642 - مسألة : ; والوسق ستون صاعا ; والصاع أربعة أمداد بمد النبي صلى الله عليه وسلم . ولا زكاة في تمر ، ولا بر ، ولا شعير : حتى يبلغ ما يصيبه المرء الواحد من الصنف الواحد منها خمسة أوسق
والمد من رطل ونصف إلى رطل وربع على قدر رزانة المد وخفته ، وسواء زرعه في أرض له أو في أرض لغيره بغصب أو بمعاملة جائزة ، أو غير جائزة ، إذا كان النذر غير مغصوب ، سواء أرض خراج كانت أو أرض عشر .
وهذا قول جمهور الناس ، وبه يقول : ، مالك ، والشافعي ، وأحمد وقال وأبو سليمان : يزكى ما قل من ذلك وما كثر ، فإن أبو حنيفة فلا زكاة فيما أصيب فيها ، فإن كانت الأرض مستأجرة فالزكاة على رب الأرض لا على الزارع ، فإن كان في أرض مغصوبة ، فإن قضي لصاحب الأرض بما نقصها الزرع فالزكاة على [ ص: 48 ] صاحب الأرض ، وإن لم يقض له بشيء فالزكاة على الزارع - قال : والمد رطلان . فهذه خمسة مواضع خالف فيها الحق في هذه المسألة وقد ذكرنا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم { كان في أرض خراج } . وتعلق ليس فيما دون خمسة أوسق من حب أو ثمر صدقة بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم { أبو حنيفة } . فيما سقت السماء العشر
وأخطأ في هذا ، لأنه استعمل هذا الخبر وعصى الآخر وهذا لا يحل ، ونحن أطعنا ما في الخبرين جميعا ، وهو قد خالف هذا الخبر أيضا ، إذ خص مما سقت السماء كثيرا برأيه ، كالقصب ، والحطب ، والحشيش ، وورق الشجر وما أصيب في أرض الخراج ، ولم ير أن يخصه بكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وأيضا فإنه كلف من ذلك ما لا يطاق كما قدمنا وخص من ذلك برأيه ما أصيب في عرصات الدور ، وهذه تخاليط لا نظير لها .
وأما فقال : ما كان يحتمل التوسيق فلا زكاة فيه حتى يبلغ خمسة أوسق ، وما كان لا يحتمل التوسيق فالزكاة في قليله وكثيره ، وقد ذكرنا فساد هذا القول قبل . والعجب أن أبو سليمان يزعم أنه صاحب قياس ، وهو لم ير فيما يزكى شيئا قليله وكثيره فهلا قاس الزرع على الماشية والعين . فلا النص اتبع ، ولا القياس طرد . أبا حنيفة
وأما المد فإن وأصحابه احتجوا في ذلك بما رويناه من طريق أبا حنيفة شريك بن عبد الله القاضي عن عبد الله بن عيسى عن عبد الله بن جبر عن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم { أنس بن مالك } ، مع الأثر الصحيح في { ويجزئ في الوضوء رطلان } . وهذا لا حجة فيه ، لأن أنه عليه السلام كان يتوضأ بالمد شريكا مطرح ، مشهور بتدليس المنكرات إلى الثقات ، وقد أسقط حديثه الإمامان : عبد الله بن المبارك ; وتالله لا أفلح من شهدا عليه بالجرحة . ويحيى بن سعيد القطان
ثم لو صح لما كان لهم فيه حجة ; لأنه لا يدل ذلك على أن المد رطلان ، وقد صح { } ، ولا خلاف في أنه عليه السلام لم يكن يعير له الماء [ ص: 49 ] للوضوء بكيل ككيل الزيت لا يزيد ولا ينقص . أيضا - فلو صح لما كان في قوله عليه السلام { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ بثلثي المد } مانع من أن يجزئ أقل ، وهم أول موافق لنا في هذا ، فمن توضأ عندهم بنصف رطل أجزأه ، فبطل تعلقهم بهذا الأثر . واحتجوا بخبر رويناه من طريق يجزئ في الوضوء رطلان موسى الجهني : كنت عند فأتى بإناء يسع ثمانية أرطال تسعة أرطال ، عشرة أرطال ، فقال : قالت مجاهد { عائشة } مع الأثر الثابت { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغتسل بمثل هذا } قال أنه عليه السلام كان يغتسل بالصاع . : وهذا لا حجة فيه ، لأن أبو محمد موسى قد شك في ذلك الإناء من ثمانية أرطال إلى عشرة ، وهم لا يقولون : إن الصاع يزيد على ثمانية أرطال ولا فلسا .
وأيضا - فقد صح { رضي الله عنها جميعا من إناء يسع ثلاثة أمداد وعائشة } ; وأيضا من إناء هو الفرق ، والفرق : اثنا عشر مدا ، وأيضا - بخمسة أمداد ، وأيضا - بخمسة مكاكي . أنه عليه السلام اغتسل هو
وكل هذه الآثار في غاية الصحة ، والإسناد الوثيق الثابت المتصل ، والخمسة مكاكي : خمسون مدا .
ولا خلاف في أنه عليه السلام لم يعير له الماء للغسل بكيل ككيل الزيت ، ولا توضأ واغتسل بإناءين مخصوصين بل قد توضأ في الحضر والسفر بلا مراعاة لمقدار الماء .
هم أول مخالف لهذا التحديد فلا يختلفون في أن امرأ لو اغتسل نصف صاع لأجزأه - فبطل تعلقهم بهذه الآثار الواهية .
واحتجوا بروايتين واهيتين - : [ ص: 50 ] إحداهما - من طريق عن أحمد بن يونس عن زهير بن معاوية أبي إسحاق عن رجل عن : أن القفيز الحجاجي قفيز موسى بن طلحة ، أو صاع عمر . عمر
والأخرى - من طريق عن مجالد الشعبي قال : القفيز الحجاجي - صاع . عمر
وبرواية عن إبراهيم : عيرنا صاع فوجدناه حجاجيا . عمر
وبرواية عن عن الحجاج بن أرطاة الحكم عن إبراهيم { كان صاع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمانية أرطال ، ومده رطلين } .
قال : هذا كله سواء ، وجوده وعدمه . أما حديث أبو محمد فبين موسى بن طلحة أبي إسحاق وبينه من لا يدرى من هو ; ضعيف ، أول من ضعفه ومجالد ، أبو حنيفة وإبراهيم لم يدرك . ثم لو صح كل ذلك لما انتفعوا به ; لأننا لم ننازعهم في صاع عمر رضي الله عنه ولا في قفيزه ، إنما نازعناهم في صاع النبي صلى الله عليه وسلم ولسنا ندفع أن يكون عمر : صاع ، وقفيز ، ومد . رتبه لأهل لعمر العراق لنفقاتهم وأرزاقهم ; كما بمصر الويبة والإردب ; وبالشام المد وكما كان لمروان بالمدينة مد اخترعه ، ولهشام بن إسماعيل مد اخترعه ، ولا حجة في شيء من ذلك .
وأما قول إبراهيم في صاع النبي صلى الله عليه وسلم ومده : فقول إبراهيم ، وقول سواء في الرغبة عنهما إذا خالفا الصواب . أبي حنيفة
وقد روينا من طريق : ثنا البخاري ثنا عثمان بن أبي شيبة القاسم بن مالك المزني ثنا الجعيد بن عبد الرحمن عن قال { السائب بن يزيد عمر بن عبد العزيز } وروينا عن كان الصاع على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مدا وثلثا بمدكم اليوم ، فزيد فيه في زمن أنه قال في مكيلة زكاة الفطر بالمد الأصغر مد رسول الله صلى الله عليه وسلم [ ص: 51 ] وعنه أيضا في زكاة الحبوب والزيتون بالصاع الأول صاع رسول الله صلى الله عليه وسلم . ومن طريق مالك عن مالك قال : كان نافع يعطي زكاة الفطر من رمضان بمد رسول الله صلى الله عليه وسلم المد الأول فصح أن ابن عمر بالمدينة صاعا ، ومدا غير مد النبي صلى الله عليه وسلم . ولو كان صاع هو صاع النبي صلى الله عليه وسلم لما نسب إلى عمر بن الخطاب أصلا دون أن ينسب إلى عمر أبي بكر ، ولا إلى أبي بكر أيضا دون أن يضاف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فصح بلا شك أن مد هشام إنما رتبه هشام ، وأن صاع إنما رتبه عمر . عمر
هذا إن صح أنه كان هنالك صاع يقال له " صاع " فإن صاع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومده منسوبان إليه لا إلى غيره ، باقيان بحسبهما . عمر
وأما حقيقة الصاع الحجاجي الذي عولوا عليه فإننا روينا من طريق عن إسماعيل بن إسحاق مسدد عن عن المعتمر بن سليمان قال : حدثني من سمع الحجاج بن أرطاة يقول : صاعي هذا صاع الحجاج بن يوسف أعطتنيه عجوز عمر بالمدينة . فإن احتجوا برواية عن الحجاج بن أرطاة إبراهيم فروايته هذه حجة عليهم ، وهذا أصل صاع ، فلا كثر ولا طيب ولا بورك في الحجاج ولا في صاعه . الحجاج
وروينا من طريق : ثنا أبي بكر بن أبي شيبة - عن جرير هو ابن عبد الحميد يزيد هو ابن زياد - عن قال : الصاع يزيد على الحجاجي مكيالا . فبطل ما موهوا به من الباطل ووجب الرجوع إلى ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم . عبد الرحمن بن أبي ليلى
كما حدثنا عبد الله بن ربيع ثنا محمد بن معاوية ثنا أحمد بن شعيب أنا - إسحاق هو ابن راهويه ومحمد بن إسماعيل بن علية ، قال إسحاق عن الملائي وقال ابن علية : ثنا - كلاهما عن أبو نعيم هو الفضل بن دكين عن سفيان الثوري حنظلة بن أبي سفيان الجمحي عن عن طاوس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { ابن عمر المدينة ، والوزن على وزن أهل مكة } . المكيال على مكيال أهل [ ص: 52 ]
فلم يسع أحدا الخروج عن مكيال أهل المدينة ومقداره عندهم ، ولا عن موازين أهل مكة ، ووجدنا أهل المدينة " لا يختلف منهم اثنان في أن مد رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي به تؤدى الصدقات ليس أكثر من رطل ونصف ، ولا أقل من رطل وربع " .
