611 - مسألة : ويصلى على كل مسلم ، بر ، أو فاجر  ، مقتول في حد ، أو في حرابة ، أو في بغي ، ويصلي عليهم الإمام ، وغيره - ولو أنه شر من على ظهر الأرض ، إذا مات مسلما لعموم أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقوله { صلوا على صاحبكم   } والمسلم صاحب لنا . قال تعالى : { إنما المؤمنون إخوة    } . 
وقال تعالى : { والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض    } . 
فمن منع من الصلاة على مسلم فقد قال قولا عظيما ، وإن الفاسق لأحوج إلى دعاء إخوانه المؤمنين من الفاضل المرحوم ؟ 
وقال بعض المخالفين : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يصل على " ماعز    " ؟ قلنا : نعم ، ولم نقل إن فرضا على الإمام أن يصلي على من رجم ، إنما قلنا : له أن يصلي عليه كسائر الموتى ، وله أن يترك كسائر الموتى ، ولا فرق - وقد أمرهم عليه السلام بالصلاة عليه ، ولم يخص بذلك من لم يرجمه ممن رجمه وقد روينا من طريق أحمد بن شعيب     : أنا عبيد الله بن سعيد  نا  يحيى هو ابن سعيد القطان -  عن  يحيى بن سعيد الأنصاري  عن  محمد بن يحيى بن حبان  عن أبي عمرة  عن زيد بن خالد الجهني  ، قال { مات رجل بخيبر  ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : صلوا  [ ص: 400 ] على صاحبكم ، إنه قد غل في سبيل الله ، قال : ففتشنا متاعه ، فوجدنا خرزا من خرز يهود  ، لا يساوي درهمين   } . 
قال  أبو محمد    : وهؤلاء الحنفيون ، والمالكيون - المخالفون لنا في هذا المكان - لا يرون امتناع النبي صلى الله عليه وسلم من الصلاة على الغال حجة في المنع من أن يصلي الإمام على الغال ، فمن أين وجب عندهم أن يكون تركه عليه السلام أن يصلي على " ماعز    " حجة في المنع من أن يصلي على المرجوم الإمام ؟ وكلاهما ترك وترك إن هذا لعجب فكيف وقد صح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى على من رجم ؟ - : كما روينا من طريق أحمد بن شعيب     : أنا إسماعيل بن مسعود  نا  خالد هو ابن الحارث -  نا  هشام هو الدستوائي -  عن  يحيى هو ابن أبي كثير    - عن  أبي قلابة  عن أبي المهلب  عن  عمران بن الحصين    { أن امرأة من جهينة  أتت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : إني زنيت - وهي حبلى - فدفعها إلى وليها ، وقال له : أحسن إليها ، فإذا وضعت فأتني بها ، فأمر بها فشكت عليها ثيابها ، ثم رجمها ، ثم صلى عليها ، فقال له  عمر    : تصلي عليها وقد زنت ؟ قال : لقد تابت توبة لو قسمت بين سبعين من أهل المدينة  لوسعتهم ، وهل وجدت أفضل من أن جادت بنفسها   } . 
فقد صلى عليه السلام على من رجم فإن قيل : تابت ؟ قلنا : و " ماعز    " تاب أيضا ولا فرق 
والعجب كله من منعهم الإمام من الصلاة على من أمر برجمه ، ولا يمنعون المتولين للرجم من الصلاة عليه : فأين القياس لو دروا ما القياس ؟  [ ص: 401 ] وروينا عن  علي بن أبي طالب    : أنه إذ رجم شراحة الهمدانية  قال لأوليائها : اصنعوا بها كما تصنعون بموتاكم ؟ وصح عن  عطاء  أنه يصلى على ولد الزنى ، وعلى أمه ، وعلى المتلاعنين ، وعلى الذي يقاد منه ، وعلى المرجوم ، والذي يفر من الزحف فيقتل . قال  عطاء    : لا أدع الصلاة على من قال لا إله إلا الله . قال تعالى : { من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم    } قال  عطاء    : فمن يعلم أن هؤلاء من أصحاب الجحيم ؟ قال  ابن جريج    : فسألت عمرو بن دينار  فقال : مثل قول  عطاء  
وصح عن  إبراهيم النخعي  أنه قال : لم يكونوا يحجبون الصلاة عن أحد من أهل القبلة ، والذي قتل نفسه يصلى عليه . وأنه قال : السنة أن يصلى على المرجوم . 
