638 - مسألة : ، ولا تؤخذ من كافر . [ ص: 4 ] قال الله عز وجل : { والزكاة فرض على الرجال والنساء الأحرار منهم والحرائر والعبيد ، والإماء ، والكبار والصغار ، والعقلاء ، والمجانين من المسلمين وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة }
فهذا خطاب منه تعالى لكل بالغ عاقل ، من حر ، أو عبد ، ذكر أو أنثى : لأنهم كلهم من الذين آمنوا .
وقال تعالى : { خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها } فهذا عموم لكل صغير وكبير ، وعاقل ومجنون ، وحر وعبد ; لأنهم كلهم محتاجون إلى طهرة الله تعالى لهم وتزكيته إياهم ، وكلهم من الذين آمنوا : حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله الهمداني ثنا إبراهيم بن أحمد ثنا الفربري ثنا ثنا البخاري عن أبو عاصم الضحاك بن مخلد عن زكرياء بن إسحاق يحيى بن عبد الله بن صيفي عن أبي معبد عن : { ابن عباس إلى معاذا اليمن فقال : ادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله ، فإن هم أطاعوا لذلك ، فأعلمهم أن الله قد افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة فإن هم أطاعوا لذلك ، فأعلمهم بأن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم ، تؤخذ من أغنيائهم ، وترد في فقرائهم } . أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث
فهذا عموم لكل غني من المسلمين ، وهذا يدخل فيه الصغير والكبير والمجنون والعبد والأمة إذا كانوا أغنياء .
وقد اختلف الناس في هذا - : فأما ، أبو حنيفة فقالا : زكاة مال العبد على سيده ; لأن مال العبد لسيده ، ولا يملكه العبد . قال والشافعي : أما هذان فقد وافقا أهل الحق في وجوب الزكاة في مال العبد ، وإنما الخلاف بيننا وبينهم في : هل يملك العبد ماله أم لا ؟ وليس هذا مكان الكلام في [ ص: 5 ] هذه المسألة ; وحسبنا أنهما متفقان معنا في أن الزكاة واجبة في مال العبد . وقال أبو محمد : لا تجب الزكاة في مال العبد ، لا عليه ولا على سيده . وهذا قول فاسد جدا ، لخلافه القرآن والسنن ، وما نعلم لهم حجة أصلا ، إلا أن بعضهم قال : العبد ليس بتام الملك . فقلنا : أما تام الملك فكلام لا يعقل . لكن مال العبد لا يخلو من أحد أوجه ثلاثة لا رابع لها - : مالك
إما أن يكون للعبد ، وهذا قولنا ، وإذا كان له فهو مالكه ، وهو مسلم ، فالزكاة عليه كسائر المسلمين ولا فرق .
وإما أن يكون لسيده كما قال ، أبو حنيفة ، فيزكيه سيده ; لأنه مسلم ; وكذلك إن كان لهما معا . والشافعي
وإما أن يكون لا للعبد ولا للسيد ; فإن كان ذلك . فهو حرام على العبد وعلى السيد ; وينبغي أن يأخذه الإمام ، فيضعه حيث يضع كل مال لا يعرف له رب . وهذا لا يقولون به ، لا سيما مع تناقضهم في إباحتهم للعبد أن يتسرى بإذن سيده ; فلولا أنه عندهم مالك لماله لما حل له وطء فرج لا يملكه أصلا ، ولكان زانيا ، قال الله تعالى : { والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون }
فلو لم يكن العبد مالكا ملك يمينه لكان عاديا إذا تسرى .
وهم يرون الزكاة على : السفيه ، والمجنون ، ولا ينفذ أمرهما في أموالهما ; فما الفرق بين هذا وبين مال العبد . وموه بعضهم بأنه صح الإجماع على أنه لا زكاة في مال المكاتب . فقلنا : هذا الباطل ، وما روي إسقاط إلا عن أقل من عشرة من بين صاحب وتابع ; وقد صح عن كثير من الزكاة عن مال المكاتب السلف من الصحابة والتابعين رضي الله عنهم : أن المكاتب : عبد ما بقي عليه درهم .
وصح إيجاب الزكاة في مال العبد عن بعض الصحابة ; فالزكاة على هذا القول واجبة في مال المكاتب . [ ص: 6 ] وهذا مكان تناقض فيه ، أبو حنيفة ، فقالا : لا زكاة في مال المكاتب . واحتجا بأنه لم يستقر عليه ملك بعد - : قال والشافعي : وهذا باطل ; لأنهما مجمعان مع سائر المسلمين على أنه لا يحل لأحد أن يأخذ من مال المكاتب فلسا بغير إذنه ، أو بغير حق واجب ; وأن ماله بيده يتصرف فيه بالمعروف ، من نفقة على نفسه ، وكسوة ، وبيع وابتياع ، تصرف ذي الملك في ملكه ; فلولا أنه ماله وملكه ما حل له شيء من هذا كله فيه . وهم كثيرا يعارضون السنن بأنها خلاف الأصول ، كقولهم في حديث المصراة وحديث العتق في الستة الأعبد بالقرعة وحديث اليمين مع الشاهد ، وغير ذلك ، فليت شعري . في أي الأصول وجدوا مالا محكوما به لإنسان ممنوعا منه كل أحد سواه مطلقة عليه يده في بيع وابتياع ونفقة وكسوة وسكنى - ; وهو ليس له . أم في أي سنة وجدوا هذا . أم في أي القرآن . أم في غير قياس ؟ وممن رأى الزكاة في مال المكاتب : أبو محمد ، وغيره . والعجب أن أبو ثور ; أبا حنيفة : مجمعان على أن المكاتب ، عبد ما بقي عليه درهم ; فمن أين أسقطا الزكاة عن ماله دون مال غيره من العبيد . والشافعي
وأيضا - فمن أين وقع لهم أن يفرقوا بين مال المكاتب ، ومال العبد ؟ ولا بد من أحد أمرين - : إما أن يعتق المكاتب ، فماله له وزكاته عليه ، وإما أن يرق ، فماله - قبل وبعد - كان عندهما لسيده ; فزكاته على السيد وشغب بعضهم بروايات رويت عن ، وابنه ، عمر بن الخطاب رضي الله عنهم : لا زكاة في مال العبد ، والمكاتب . قال وجابر بن عبد الله : أما الحنفيون والشافعيون فقد خالفوا هذه الروايات ، فرأوا الزكاة في مال العبد - ومن الباطل أن يكون قول من ذكرنا بعضه حجة وبعضه خطأ ; فهذا هو التحكم في دين الله تعالى بالباطل . أبو محمد
[ ص: 7 ] وأما المالكيون فيقال لهم : قد خالف من ذكرنا ما هو أصح من تلك الروايات - : حدثنا عبد الله بن ربيع ثنا عبد الله بن محمد بن عثمان ثنا ثنا أحمد بن خالد ثنا علي بن عبد العزيز الحجاج بن المنهال ثنا يزيد بن إبراهيم هو التستري - ثنا حدثني محمد بن سيرين جابر الحذاء قال : سألت قلت : على المملوك زكاة . قال : أليس مسلما . قلت : بلى ; قال : فإن عليه في كل مائتين خمسة فما زاد فبحساب ذلك - : حدثنا ابن عمر يوسف بن عبد الله ثنا أحمد بن محمد بن الجسور ثنا ثنا قاسم بن أصبغ مطرف بن قيس ثنا ثنا يحيى بن بكير عن مالك عن نافع : أنه كان يقول : المكاتب عبد ما بقي عليه درهم . ابن عمر
فالزكاة في قول على المكاتب . وقد صح عن ابن عمر أنه قال : لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة ، فإن الزكاة حق المال ؟ قال أبي بكر الصديق : وهم مجمعون على أن الصلاة واجبة على العبد والمكاتب . والنص قد جاء بالجمع بينهما على كل مؤمن على ما أوجبهما النص - : أبو محمد
حدثنا عبد الله بن ربيع ثنا عبد الله بن محمد بن عثمان ثنا ثنا أحمد بن خالد ثنا علي بن عبد العزيز الحجاج بن المنهال ثنا عن حماد بن سلمة عن يونس بن عبيد : أنه قال : في مال العبد ، قال : يزكيه العبد . الحسن البصري
وبه إلى عن حماد بن سلمة قيس هو ابن سعد - عن : أنه قال في زكاة مال العبد ، قال : يزكيه المملوك . عطاء بن أبي رباح