وقال بعضهم : رطل وثلث ، وليس هذا اختلافا ; لكنه على حسب رزانة المكيل من البر ، والتمر ، والشعير - : حدثنا حمام ثنا ثنا ابن مفرج ثنا ابن الأعرابي الدبري عن عن عبد الرزاق عن ابن جريج { هشام بن عروة } . أن مد النبي صلى الله عليه وسلم الذي كان يأخذ به الصدقات : رطل ونصف
حدثنا عبد الله بن ربيع ثنا محمد بن إسحاق بن السليم ثنا ثنا ابن الأعرابي أبو داود عن قال : صاع أحمد بن حنبل خمسة أرطال وثلث . ابن أبي ذئب
قال أبو داود : وهو صاع رسول الله صلى الله عليه وسلم .
حدثنا حمام ثنا عباس بن أصبغ ثنا محمد بن عبد الملك بن أيمن ثنا قال : ذكر أبي أنه عير مد النبي صلى الله عليه وسلم بالحنطة فوجدها رطلا وثلثا في البر ، قال : ولا يبلغ من التمر هذا المقدار - : حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل يحيى بن عبد الرحمن بن مسعود ثنا أحمد بن دحيم ثنا ثنا إبراهيم بن حماد قال : دفع إلينا إسماعيل بن إسحاق المد ، وقال هذا مد إسماعيل بن أبي أويس ، وهو على مثال مد النبي صلى الله عليه وسلم فذهبت به إلى السوق ، وخرط لي عليه مد وحملته معي إلى مالك البصرة ، فوجدته نصف كيلجة بكيلجة البصرة ، يزيد على كيلجة البصرة شيئا يسيرا [ ص: 53 ] خفيفا ، إنما هو شبيه بالرجحان الذي لا يقع عليه جزء من الأجزاء ، ونصف كيلجة البصرة هو ربع كيلجة بغداد - فالمد : ربع الصاع ، والصاع مقدار كيلجة بغدادية يزيد الصاع عليها شيئا يسيرا .
قال : وخرط لي مد على تحقيق المد المتوارث عند آل أبو محمد عبد الله بن علي الباجي ، وهو عند أكبرهم لا يفارق داره ، أخرجه إلى ثقتي الذي كلفته ذلك : علي بن عبد الله بن أحمد بن عبد الله بن علي المذكور وذكر أنه مد أبيه وجده وأبي جده أخذه وخرطه على مد ، وأخبره أحمد بن خالد أنه خرطه على مد أحمد بن خالد يحيى بن يحيى ، الذي أعطاه إياه ابنه عبيد الله بن يحيى بن يحيى ، وخرطه يحيى على مد ، ولا أشك أن مالك صححه أيضا على مد أحمد بن خالد محمد بن وضاح الذي صححه ابن وضاح بالمدينة .
قال : ثم كلته بالقمح الطيب ، ثم وزنته فوجدته رطلا واحدا ونصف رطل بالفلفلي ، لا يزيد حبة ، وكلته بالشعير ، إلا أنه لم يكن بالطيب ; فوجدته رطلا واحدا ونصف أوقية . أبو محمد
قال : وهذا أمر مشهور أبو محمد بالمدينة منقول نقل الكافة صغيرهم وكبيرهم ، وصالحهم وطالحهم ، وعالمهم وجاهلهم ، وحرائرهم وإمائهم ، كما نقل أهل مكة موضع الصفا ، والمروة ، والاعتراض على أهل المدينة في صاعهم ومدهم كالمعترض على أهل مكة في موضع الصفا والمروة ولا فرق ، وكمن يعترض على أهل المدينة في القبر والمنبر والبقيع ، وهذا خروج عن الديانة والمعقول .
