757 - مسألة : ومن ففرض عليه الصوم ، صام الناس أو لم يصوموا ، وكذلك لو رآه هو وحده ، ولو صح عنده بخبر من يصدقه - من رجل واحد ، أو امرأة واحدة : عبد ، أو حر ، أو أمة ، أو حرة ، فصاعدا - أن الهلال قد رئي البارحة في آخر شعبان فليفطر ، [ ص: 374 ] أفطر الناس أو صاموا ; وكذلك لو رآه هو وحده ; فإن خشي في ذلك أذى فليستتر بذلك - : حدثنا صح عنده بخبر واحد أيضا - كما ذكرنا - فصاعدا : أن هلال شوال قد رئي عبد الله بن يوسف ثنا أحمد بن فتح ثنا عبد الوهاب بن عيسى ثنا ثنا أحمد بن محمد ثنا أحمد بن علي ثنا مسلم بن الحجاج يحيى بن يحيى : قرأت على عن مالك عن نافع { ابن عمر } . عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم : أنه ذكر رمضان فقال : لا تصوموا حتى تروا الهلال ، ولا تفطروا حتى تروه ، فإن غم عليكم فاقدروا له
وبه إلى : ثنا مسلم ابن المثنى ثنا ثنا محمد بن جعفر عن شعبة قال سمعت عمرو بن مرة أبا البختري عن { ابن عباس } . واختلف الناس في قبول خبر الواحد في ذلك - : فقال أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : فإن غم عليكم فأكملوا العدة ، أبو حنيفة بمثل قولنا في هلال رمضان ، ولم يجيزوا في هلال شوال إلا رجلين عدلين . قال والشافعي : وهذا تناقض ظاهر . وقال أبو محمد : لا أقبل في كليهما إلا رجلين عدلين . قال مالك : أما من فرق بين الهلالين فما نعلم لهم حجة . وأما قول أبو محمد فإنهم قاسوه على سائر الأحكام . قال مالك : والقياس كله باطل ; ثم لو كان حقا لكان هذا منه باطلا ; لأن الحقوق تختلف - : فمنها عند المالكيين ما يقبل فيها شاهد ويمين ، ومنها ما لا يقبل فيه إلا رجلان ، أو رجل وامرأتان . ومنها ما لا يقبل فيه إلا رجلان فقط . ومنها ما لا يقبل فيه إلا أربعة . [ ص: 375 ] ومنها ما يسمح فيه حتى يجيزوا فيه النصراني والفاسق ، كالعيوب في الطب ، فمن أين لهم أن يخصوا بعض هذه الحقوق دون بعض بقياس الشهادة في الهلال عليه . ونسألهم عن قرية ليس فيها إلا فساق ، أو أبو محمد نصارى ، أو نساء وفيهم عدل يضعف بصره عن رؤية الهلال ؟ قال : فأما نحن فخبر الكافة مقبول في ذلك ، وإن كانوا كفارا أو فساقا ; لأنه يوجب العلم ضرورة . فإن قالوا : قد أجمع الناس على قبول عدلين في ذلك ؟ قلنا : لا ، بل أبو محمد القاضي يقول : إن كان الجو صافيا لم أقبل في رؤية الهلال أقل من خمسين . فإن قالوا : كلامه ساقط ؟ قلنا : نعم ، وقياسكم أسقط . فإن قالوا : فمن أين أجزتم فيهما خبر الواحد ؟ قلنا : لأنه من الدين ; وقد صح في الدين قبول خبر الواحد ; فهو مقبول في كل مكان ، إلا حيث أمر الله تعالى بأن لا يقبل إلا عدد سماه لنا . وأيضا : فقد ذكرنا قبل هذا قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في أذان أبو يوسف { بلال ابن أم مكتوم } فأمر عليه السلام بالتزام الصيام بأذان كلوا واشربوا حتى يؤذن بالصبح ، وهو خبر واحد بأن الفجر قد تبين . وحدثنا ابن أم مكتوم عبد الله بن ربيع ثنا عمر بن عبد الملك ثنا محمد بن بكر ثنا أبو داود ثنا عبد الله بن عبد الرحمن السمرقندي ثنا عن مروان بن محمد عن عبد الله بن وهب يحيى بن عبد الله بن سالم عن أبي بكر بن نافع عن أبيه { نافع مولى ابن عمر قال : تراءى الناس الهلال ، فأخبرت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أني رأيته ، فصام وأمر الناس بصيامه ابن عمر } . وهذا خبر صحيح . وقد روينا من طريق عن أبي داود : ثنا الحسن بن علي ثنا حسين هو الجعفي - عن [ ص: 376 ] زائدة عن عن سماك عكرمة عن قال : { ابن عباس محمدا رسول الله ؟ قال : نعم ، قال : قم يا فأذن في الناس فليصوموا غدا بلال } . قال جاء أعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال ; إني رأيت الهلال - يعني رمضان فقال : أتشهد أن لا إله إلا الله ؟ قال : نعم ، قال ; أتشهد أن : رواية أبو محمد لا نحتج بها ولا نقبلها منهم ، وهم قد احتجوا بها في أخذ الدنانير من الدراهم ، فيلزمهم أن يأخذوها هاهنا ، وإلا فهم متلاعبون في الدين ؟ فإن تعلق من فرق بين هلال رمضان وهلال شوال بهذين الخبرين ، وقال : لم يرد إلا في هلال رمضان ؟ قلنا : ولا جاء نص قط بالمنع من ذلك في هلال رمضان ، وأنتم أصحاب قياس ، فهلا قستم هلال شوال على هلال رمضان ؟ فإن قالوا : إن الشاهد في هلال رمضان لا يجر إلى نفسه ، والشاهد في هلال شوال يجر إلى نفسه ؟ قلنا : فردوا بهذا الظن بعينه شهادة الشاهدين في شوال أيضا ; لأنهما يجران إلى أنفسهما ، كما تفعلون في سائر الحقوق . وأيضا : فإن من يكذب في مثل هذا لا يبالي قبل أو رد ؟ ونقول لهم : إذا صمتم بشهادة واحد ; فغم الهلال بعد الثلاثين ، أتصومون أحدا وثلاثين ؟ فهذه طامة ، وشريعة ليست من دين الله تعالى أم تفطرون عند تمام الثلاثين وإن لم تروا الهلال ؟ فقد أفطرتم بشهادة واحد وتناقضتم وبالله تعالى التوفيق . سماك
قال : فإن شغبوا بما روينا من طريق أبو محمد : ثنا عباد بن العوام أبو مالك الأشجعي ثنا حسين بن الحارث الجدلي - جديلة قيس { مكة وهو الحارث بن حاطب خطب فقال : عهد إلينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن ننسك لرؤيته ، فإن لم نره وشهد شاهدا عدل نسكنا بشهادتهما } . [ ص: 377 ] وبما روينا من طريق : أن أمير قال : { أبي عثمان النهدي } . قدم على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أعرابيان فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أمسلمان أنتما ؟ قالا : نعم فأمر الناس فأفطروا أو صاموا
وعن الحارث عن : إذا شهد رجلان على رؤية الهلال أفطروا . وعن علي عمرو بن دينار قال : أبي عثمان أن يجيز شهادة أو غيره على رؤية الهلال . هاشم بن عتبة
وعن عن عبد الرزاق عن معمر عن الأعمش أبي وائل قال : كتب إلينا - ونحن عمر بخانقين : إذا رأيتم الهلال نهارا فلا تفطروا حتى يشهد رجلان : لرأياه بالأمس . ؟ قلنا : أما حديث الحارث بن حاطب فإن راويه حسين بن الحارث وهو مجهول ; ثم لو صح لم يكن فيه حجة ، لأنه ليس فيه إلا قبوله اثنين ، ونحن لا ننكر هذا ، وليس فيه أن لا يقبل واحد ؟ وكذلك حديث أبي عثمان ، على أنه مرسل . وكذا القول في فعل سواء سواء . وقد يمكن أن يكون علي رضي الله عنه إنما رد شهادة عثمان لأنه لم يرضه ; لا لأنه واحد ; ولقد كان هاشم بن عتبة هاشم أحد المجلبين على عثمان رضي الله عنه . وأما خبر : فقد صح عن عمر في هذا خلاف ذلك ، كما روينا من طريق عمر عن محمد بن جعفر عن شعبة أبي عبد الأعلى الثعلبي عن أبيه عن عن عبد الرحمن بن أبي ليلى : أن البراء بن عازب كان ينظر إلى الهلال ، فرآه رجل ، فقال عمر بن الخطاب : يكفي المسلمين أحدهم ; فأمرهم فأفطروا أو صاموا - فهذا عمر بحضرة الصحابة ؟ [ ص: 378 ] وقد روينا أيضا : - عن عمر رضي الله عنه مثل هذا ; وبه يقول علي بن أبي طالب . وأما قولنا : أنه يبنى على رؤيته فقد روينا عن أبو ثور خلاف ذلك ; وهو أن من رآه وحده في استهلال رمضان فلا يصم ، ومن رآه وحده في استهلال شوال فلا يفطر - وبه يقول عمر الحسن - : روينا ذلك من طريق عن معمر : أن رجلين رأيا الهلال في سفر ; فقدما أبي قلابة المدينة ضحى الغد ، فأخبرا ، فقال لأحدهما : أصائم أنت ؟ قال : نعم ، كرهت أن يكون الناس صياما وأنا مفطر ، كرهت الخلاف عليهم ، وقال للآخر : فأنت ؟ قال : أصبحت مفطرا ; لأني رأيت الهلال ، فقال له عمر : لولا هذا - يعني الذي صام - لأوجعنا رأسك ، ورددنا شهادتك ; ثم أمر الناس فأفطروا . ومن طريق عمر : أخبرت عن ابن جريج معاذ بن عبد الرحمن التيمي : أن رجلا قال : إني رأيت هلال رمضان ، قال : أرآه معك أحد ؟ قال : لا قال : فكيف صنعت ؟ قال : صمت بصيام الناس ، فقال لعمر : يا لك فيها . وهو قول عمر : قال عطاء : ينبغي لمن قلد أبو محمد فيما يدعونه من مخالفة { عمر } وتحريم المنكوحة في العدة - : أن يقلده هاهنا . البيعان بالخيار ما لم يتفرقا
قال ، أبو حنيفة : يصوم إن رآه وحده ، ولا يفطر إن رآه وحده وهذا تناقض وقال ومالك كما قلنا ؟ وخصومنا لا يقولون بهذا ولا نقول به ; لأن الله تعالى قال : { الشافعي لا تكلف إلا نفسك } .
وقال تعالى : { ولا تكسب كل نفس إلا عليها } . وقال تعالى : { فمن شهد منكم الشهر فليصمه } فمن رآه فقد شهده . وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم { } . صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته