عامدا ظالما بالحجارة فقتل هو كذلك ؟ فقالوا : هذه مثلة ؟ وبين من زنى وهو محصن فقتل بالحجارة ؟ فقالوا : ليس هو مثلة ، ألا يستحي ذو دين من هذا الكلام الظاهر فساده ؟ فإن قالوا : إن الله عز وجل أمر بالرجم في الزنى ، والإحصان ، ورجم رسول الله صلى الله عليه وسلم .
قلنا : والله سبحانه وتعالى أمر بالاعتداء على المعتدي بمثل ما اعتدى به ، وبالمعاقبة بمثل ما عوقب به ظالما - وقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشدخ بالحجر من قتل ظالما كذلك ، فهل من فرق ؟ [ ص: 261 ] وليت شعري : على ما يعهد الناس أيكون مثلة أعظم من قطع اليد والرجل من خلاف ، وفقء العينين ، وجدع الأنف ، والأذنين ، وبرد الأسنان ، وقطع الشفتين - وهم موافقون لنا على أن كل ذلك واجب أن يفعل بمن فعله بغيره ظالما ، فلو تركوا التحكم لكان أولى ؟ ولقد قالوا : إن من قطع الطريق فقطعت يده ورجله من خلاف ، فإن قطع بعد ذلك الطريق لم تقطع يده الثانية ولا رجله .
ونظن أنهم يقولون : إنه من قطع يد آخر ورجله : أنه تقطع يده ورجله فإن قالوا ذلك ، لاح تناقضهم ، وإن لم يقولوه زادوا في الباطل ومنع الحق .
؟ وأما قول : كان ذلك قبل نزول الحدود فخطأ ، وكلام من لم يحضر تلك المشاهد ، ولا ذكر أنه أخبره من شهدها : فهو لا شيء . ابن سيرين
وحديث الذي موهوا به لم يسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم قط يخطب إلا نهى عن المثلة أعظم حجة عليهم في كذبهم أنه ناسخ لفعله عليه الصلاة والسلام بالذين قتلوا الرعاء ; لأن أنس صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولازمه خادما له من حين قدم عليه السلام أنسا المدينة إلى حين موته صلى الله عليه وسلم فصح يقينا قطعا بلا شك أنه سمع خطبته - عليه الصلاة والسلام - ونهيه عن المثلة قبل فعله - عليه الصلاة والسلام - بالذين قتلوا الرعاء - فبطل ضرورة أن يكون المتقدم ناسخا للمتأخر ، وبالله إن ضرب العنق بالسيف لأعظم مثلة - ولقد شاهدناه فرأيناه منظرا وحشا ، وكأنه جسد بأربعة أفخاذ . أنس
فظهر فساد احتجاجهم بالمثلة - وصح أن كل ما أمر به - عليه الصلاة والسلام - فليس هو مثلة ، إنما المثلة من فعل ما نهاه الله تعالى عنه متعديا ولا مزيد .
وأما قولهم : إن في رواية أيوب { } فلا شك ، ولا خلاف ، في أن تلك الروايات كلها هي في قصة واحدة ، في مقام واحد ، في إنسان واحد ، فقول أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر به فرجم بالحجارة حتى مات أيوب عن عن أبي قلابة { أنس } وقول : فأمر به فرجم حتى مات . عن شعبة هشام بن زيد عن { أنس } وقول : فأمر به فرض رأسه بين حجرين . همام عن عن قتادة { أنس } [ ص: 262 ] أخبار عن عمل واحد ، وإذا رض رأسه بين حجرين فقد رض بالحجارة ، وقد رجم رأسه حتى مات . : فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ترض رأسه بين الحجارة :
فبطل تعلقهم باختلاف ألفاظ الرواة ، إذ كلها معنى واحد - ولله تعالى الحمد - وكلهم ثقة ، وإنما هذا تعلل في مخالفة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالباطل .
واحتجوا أيضا بما روي من طريق أبي داود أنا أنا مسلم بن إبراهيم عن شعبة خالد الحذاء عن عن أبي قلابة أبي الأشعث عن قال { شداد بن أوس } . : خصلتان سمعتهما من رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله كتب الإحسان على كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته
قال رضي الله عنه : وهذا صحيح ، وغاية الإحسان في القتلة هو أن يقتله بمثل ما قتل هو - وهذا هو عين العدل والإنصاف { أبو محمد والحرمات قصاص } وأما من ضرب بالسيف عنق من قتل آخر خنقا ، أو تغريقا ، أو شدخا ، فما أحسن القتلة ، بل إنه أساءها أشد الإساءة ، إذ خالف ما أمر الله عز وجل به ، وتعدى حدوده ، وعاقب بغير ما عوقب به وليه ، وإلا فكله قتل ، وما الإيقاف لضرب العنق بالسيف بأهون من الغم ، والخنق ، وقد لا يموت من عدة ضربات واحدة بعد أخرى - هذا أمر قد شاهدناه - ونسأل الله العافية - فعاد هذا الخبر حجة عليهم .