قال : وبحثت أنا غاية البحث عند كل من وثقت بتمييزه ، فكل اتفق لي على أن دينار الذهب أبو محمد بمكة وزنه : اثنان وثمانون حبة وثلاثة أعشار حبة بالحب من الشعير المطلق ، والدرهم سبعة أعشار المثقال ; فوزن الدرهم المكي سبع وخمسون حبة وستة أعشار حبة وعشر حبة ، فالرطل مائة درهم واحدة وثمانية وعشرون درهما بالدرهم المذكور .
وقد رجع إلى الحق في هذه المسألة إذ دخل أبو يوسف المدينة ووقف على أمداد أهلها . [ ص: 54 ] وقد موه بعضهم بأنه إنما سمي الوسق ; لأنه من وسق البعير .
قال : وهذا طريف في الهوج جدا وليت شعري من له بذلك وهلا قال : لأنه وسق الحمار ، ثم أيضا - فإن الوسق الذي أشار إليه هو عندهم : ستة عشر ربعا بالقرطبي ، وحمل البعير أكثر من هذا المقدار بنحو نصفه . أبو محمد
وأما إسقاطهم ; ففاحش جدا ، وعظيم من القول . الزكاة عما أصيب في أرض الخراج من بر ، وتمر ، وشعير
وإسقاط للزكاة المفترضة . وموهوا في هذا بطوام ، منها : أن قال قائلهم : - إن لم يأخذ الزكاة من أرض الخراج . قال عمر : وهذا تمويه بارد ; لأن أبو محمد رضي الله عنه إنما ضرب الخراج على أهل الكفر ، ولا زكاة تؤخذ منهم . فإن ادعى : أن عمر لم يأخذ الزكاة ممن أسلم من أصحاب أرض الخراج فقد كذب جدا ، ولا يجد هذا أبدا ; ومن ادعى أن عمر أسقط الزكاة عنهم كمن ادعى أنه أسقط الصلاة عنهم ولا فرق . وموه بعضهم بأن ذكر ما قد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله : { - عمر العراق قفيزها ودرهمها ، ومنعت الشام مديها ودينارها ، ومنعت مصر إردبها ودينارها ، وعدتم من حيث بدأتم } شهد على ذلك لحم منعت ودمه ، قالوا : فأخبر عليه السلام بما يجب في هذه الأرضين ، ولم يخبر أن فيها زكاة ; ولو كان فيها زكاة لأخبر بها . قال أبي هريرة : مثل هذا ليس لإيراده وجه ; إلا ليحمد الله تعالى من سمعه على خلاصه من عظيم ما ابتلوا به من المجاهرة بالباطل ، ومعارضة الحق بأغث ما يكون من الكلام . [ ص: 55 ] وليت شعري في أي معقول وجدوا أن كل شريعة لم تذكر في هذا الحديث فهي ساقطة . وهل يقول هذا من له نصيب من التمييز . وهل بين من أسقط الزكاة - لأنها لم تذكر في هذا الخبر - فرق ، وبين من أسقط الصلاة والحج لأنهما لم يذكرا في هذا الخبر . وحتى لو صح لهم : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قصد بهذا الخبر ذكر ما يجب في هذه الأرضين - ومعاذ الله من أن يصح هذا فهو الكذب البحت على رسول الله صلى الله عليه وسلم لما كان في ذلك إسقاط سائر حقوق الله تعالى عن أهلها . أبو محمد
وليس في الدنيا حديث انتظم ذكر جميع الشرائع أولها عن آخرها ، نعم ، ولا سورة أيضا .
وإنما قصد عليه السلام في هذا الحديث الإنذار بخلاء أيدي المفتتحين لهذه البلاد من أخذ طعامها ودراهمها ودنانيرها فقط ; وقد ظهر ما أنذر به عليه السلام .
ومن الباطل الممتنع أن يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم ما زعموا ; لأنه لو كان ذلك ، وكان أرباب أراضي الشام ، ومصر ، والعراق مسلمين ; فمن هم المخاطبون بأنهم يعودون كما بدءوا ومن المانع ما ذكر منعه .