حدثنا حمام ثنا ثنا ابن مفرج ثنا ابن الأعرابي الدبري ثنا عن عبد الرزاق أخبرني ابن جريج ابن حجير : أن كان يقول : في مال العبد زكاة - : حدثنا طاوسا حمام ثنا عبد الله بن محمد بن علي الباجي ثنا عبد الله بن يونس المرادي ثنا [ ص: 8 ] بقي بن مخلد ثنا ثنا أبو بكر بن أبي شيبة عن عبد الرحمن بن مهدي زمعة عن عن أبيه قال : في مال العبد زكاة ؟ وبه إلى عبد الله بن طاوس : ثنا أبي بكر بن أبي شيبة غندر عن عثمان بن غياث عن عكرمة أنه سئل عن العبد هل عليه زكاة ؟ قال : هل عليه صلاة ؟ : وقد روينا نحو هذا عن ، سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب ; وهو قول وابن أبي ذئب وأصحابنا ؟ أبي سليمان
قال : وكم قصة خالفوا فيها أبو محمد ، عمر بن الخطاب ، كقولهما جميعا في صدقة الفطر : مدان من قمح أو صاع من شعير . وغير ذلك كثير . وجابر بن عبد الله
وأما مال الصغير ، والمجنون ; فإن ، مالكا قالا بقولنا ؟ وهو قول والشافعي ، وابنه عمر بن الخطاب عبد الله وأم المؤمنين عائشة ، وجابر ، وابن مسعود وغيره . وعطاء
وقال : لا زكاة في أموالهما من الناض والماشية خاصة ، والزكاة واجبة في ثمارهما وزروعهما ؟ ولا نعلم أحدا تقدمه إلى هذا التقسيم . أبو حنيفة
وقال ، الحسن البصري : لا زكاة في ذهبه وفضته خاصة - وأما الثمار والزروع والمواشي ففيها الزكاة ؟ وأما وابن شبرمة ، إبراهيم النخعي ، فقالا : لا زكاة في ماله جملة . وشريح
قال : وقول أبو محمد أسقط كلام وأغثه ؟ ليت شعري ما الفرق بين زكاة الزرع والثمار وبين زكاة الماشية والذهب والفضة ؟ فلو أن عاكسا عكس قولهم ، فأوجب الزكاة في ذهبهما وفضتهما وماشيتهما وأسقطها عن زرعهما وثمرتهما ، أكان يكون بين التحكمين فرق في الفساد ؟ أبي حنيفة
قال : إن موه مموه منهم بأنه لا صلاة عليهما ؟ [ ص: 9 ] قيل له : قد تسقط الزكاة عمن لا مال له ولا تسقط عنه الصلاة ؟ وإنما تجب الصلاة والزكاة على العاقل البالغ ذي المال الذي فيه الزكاة ; فإن سقط المال : سقطت الزكاة ، ولم تسقط الصلاة ; وإن سقط العقل أو البلوغ : سقطت الصلاة ولم تسقط الزكاة ; لأنه لا يسقط فرض أوجبه الله تعالى أو رسوله صلى الله عليه وسلم إلا حيث أسقطه الله تعالى أو رسوله صلى الله عليه وسلم . أبو محمد
ولا يسقط فرض من أجل سقوط فرض آخر بالرأي الفاسد ، بلا نص قرآن ولا سنة .
وأيضا : فإن أسقطوا الزكاة عن مال الصغير والمجنون ; لسقوط الصلاة عنهما ، ولأنهما لا يحتاجان إلى طهارة فليسقطاها بهذه العلة نفسها من زرعهما وثمارهما ولا فرق ; وليسقطا أيضا عنهما زكاة الفطر بهذه الحجة ، فإن قالوا : النص جاء بزكاة الفطر على الصغير ؟ قلنا : والنص جاء بها على العبد ، فأسقطتموها عن رقيق التجارة بآرائكم ، وهذا مما تركوا فيه القياس ، إذ لم يقيسوا زكاة الماشية والناض على زكاة الزرع ، والفطر أو فليوجبوها على المكاتب ; لوجوب الصلاة عليه ، ولا فرق - : وقد قال بعضهم : حق واجب في الأرض ، يجب بأول خروجهما - : قال زكاة الزرع والثمرة : وقد كذب هذا القائل ولا فرق بين وجوب حق الله تعالى في الزكاة في الذهب والفضة والمواشي من حين اكتسابها إلى تمام الحول وبين وجوبه في الزرع والثمار من حين ظهورها إلى حلول وقت الزكاة فيها ، والزكاة ساقطة بخروج كل ذلك عن يد مالكه قبل الحول ، وقبل حلول وقت الزكاة في الزرع والثمار . أبو محمد
وإنما الحق على صاحب الأرض لا على الأرض ، ولا شريعة على أرض أصلا ، إنما هي على صاحب الأرض . قال الله تعالى : { إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا } فظهر كذب هذا القائل وفساد قوله .