فلم يخص إماما من غيره ؟ وصح عن  قتادة    : صل على من قال : لا إله إلا الله ، فإن كان رجل سوء جدا فقل : اللهم اغفر للمسلمين ، والمسلمات ، والمؤمنين ، والمؤمنات - ما أعلم أحدا من أهل العلم اجتنب الصلاة على من قال : لا إله إلا الله ؟ 
وصح عن  ابن سيرين    : ما أدركت أحدا يتأثم من الصلاة على أحد من أهل القبلة . 
وصح عن الحسن  أنه قال : يصلى على من قال لا إله إلا الله وصلى إلى القبلة ، إنما هي شفاعة ؟ 
ومن طريق  وكيع  عن أبي هلال  عن أبي غالب  قلت  لأبي أمامة الباهلي    : الرجل يشرب الخمر ، أيصلى عليه ؟ قال : نعم ، لعله اضطجع مرة على فراشه فقال : لا إله إلا الله ، فغفر له ؟ 
وعن  ابن مسعود    : أنه سئل عن رجل قتل نفسه : أيصلى عليه ؟  [ ص: 402 ] فقال : لو كان يعقل ما قتل نفسه 
وصح عن الشعبي    : أنه قال في رجل قتل نفسه : ما مات فيكم مذ كذا وكذا أحوج إلى استغفاركم منه ؟ وقد روينا في هذا خلافا من طريق  عبد الرزاق  عن أبي معشر  عن محمد بن كعب  عن  ميمون بن مهران  ، أنه شهد  ابن عمر  صلى على ولد زنى ، فقيل له : إن  أبا هريرة  لم يصل عليه ، وقال : هو شر الثلاثة ؟ فقال  ابن عمر    : هو خير الثلاثة 
وقد روينا من طريق  وكيع  عن الفضيل بن غزوان  عن  نافع  عن  ابن عمر    : أنه كان لا يصلي على ولد زنى ، صغير ولا كبير 
ومن طريق  عبد الرزاق  عن  معمر  عن الزهري  أنه قال له : لا يصلى على المرجوم ، ويصلى على الذي يقاد منه ، إلا من أقيد منه في رجم - فلم يخص الزهري  إماما من غيره 
وأما الصلاة على أهل المعاصي  فما نعلم لمن منع من ذلك سلفا من صاحب ، أو تابع في هذا القول ؟ 
وقولنا هذا هو قول سفيان  ،  وابن أبي ليلى  ،  وأبي حنيفة  ،  والشافعي  ،  وأبي سليمان  ؟ قال  أبو محمد    : لقد رجانا الله تعالى في العفو والجنة حتى نقول قد فزنا . 
ولقد خوفنا عز وجل حتى نقول : قد هلكنا ، إلا أننا على يقين من أن لا خلود على مسلم في النار - وإن لم يفعل خيرا قط غير شهادة الإسلام بقلبه ولسانه ، ولا امتنع من شر قط غير الكفر ، ولعله قد تاب من هذه صفته قبل موته ، فسبق المجتهدين ، أو لعل له حسنات لا نعلمها تغمر سيئاته 
فمن صلى على من هذه صفته ، أو على ظالم للمسلمين متبلغ فيهم ، أو على من له قبله مظالم لا يريد أن يغفرها له - : فليدع له كما يدعو لغيره ، وهو يريد بالمغفرة والرحمة ما يئول إليه أمره بعد القصاص ، وليقل : اللهم خذ لي بحقي منه 
				
						
						