هذا تخصيص منهم بالباطل وبما ليس في الخبر منه نص ولا دليل ، ولو قيل لهم : بل في قوله عليه السلام : { } دليل على سقوط الخراج وبطلانه ، إذ لو كان فيها خراج لذكره عليه السلام . والعجب أيضا إسقاطهم الجزية بهذا الخبر عن أهل الخراج فأسقطوا فرضين من فرائض الإسلام برأي صاحب ، وهذا عجب جدا . فيما سقت السماء العشر
وخالفوا ذلك الصاحب في هذه القضية نفسها ; لأنه قد صح عنه إيجاب الجزية مع الخراج ; فمرة يكون فعله حجة يخالف بها القرآن ، وهم مع ذلك كاذبون عليه ، فما روي عنه قط إسقاط الزكاة عما أصيب في أرض الخراج ; ومرة لا يرونه حجة أصلا ومعه الحق . فإن قالوا : إن الصحابة أجمعوا على أخذ الخراج قيل لهم : والصحابة أجمعوا على أخذ الزكاة قبل إجماعهم على الخراج ومعه وبعده بلا شك ; ولا عجب أعجب من إيجاب محمد بن الحسن إذا ملكها ، وإسقاط الزكاة عنه ، وإيجابه الزكاة على اليهودي والنصراني إذا ملكا أرض العشر ، وإسقاط الخراج عنهما وفاعل هذا متهم على الإسلام وأهله . [ ص: 56 ] الخراج على المسلم في أرض الخراج
وقالوا : لا يجتمع حقان في مال واحد . قال : كذبوا وأفكوا بل تجتمع حقوق لله تعالى في مال واحد ; ولو أنها ألف حق ، وما ندري من أين وقع لهم أنه لا يجتمع حقان في مال واحد ; وهم يوجبون الخمس في معادن الذهب والفضة والزكاة أيضا ; إما عند الحول ، وإما في ذلك الوقت إن كان بلغ حول ما عنده من الذهب والفضة ; ويوجبون أيضا الخراج في أرض المعدن إن كانت أرض خراج . أبو محمد
ومن عجائب الدنيا تغليبهم الخراج على الزكاة فأسقطوها به ، ثم غلبوا زكاة البر والشعير والتمر والماشية على زكاة التجارة ، فأسقطوها بها ; ثم غلبوا زكاة التجارة في الرقيق على زكاة الفطر ، فأسقطوها بها ; فمرة رأوا زكاة التجارة أوكد من الزكاة المفروضة ، ومرة رأوا الزكاة المفروضة أولى من زكاة التجارة .
: يرى أن يزكى ما زرع للتجارة زكاة التجارة لا الزكاة المفروضة . وذكرنا هذا لئلا يدعوا في ذلك إجماعا ، فهذا أخف شيء عليهم . وإن تناقض المالكيين والشافعيين لظاهر في إسقاطهم الزكاة عن عروض التجارة للزكاة المفروضة وإبقائهم إياها مع زكاة الفطر في الرقيق . والحسن بن حي
وكذلك أيضا - تناقض الحنيفيون إذ أثبتوا الإجارة والزكاة في أرض واحدة .
وممن صح عنه إيجاب الزكاة في الخارج من أرض الخراج : ، عمر بن عبد العزيز ، وابن أبي ليلى ، وابن شبرمة وشريك ، . وقال والحسن بن حي سفيان ، : إن فضل بعد الخراج خمسة أوسق فصاعدا ففيه الزكاة . ولا يحفظ عن أحد من وأحمد السلف مثل قول في ذلك . أبي حنيفة
والعجب كله من تمويههم بالثابت عن رضي الله عنه من قوله إذ أسلمت دهقانة نهر الملك إن اختارت أرضها أو أدت ما على أرضها فخلوا بينها وبين أرضها ، وإلا فخلوا بين المسلمين وأرضهم - وعن عمر نحو هذا . [ ص: 57 ] علي
وعن إنكار الدخول في أرض الخراج للمسلم . ابن عمر
وليت شعري هل عقل ذو عقل قط أن في شيء من هذا إسقاط الزكاة عما أخرجت الأرض . وهذا مكان لا يقابل إلا بالتعجب ، وحسبنا الله ونعم الوكيل . ويكفي من هذا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : { } فعم ولم يخص . فيما سقت السماء العشر
وأيضا فإن من البرهان على أن الزكاة على الرافع لا على الأرض إجماع الأمة على أنه إن أراد أن يعطي العشر من غير الذي أصاب في تلك الأرض لكان ذلك له ; ولم يجز إجباره على أن يعطي من عين ما أخرجت الأرض فصح أن الزكاة في ذمة المسلم الرافع ; لا في الأرض