واحتجوا بما رويناه من طريق أبي داود أنا أنا أبو داود الطيالسي عن شعبة هشام بن زيد عن : أنه كان معه فقال { أنس } . نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أن تصبر البهائم
قال رضي الله عنه : هذا من طريف ما موهوا به - ومتى خالفناهم في أن العبث بالبهائم ، وبغير البهائم لا يحل ، إنما بهم أن يموهوا أنهم يحتجون وهم لا يأتون إلا بما نهوا عنه ؟ . أبو محمد
وأما بالباطل - نعم ، صبر البهائم لا يحل ، إلا حيث أمر الله تعالى به من الذبح ، [ ص: 263 ] والنحر والرمي فيما شرد بالنبل ، والرماح ، وإرسال الكلاب ، وسباع الطير عليها - فهذا كله حلال حسن بإجماع منا ومنهم .
وكذلك لا يحل العبث بابن آدم ، فإذا عبث هو ظالما : اقتص منه بمثل فعله - وكان حقا وعدلا ; والعجب كله أن ضرب العنق صبر بلا شك ، والصلب أشنع الصبر ، وهم يرون كل ذلك ، فلو راجعوا الحق لكان أولى بهم .
وهكذا القول فيما موهوا به مما رويناه من طريق : أخبرني عبد الله بن وهب عن عمرو بن الحارث عن بكير بن الأشج يعلى قال { عبد الرحمن بن خالد بن الوليد فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ينهى عن قتل الصبر . أبو أيوب الأنصاري } وذكروا - ما روينا من طريق : غزونا مع أبي داود أنا نا سعيد بن منصور عن المغيرة بن عبد الرحمن الحذامي حدثني أبي الزناد محمد بن حمزة الأسلمي عن أبيه { } . أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أمره على سرية وقال : إن وجدتم فلانا فاقتلوه ولا تحرقوه ، فإنه لا يعذب بالنار إلا رب النار
ورويناه أيضا - من طريق أبي داود أنا : أن قتيبة بن سعيد حدثهم عن الليث بن سعد عن بكير بن الأشج عن سليمان بن يسار عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم . أبي هريرة
قال رضي الله عنه : وهذا صحيح ، ولا يحل أن يحرق أحد بالنار ابتداء ، حتى إذا فعل المرء من ذلك ما حرمه الله تعالى عليه : وجب القصاص عليه بمثل ما فعل ، كما أمر الله عز وجل . أبو محمد
وذكروا - ما روينا من طريق عن شعبة عن عدي بن ثابت عن سعيد بن جبير : أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال { ابن عباس } . لا تتخذوا شيئا فيه الروح غرضا
[ ص: 264 ] ومن طريق أنا مسلم أبو كامل أنا أبو عوانة عن أبي بشير عن قال { سعيد بن جبير بنفر قد نصبوا دجاجة يرمونها ؟ فقال ابن عمر : لعن الله من فعل هذا ، إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : لعن الله من اتخذ شيئا فيه الروح غرضا ابن عمر } . مر
قال رضي الله عنه : ونحن نقول : لعن الله من اتخذ شيئا فيه الروح غرضا إلا حيث أمر الله تعالى به من القصاص ، فمن استحق لعنة الله لفعله ذلك ، والاعتداء عليه بمثل ما اعتدى هو به - وهم يوافقوننا في أبو محمد - وهذا خارج عن ما نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم . رمي العدو بالنبل ، والمجانيق ، واتخاذهم غرضا
هكذا القول فيما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه نهى أن يقتل شيء من الدواب صبرا - وقد علمنا : أن نحر الإبل ، وذبح الحيوان ، والقتل بالسيف في القصاص : كل ذلك قتل صبر ، وكل ذلك خارج عن قتل الصبر المنهي عنه وهكذا سائر وجوه القصاص التي أمر الله تعالى به ، ولا فرق .
وذكروا - ما روينا من طريق أبي داود أنا زياد بن أيوب أنا عن هشيم عن سماك إبراهيم عن هنيء بن نويرة عن علقمة عن قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { ابن مسعود } . أعف الناس قتلة أهل الإيمان
قال رضي الله عنه : هذا وإن لم يصح لفظه ، فإن فيه أبو محمد هنيء بن نويرة - وهو مجهول - فمعناه صحيح ، ولا أعف قتلة ممن قتل كما أمره الله عز وجل فاعتدى بمثل ما اعتدى المقتص منه على وليه ظلما ، وما أعف قط في قتلة من ضرب عنق من لم يضرب عنق وليه ، بل هو معتد ، ظالم ، فاعل ما لم يبحه الله تعالى قط .
وموهوا أيضا - بما روينا من طريق إسماعيل بن إسحاق القاضي أنا حجاج بن المنهال أنا عن صالح المري سليمان التيمي عن أبي عثمان عن { أبي هريرة حمزة رضي الله عنه حين استشهد ، فذكر كلاما - وفيه : أنه عليه الصلاة والسلام قال : والله ، مع ذلك ، لأمثلن بسبعين منهم مكانك ، فنزل جبريل صلى الله عليه وسلم ورسول الله صلى الله عليه وسلم واقف بعد بخواتيم سورة النحل { وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به } } . أن رسول [ ص: 265 ] الله صلى الله عليه وسلم وقف على
قال رضي الله عنه : هذا لو صح ولم يكن من طريق أبو محمد ، صالح المري ويحيى الحماني ، وأمثالهما : لكان حجة لنا عليهم ; لأن فيه : أنه عليه الصلاة والسلام أمر أن يعاقب بمثل ما عوقب به - وهذه إباحة التمثيل بمن مثل بحمزة - رضي الله عنه - فإنما نهاه الله عز وجل عن أن يمثل بسبعين منهم لم يمثلوا بحمزة - وهذا قولنا لا قولهم .
قال رضي الله عنه : وموهوا بخبر ساقط موضوع ، وهو - : ما روي من طريق أبو محمد عن أسد بن موسى سليمان بن حيان عن يحيى بن أبي أنيسة عن عن أبي الزبير { جابر } . أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أن يستأنى بالجراح سنة
وأسد ضعيف ، ويحيى بن أبي أنيسة كذاب .
ثم هم أول مخالف لهذا الخبر ; لأنهم لا يرون الاستيفاء بالجراح سنة ، فكيف يستحل مسلم ، أو من له حياء : أن يحتج بشيء هو أول مبطل له ، وأول من لا يرى العمل بما فيه ؟ وبحديث من طريق عن ابن المبارك عنبسة بن سعيد عن الشعبي عن عن النبي صلى الله عليه وسلم { جابر } . لا يستقاد من الجرح حتى يبرأ
قال رضي الله عنه : هذا باطل ; لأن أبو محمد عنبسة هذا مجهول - وليس هو عنبسة بن سعيد بن العاص ; لأن لم يدركه ، بل قد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم خلاف هذا . ابن المبارك
[ ص: 266 ] كما أنا أحمد بن محمد بن الجسور قال : أنا نا وهب بن مسرة أنا ابن وضاح أنا أبو بكر بن أبي شيبة عن إسماعيل ابن علية عن أيوب السختياني عمرو بن دينار عن قال { جابر بن عبد الله } . : إن رجلا طعن رجلا بقرن في ركبته فأتى النبي صلى الله عليه وسلم يستقيد ؟ فقيل له : حتى تبرأ ، فأبى وعجل فاستقاد ، فعنتت رجله وبرئت رجل المستقاد منه ، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقيل له : ليس لك شيء إنك أبيت
فصح أن إلى المجني عليه ، فهذا ما موهوا به من الأخبار . تعجيل القود أو تأخيره
واحتجوا من طريق النظر بأن قالوا : وجدنا من قطع يد آخر خطأ أنه إن برئ فله دية اليد ، وإن مات فله دية النفس ويسقط حكم اليد ، فوجب أن يكون العمد كذلك قياسا على الخطأ ؟ قال رضي الله عنه : القياس كله باطل ، ثم لو صح لكان هذا منه عين الباطل ; لأن القياس عند القائلين به لا يجوز إلا على نظيره ، لا على خلافه وضده ، والعمد ضد الخطأ ، فلا يجوز أن يقاس عليه عند من يقول بالقياس ، فكيف والقياس كله باطل ؟ وقالوا : يلزمكم إن رمى إنسان آخر بسهم فقتله أن ترموه بسهم ، فإن لم يمت فبآخر ، ثم بآخر - وكذلك إن أجافه أن يوالي عليه بالجوائف حتى يموت - وهذا أكثر مما فعل ، وهذا لا يجوز ؟ فقلنا : هذا تمويه فاسد ، وكلام محال ، بل يطعن بسهم مثله ، في الموضع الذي صادف فيه سهمه ظلما حتى يموت ، وكذلك يجاف بجائفة موقن أنه يموت منها - ولا فرق . أبو محمد
ثم نعكس عليهم هذا السؤال ، فنقول لهم : إن ضرب بالسيف في عنقه فلم يقطع ، أو قطع قليلا فأعيد عليه مرارا - وهذا أشد مما قلتم وأمكن - فهو أمر مشاهد يقع كثيرا جدا .
[ ص: 267 ] وقالوا : أرأيتم إن استدبره بالأوتار ؟ فقلنا : يستدبره بمثلها ، وما ذلك على الله بعزيز .
فقالوا : فإن نكحه حتى يموت ؟ قلنا : يستدبره بوتد حتى يموت ; لأن المثل محرم عليه - وبالله تعالى التوفيق .