[ ص: 208 ] مسألة :
قال : أبو محمد فقد بطل إحرامه ، وحجه ، وعمرته ، لقول الله تعالى : { وكل فسوق تعمده المحرم ذاكرا لإحرامه فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج } فصح أن من تعمد الفسوق ذاكرا لحجه ، أو عمرته ، فلم يحج كما أمر ، وقد أخبر عليه السلام : { } . أن العمرة دخلت في الحج إلى يوم القيامة
وقال عليه السلام : { } . من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد
ومن عجائب الدنيا : أن الآية وردت كما تلونا فأبطلوا الحج بالرفث ولم يبطلوه بالفسوق ; وأعجب من هذا : أن قال : من وطئ في إحرامه - ناسيا غير عامد ولا ذاكر لأنه محرم - امرأته التي أباح الله تعالى له وطأها قبل الإحرام أو بعده فقد بطل حجه ; فلو أبا حنيفة فحجه تام وإحرامه مبرور - فأف لهذا القول عدد الرمل ، والحصى ، والتراب ؟ فإن قالوا : إنما يبطل إحرامه بأن يأتي ما حرم في حال الإحرام فقط ، لا بما هو حرام قبل الإحرام ، وفي الإحرام وبعد الإحرام ؟ قلنا : وعن هذا التقسيم الفاسد سألناكم ؟ ولا حجة لكم فيه ، وأنتم تبطلون الصلاة بكل عمل محرم ، قبلها ، وفيها ، وبعدها ، كما تبطلونها بما حرم فيها فقط . تعمد اللياطة بذكر ، أو أن يلاط به ذاكرا لإحرامه
وقد نقضتم هذا الأصل الفاسد فلم تبطلوا الإحرام بتعمد لباس ما حرم فيه مما هو حلال قبله وبعده ، فقد أبطلتم هذا التقسيم الفاسد فأين القياس الذي تنتسبون إليه بزعمكم ؟ والله تعالى قد أكد الحج وخصه بتحريم الفسوق فيه ، كما خصه بتحريم الرفث فيه ولا فرق ؟ أخبرنا محمد بن الحسن بن عبد الوارث الرازي نا عبد الرحمن بن عمر بن محمد بن النحاس بمصر نا أبو سعيد بن الأعرابي نا عبيد بن غنام بن حفص بن غياث النخعي نا محمد بن عبد الله بن نمير نا أحمد بن بشر عن عبد السلام بن عبد الله بن جابر الأحمسي عن أبيه عن زينب بنت جابر الأحمسية { } . أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها في امرأة حجت معها مصمتة : قولي لها : تتكلم فإنه لا حج لمن لم يتكلم
وقد ذكرنا رواية أحمد بن شعيب عن نوح بن حبيب القومسي { } . أن رسول الله صلى الله عليه وسلم . أمر الذي أحرم في جبة أن يجدد إحراما
[ ص: 209 ] قال : ولا سبيل لهم إلى أن يوجدوا عن أحد من الصحابة رضي الله عنهم أن الفسوق لا يبطل الإحرام ; وأما من أبو محمد فإنه لا يبطل بذلك إحرامه ; لأنه لم يقصد إبطاله ولا أتى بإحرامه بخلاف ما أمر به عامدا - وبالله تعالى التوفيق . فسق غير ذاكر لإحرامه