وأيضا : فلو كانت الزكاة على الأرض لا على صاحب الأرض لوجب أخذها في [ ص: 10 ] مال الكافر من زرعه وثماره ، فظهر فساد قولهم وبالله تعالى التوفيق .
ولا خلاف في وجوب الزكاة على النساء كهي على الرجال .
وهم مقرون بأنها قد تكون أرضون كثيرة لا حق فيها من زكاة ولا من خراج كأرض مسلم جعلها قصبا وهي تغل المال الكثير ، أو تركها لم يجعل فيها شيئا ، وكأرض ذمي صالح على جزية رأسه فقط ؟ وقد قال ، سفيان الثوري ، والحسن البصري ، وأشهب : إن والشافعي فلا خراج فيها ولا عشر . الخراجي الكافر إذا ابتاع أرض عشر من مسلم
وقد صح أن اليهود والنصارى والمجوس بالحجاز واليمن والبحرين كانت لهما أرضون في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ولا خلاف بين أحد من الأمة في أنه لم يجعل عليه السلام فيها عشرا ولا خراجا . فإن ذكروا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم { } ؟ قلنا : فأسقطوا عنهما بهذه الحجة زكاة الزرع والثمار ، وأروش الجنايات ، التي هي ساقطة بها بلا شك ، وليس في سقوط القلم سقوط حقوق الأموال ، وإنما فيه سقوط الملامة ، وسقوط فرائض الأبدان فقط ، وبالله تعالى التوفيق . رفع القلم عن ثلاثة فذكر الصبي حتى يبلغ ، والمجنون حتى يفيق
فإن قالوا لا نية لمجنون ، ولا لمن لم يبلغ ، والفرائض لا تجزئ إلا بنية ؟
قلنا : نعم ، وإنما أمر بأخذها الإمام والمسلمون ، بقوله تعالى : { خذ من أموالهم صدقة } فإذا أخذها من أمر بأخذها بنية أنها الصدقة أجزأت عن الغائب ، والمغمى عليه والمجنون والصغير ، ومن لا نية له ؟ والعجب أن المحفوظ عن الصحابة رضي الله تعالى عنهم إيجاب - : [ ص: 11 ] روينا من طريق الزكاة في مال اليتيم : ثنا أحمد بن حنبل - عن سفيان هو ابن عيينة ، عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق ، وأيوب السختياني أنهم كلهم سمعوا ويحيى بن سعيد الأنصاري القاسم بن أبي بكر الصديق يقول : كانت عائشة تزكي أموالنا ونحن أيتام في حجرها ; زاد يحيى : وإنه ليتجر بها في البحر .
ومن طريق : ثنا أحمد بن حنبل ثنا وكيع القاسم بن الفضل هو الحداني عن عن معاوية بن قرة الحكم بن أبي العاص الثقفي قال قال لي : إن عندي مال يتيم قد كادت الصدقة أن تأتي عليه عمر بن الخطاب
ومن طريق عبد الرزاق ومحمد بن بكر قالا : أخبرنا أخبرني ابن جريج أنه سمع أبو الزبير يقول في الرجل يلي مال اليتيم ، قال : يعطي زكاته جابر بن عبد الله
ومن طريق عن سفيان الثوري عن حبيب بن أبي ثابت عبيد الله بن أبي رافع قال : باع أرضا لنا بثمانين ألفا ، وكنا يتامى في حجره ; فلما قبضنا أموالنا نقصت . فقال : إني كنت أزكيه علي بن أبي طالب
وعن قال : احص ما في مال اليتيم من زكاة ، فإذا بلغ ، فإن آنست منه رشدا فأخبره ، فإن شاء زكى وإن شاء ترك ؟ وهو قول ابن مسعود ، عطاء ، وجابر بن زيد ، وطاوس ، ومجاهد والزهري ، وغيرهم ، وما نعلم لمن ذكرنا مخالفا من الصحابة إلا رواية ضعيفة عن ; فيها ابن عباس ابن لهيعة
وقد حدثنا حمام عن عن ابن مفرج عن ابن الأعرابي الدبري عن عن عبد الرزاق قال قال ابن جريج قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { يوسف بن ماهك } [ ص: 12 ] والحنفيون يقولون : المرسل كالمسند ، وقد خالفوا هاهنا المرسل وجمهور الصحابة رضي الله عنهم ابتغوا في مال اليتيم لا تأكله الزكاة