2033 - مسألة : قول المتأخرين في جناية على عضو بطل منه عضو آخر  ؟ قال  علي    : قال  أبو حنيفة    : إذا شج آخر موضحة فذهبت عيناه ، أو قطعت أصبعه فشلت أصبع له أخرى ، أو قطعت إحدى يديه فشلت الأخرى - أيتهما كانت - أو قطعت أصبعه فشلت يده ، أو قطع بعض أصبعه فبطلت الأصبع كلها ، أو شجه موضحة فصارت منقلة ، فلا قصاص في شيء من ذلك ، وعليه الأرش . 
وقال  أبو يوسف   ومحمد بن الحسن  صاحباه : مثل هذا في العضو الواحد كالموضحة تصير منقلة ، أو قطع أنملة فشلت أصبعه ، قالا : وأما إذا شج موضحة فبطلت عينه ، أو قطع أصبعه فبطلت أصبع أخرى ، أو يد أخرى ، فعليه القصاص في الأولى ، وعليه الأرش في الأخرى . 
وقد روي عن  أبي يوسف  ،  ومحمد  ،  وأبي حنيفة  أيضا : أنه إن قطع له أنملة فسقطت من المفصل أصبعه ، أو يده كلها من المفصل أو كسر بعض سنه فسقطت السن كلها : كان القصاص في السن كلها ، وفي جميع اليد ، وفي جميع الأصابع ، وأنه إن قطع أصبعه فسقطت الكف من نصف الساعد وبرئ فلا قصاص له ، كأنه ابتدأ قطعها من نصف الساعد . 
وفرقوا بين الشلل والسقوط . 
وقال  عثمان البتي    : إذا فقأ عينه عمدا فذهبت العين الأخرى اقتص منه وفقئت عينا الفاقئ جميعا  [ ص: 42 ] وقال  مالك  إذا قطع أصبعه فشلت يده فعليه القصاص من الأصبع ، وله الأرش في اليد - ويجتمع في قوله العقل والقصاص جميعا في عضو واحد . 
وقال  الشافعي    : إن قطع إحدى أنثييه فذهبت الأخرى اقتص منه في التي قطع ، وعليه الدية في الأخرى . 
قال  أبو محمد    : الحكم في هذا كله ما تيقن أنه تولد من جناية العمد فبالضرورة ندري أنه كله جناية عمد وعدوان ، فالواجب في ذلك القود أو المفاداة ، سواء في ذلك النفس وما دونها . 
والعجب كله أنهم كلهم أصحاب قياس - بزعمهم - وهم لا يختلفون في أن من قطع أصبع آخر فمات منها  ، فإن عليه القود في النفس ، ثم يمنع - من منع منهم - فيمن قطع أصبع آخر فذهبت كفه منها : أن يقاد منه في الكف - فهل في التناقض أفحش من هذا ؟ وأما إذا أمكن أن تتولد الجناية الأخرى من غير الأولى فلا شيء فيها ، لا قود ولا غيره ، مثل أن يقطع له يدا فتشل له الأخرى ، فهذا إن لم يتيقن أنه تولد من الجناية الأولى فلسنا على يقين من وجوب شيء على الجاني ، وإذا لم نكن على يقين من أنه يلزمه شيء فلا يجوز أن يلزم شيئا ، لا في بشرته ولا في ماله ، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم { إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم وأبشاركم عليكم حرام   } . 
قال  علي    : وكان في أصحابنا فتى اسمه : يبقى بن عبد الملك  ضربه معلمه في صباه بقلم في خده فيبست عينه ، فهذا عمد يوجب القود ، لأن الضربة كانت في العصبة المتصلة بالناظر - وبالله تعالى التوفيق . 
				
						
						
